كلمة عمان

أبحاث من أجل المستقبل

13 يونيو 2017
13 يونيو 2017

يكاد يكون التحدي الأساسي في عالم اليوم بالنسبة لتطور أي دولة يقوم على كيفية تطوير وتنمية الكوادر البشرية، ولكن هذا التحدي مرهون أيضا بالتأهيل النوعي في عالم بات أكثر تعقيدا من ذي قبل، بحيث إن متطلبات العصر الراهن أصبحت دقيقة جدا، تتطلب من صناع القرار الاقتراب بشكل أفضل من جملة ما يستلزمه السياق الجديد للحياة الإنسانية.

وفي هذا الإطار فثمة أمور يجب أن توضع في الاعتبار من الاهتمام بكيفية بناء المجتمع الابتكاري، وتعزيز قدرات الأجيال الجديدة في استنطاق المحتوى الثقافي المحلي في تقاطعه مع المضامين الكوكبية للحضارة البشرية ككل.

فالإنسان المعاصر هو نتاج هذا التشابك المعقد والثري في الوقت نفسه بين المحلي والعالمي، بين الذات والآخر، أو بين ما يمكن لي أن أفهمه أوأنتجه أوأصنعه وما يمكن أن يقدمه له الآخرون، وغاية الإبداع في توليد الربط الذكي بين هذا وذاك.

ولعل المرحلة الحالية من الاتجاه نحو التنويع الاقتصادي في بناء السياسات التنمية الشاملة والمستدامة، تحتاج إلى المزيد من حفز دور الإنسان كمحور للبناء بالمفاهيم المركزية لفكر الدولة وسياستها في رؤية مجمل التصورات للرفاهية والنماء والازدهار وغيرها من هذه المعاني، بحيث نتمكن من الحصول على نتائج إيجابية على كافة المستويات وعلى المدى البعيد من حيث توازن القيم والرؤى مع المحصلات في شكل صناعات ومشروعات وعوائد مادية مترتبة عنها. وفي هذا الإطار ومجملا، نشير إلى مشروع جامعة السلطان قابوس في إنشاء مركز لأبحاث الطاقة المستدامة وآخر لأبحاث النانو، وهي من جملة الأفكار التي تصب في هذا المسار المستقبلي المطلوب في إدماج التطوير والتحديث فيما يتطلبه العصر، وتحفيز الشباب والأجيال الصاعدة على المضي قدما نحو وعي الذات من خلال ما يمكن أن تقترحه من أفكار للحياة الأفضل، وهذا لا يكون إلا وليد هذه المواءمة المطلوبة دوما من تأليف بين العلوم والواقع والمستقبل.

إن غاية الأبحاث والعلوم في تفاعلها مع الاقتصاد ليست هي المسألة المادية لحالها، بل هي أبعد من ذلك من تكييف وبناء عام للمجتمع وحفزه نحو التنافس وإعادة صياغة موضوعاته في الحياة بشكل متجدد وحيوي، يستوفي كافة الشروط التي تلازم كل مرحلة جديدة من مراحل الحراك الكوني.

وهذه الغاية بلا شك تأتي مشفوعة بالنظر إلى قيمة العيش في حد ذاتها، كيف يتسنى للإنسان أن يعيش بشكل إيجابي وكريم ومتجدد من حيث الأهداف التي تواكب التطور الإنساني، في ظل الاحتفاظ بالجوهر والمبادئ الأساسية للمجتمع التي تشكّل رواسخه وقيمه الأصيلة والجذور العميقة لما يعتقد فيه ويؤمن به ويحرص عليه من معان روحانية وإنسانية متداخلة ومتعايشة في الذات المتوازنة التي تقوم على التفاهم والإخاء والتعايش السلمي وتفكر في الإبداع والإنتاج والمبتكر.