العرب والعالم

مستشفيات اليمن تخوض معركة خاسرة

13 يونيو 2017
13 يونيو 2017

صنعاء - (أ ف ب): يستقبل مستشفى السبعين في صنعاء كل دقيقة مريضا واحدا على الأقل مصابا بالكوليرا التي اجتاحت اليمن الغارق في نزاع مسلح، متسببة بوفاة 923 شخصا ومهددة حياة 124 ألف شخص آخر.

وبعدما فاقت أعداد المرضى قدرة المستشفى على الاستيعاب، لجأ المسؤولون فيها على غرار مستشفيات أخرى، لنصب خيام في محيطها، بينما اكتظت أروقة المبنى الرئيسي بالمرضى الذين افترش بعضهم الأرض.

وقال الطبيب إسماعيل المنصوري لوكالة فرانس برس «استقبلنا عددا كبيرا جدا من المرضى، ومنذ أسبوعين نستقبل في الدقيقة الواحدة من حالة واحدة إلى حالتين إلى ثلاث حالات». وفي مركز مكافحة الكوليرا في المدينة، حذر الطبيب ماهر الحداء من «ارتفاع مخيف جدا في أعداد الحالات، حتى وصلنا إلى أن نستقبل في اليوم الواحد ما يزيد عن 300 حالة، بينهم أطفال ونساء».

في بلد يعاني مراكزه الصحية من نقص في المستلزمات، تزيد الكوليرا من معاناة اليمنيين الذين يدفعون منذ 2014 الثمن الأكبر للنزاع بين (أنصار الله) والقوات الحكومية.

ويسيطر (أنصار الله) على العاصمة صنعاء منذ سبتمبر 2014. وشهد النزاع تصعيدا مع بدء تدخل تحالف عسكري عربي في مارس 2015 بعدما تمكّن (أنصار الله) من السيطرة على أجزاء كبيرة من البلد.

وساهمت أزمة نفايات تسبب بها إضراب نفذه عمال النظافة للمطالبة بالحصول على أجورهم، في تفشي الكوليرا. وارتفعت أكوام القمامة في الشوارع حيث اضطر السكان إلى ارتداء الأقنعة بسبب الروائح الناجمة عن تعفن النفايات.

منذ نهاية أبريل، اجتاحت الكوليرا 20 من مجمل محافظات اليمن والبالغ عددها 22، وأدت في نحو ستة أسابيع الى وفاة 923 شخصا وإصابة 124 ألف شخص آخر، بحسب آخر إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف». وقالت المنظمة إن الأطفال يشكلون ربع الوفيات ونصف أعداد المصابين.

وهي المرة الثانية التي تنتشر فيها الكوليرا خلال أقل من عام في اليمن، الدولة الأكثر فقرا في شبه الجزيرة العربية، اذ تسببت بين أكتوبر العام الماضي ومارس 2017 بوفاة 145 شخصا. ويتسبب وباء الكوليرا الشديد العدوى بإسهال حاد وينتقل من طريق المياه أو الأطعمة الملوثة، وقد يؤدي إلى الوفاة إن تعذرت معالجته.

وتقول الأمم المتحدة إن أعداد الإصابات ترتفع بوتيرة «غير مسبوقة»، وتحذر من أن الوضع قد يزداد سوءا خلال موسم الأمطار وفي ظل النقص الحاد في المستلزمات الطبية بفعل النزاع.

وكانت منظمة الصحة العالمية عبرت في 19 مايو عن خشيتها من إصابة 250 الف شخص بالكوليرا مع أن أعداد المصابين آنذاك كانت تبلغ نحو 23 ألف حالة.

ورغم أن الكوليرا تفشت بداية في المناطق التي يسيطر عليها (أنصار الله)، إلا أنها سرعان ما انتقلت الى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، وبينها عدن في الجنوب حيث أعلنت مصادر طبية عن وفاة 27 شخصا وإصابة نحو ثلاثة آلاف شخص آخر.

وأوضح ماجد الداري مدير قسم الكوليرا في مستشفى الصداقة في عدن أن القسم استقبل «اكثر من ثلاثة آلاف حالة يشتبه بإصابتها بالكوليرا، بينها 200 حالة وصلوا في الأيام الأخيرة». وتجد الكوليرا في اليمن أرضا خصبة للانتشار مع استمرار النزاع المسلح والنقص في المستلزمات.

في محافظة اب قرب صنعاء، يشكو عمار من القمامة التي تتكدس في حوار منزله والمجاري التي تطفح في شوارع الحي. ويقول «هذا ما أدى الى انتشار مرض الكوليرا في هذا الحي».

في أحد أحياء عدن جنوبا، تحولت بقعتان من المياه الراكدة السوداء التي تفوح منها رائحة كريهة الى وكرين للذباب والحشرات التي تنقل الأمراض المعادية.

وقالت أم هشام مديرة إحدى مدارس المدينة «نخشى تفشي المرض. الناس فقراء ولا يملكون الوسائل اللازمة للعلاج والذهاب» الى المستشفى.

مازن الصياد، الأب الذي يسكن في إحدى قرى محافظة لحج شمال عدن، تمكن من إنقاذ والدته بعدما اقلها في سيارته متوجها بها الى مستشفى الصداقة في عدن. وقال «أنقذت أمي من الموت فقط لأنني أملك سيارة. هناك آخرون يموتون في مكانهم».