salem
salem
أعمدة

نوافـذ :ابحثوا عن الله بين الفقراء

12 يونيو 2017
12 يونيو 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

يمنح رمضان مساحة أكبر وأشمل للباحثين عن فعل الخير ومد يد العطاء للمحتاجين من أبناء المجتمع وعددهم يتزايد ليس فقط في مجتمعنا، بل في المجتمعات العربية والإسلامية.

الباحثون هؤلاء عن فعل الخير ينتظرون شهر المكارم والعبادة كل عام أملا في حسنة تضاف إلى حسابهم، وطمعا في كرم رباني لما يقدموه للناس، وإدراكا منهم أن هناك من يحتاج اللقمة والكسوة وسد العوز ومتطلبات الحياة التي ترهق ذوي الدخل المحدود مع ارتفاع الأسعار بشكل مستمر، فهم مسكونون بهمّ البحث عن المحتاجين.

وإن كانت أوجه العطاء في الحياة متعددة لكنها لها ترتيبات بين فعل وآخر، ويتصدر مشهد احتياج الإنسان كل أفعال الخير قبل بناء الجوامع وغيرها. وليس أبلغ للدلالة على ذلك من قول الإمام عبد القادر الجيلاني رحمة الله عليه عندما خطب في الناس ذات مرة بقوله  لهم: «لقمة في بطن جائع خير من بناء ألف جامع، وخير ممن كسا الكعبة وألبسها البراقع، وخير ممن قام لله بين ساجد وراكع، وخير ممن جاهد للكفر بسيف مهند قاطع، وخير ممن صام الدهر والحر واقع، فيـا بشرى لمن أطعم الجائع».

نعم إن توفير اللقمة لأخيك واجب عليك أيها المقتدر، أكنت من الباحثين عن الله في أوجه الفقراء أو ميسرا، لأن التقرب إلى الله يكمن في سد حاجه إنسان يعيش قريبا من دارك أو حيك أو مدينتك أو دولتك أو خارج حدودها، فهو الأوجب شرعا في قضاء حاجته، وأكثر من بناء جامع يؤمه المصلون كل فرض، فما أعظم هذا الدين الذي ينسج خيوط الرحمة والألفة بين المعسرين والقادرين على العطاء قبل أي شيء.

إذا أردت أن تلقى وجه الله سليما فعليك أن تبحث عن الفقراء الذين لا يملكون لقمة يومهم من الطعام، والذين لا يجدون ما يلبسون، وينتظرون الفرحة في العيد، ويشتاقون إليه. البحث عن الذين لا يتوفر لهم مسكن يؤويهم أو أجهزة تبرد عليهم حرارة الصيف، أو من لا يملك شربة ماء باردة، و من لا يملكون وسيلة نقل أو تجهيز أبنائهم للمدارس، والذين لا يتوفر لديهم ماء للشرب.

علينا أن نبحث عن هذه الفئة المعدومة في طرقاتنا وحاراتنا ومدننا، إلى الذين تعففوا ولم يمدوا أيديهم إلى الغير على أرصفة الطرقات، إلى من حاول أن يستر أحواله تحت الظروف القاسية.

في بلاد الله، والمسلمون خاصة هناك منهم من هو محتاج إلى قطرة ماء وقطعة خبز وقماش يستره ومكان يأويه، ومن المشاهد ما يقشعر لها الأبدان لإخوة لنا لا يملكون مأوى لهم سوى ظل الأشجار، أو غطاء يفترشونه لتنام عليه كل العائلة حتى الصباح، فهناك من لا يملك قوت يومه ولا شرابه ولا مسكنه.

نحتاج أن نذهب لهم وأن نفتش نحن عنهم، وأن نقدم لهم دون مِنّة ما يمكنهم من الاستمرار في الحياة، فظروفهم أوجدتهم في هذا الوضع، فليس هناك من يختار مستوى معيشته، وإنما الجميع يفرض عليه ذلك المستوى أو ذاك.

علينا أن نفتش عن الله بين أوجه الفقراء وكبار السن والعجزة والمرضى خاصة الذين لا يملكون فوق عدمهم الصحة ومن قست عليهم الحياة وأنهكتهم، وهم يقضون سنوات عمرهم يبحثون عن السعادة. في هذا الوطن بالذات هناك من المبادرات الفردية والجماعية الكثير، منها من ينشد فيها وجه الله خالصا، فهم دائمو البحث عن المحتاجين أينما وجدوا.

وهناك من الجهود التي تبذل وتعد محل اعتزاز وفخر لكل عماني، فتحية لأولئك الذين يزرعون الطرقات أملا، ويقطعون المسافات طمعا في البحث عن المستحقين للدعم والمساندة، وهمهم إسعاد الآخرين وغرس البهجة في نفوس المحتاجين، تحية للذين وهبوا أنفسهم من أجل الآخرين طوال العام وليس في رمضان فقط.