tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار :تسهيل إجراءات وخدمات؟

12 يونيو 2017
12 يونيو 2017

د.طاهرة اللواتية -

[email protected] -

نشر قبل فترة تحقيق موسع في صحيفة عمان عن الكتب الإثرائية التربوية التي انتشرت في السوق بكثرة بعناوين وسلاسل عديدة وكثيرة، وقد طالب أصحابها وزارة التربية أن تقوم بمتابعة هذه الكتب وإقرارها، وكان رد الوزارة أنها لا ترغب في متابعة هذه الكتب لكثرتها، وتفضل أن تصرف جهدها في أمور أكثر أهمية.

وهو رد منطقي جدا وطبيعي، فصرف جهد الوزارة على هذه الكتب لا معنى له، فهي قد أنشأت المناهج الدراسية ودربت المعلمين الذين يقومون بتدريسها في مدارسها، ولديها عمل كثير تقوم به غير متابعة هذه الكتب، وهي في الوقت نفسه لم تطالب بإيقافها أو منعها أو محاربتها.

وهو موقف محمود دأبت عليه الوزارة منذ وقت طويل عندما ظهرت هذه الكتب لأول مرة، فالموضوع يرجع للطالب وولي الأمر إذا كانا راغبين في اقتناء هذه الكتب واستخدامها.

إن الذي جعل الوزارة تنحو إلى هذا الاتجاه هو إدراكها بما يشغلها من عمل تربوي استراتيجي وأساس ومهم، لذا نراها أيضا لا تشترط ما ينفر القطاع الخاص في مجال الاستشارات التربوية.

وهو ما نتمنى أن تنحو نحوه بعض الوزارات الخدمية الأخرى، فنلاحظ مثلا أن وزارة القوى العاملة تتعامل مع البرامج التدريبية القصيرة التي تقل عن ٣٠ ساعة، وتقدمها لمكاتب التدريب الخاصة، وكأنها مناهج دراسية متكاملة، أو دبلومات متخصصة، فلا تعطي الموافقة على تنفيذها إلا بشروط ومحددات وإجراءات تمتد إلى الوزارات الأخرى، فإذا كان برنامجا أسريا فيجب أن تتابعه وزارة التنمية، وإذا كان تربويا فيجب أن تتابعه وزارة التربية، وإذا كان إعلاميا فيجب أن تتابعه وزارة الإعلام، وهو أمر في غاية الصعوبة والتعقيد، وخاصة لبرامج لا تتعدى ثلاثين ساعة، فتقنين هذه البرامج ليس بحاجة إلى هذه الإجراءات والجهد الكبير المصروف عليها من وزارة القوى العاملة ووزارات أخرى لمتابعة المعلومات فيها، فهناك آلاف البرامج القصيرة الجديدة كل عام جديد، فهل لدى هذه الوزارات كل هذا الوقت والكادر لمتابعة معلومات هذه البرامج؟ إن تقنين هذه البرامج ضروري جدا حتى لا تتحول إلى فوضى، ولكنه يحتاج فقط إلى شروط بنيوية محددة تكون لدى الدائرة المعنية في وزارة القوى العاملة، بحيث تحقق هذه البرامج هذه الشروط، وإلا فإن مجال المعلومات واسع وكبير وممتد، ومستحيل متابعته إلا بتفريغ كوادر كبيرة في الوزارات التي تحيل إليها البرامج.

ويذكرنا الأمر بموضوع آخر هو إنشاء مراكز الاستشارات الأسرية الخاصة، وهو ضروري لتخفيف الضغط الكبير والشديد على مركز الإرشاد الأسري التابع لوزارة التنمية الاجتماعية، ولكن نظرة واحدة على لائحة إنشاء مراكز الإرشاد الأسري نجد أن لا تتصل فقط بكفاءة من يقدم الإرشاد الأسري، وهو شيء مهم وضروري ونؤيده جدا، وإنما تمتد إلى شروط أخرى عديدة وكثيرة، حيث تصعب عملية فتح مراكز الإرشاد الأسري خاصة، مما يشجع على إحجام القطاع الخاص عن تقديم هذه الخدمة ومؤازرة جهود الوزارة، والتخفيف عن كاهلها.

أستخلص من ذلك أن مرونة الوزارات الخدمية تساعد القطاع الخاص كي يكون شريكا لهذه الوزارات في تقديم الخدمة، وأن يحمل عنها بعض العبء؛ كي تركز الوزارات على أدوارها الأساسية والاستراتيجية التي أنشأت لأجلها، وفي النهاية فإن التفتيش على القطاع الخاص للتأكد من سلامة تقديم الخدمة إجراء يحفظ للوزارة حقها في متابعة الخدمة وسلامة تقديمها.