المنوعات

«بارتينون الكتب» منشأة ضخمة للتنديد بالرقابة الأدبية

11 يونيو 2017
11 يونيو 2017

كاسل (ألمانيا) - (أ ف ب): أقيم في وسط مدينة كاسيل الريفية الألمانية نصب ضخم شبيه بهياكل أكروبوليس الشهيرة في أثينا لكن أعمدته ليست من الرخام بل من كتب كانت ممنوعة في مكان ما من العالم، في عمل يرمي للتنديد بالرقابة الأدبية.

وتشكل هذه المنشأة الفنية الضخمة المسماة «بارتينون الكتب» المعلم الأبرز ضمن فعاليات ملتقى «دوكومنتا» العريق للفن المعاصر الذي يقام بواقع مرة كل خمس سنوات في كاسيل.

ويراد من هذا العمل اللافت الذي صممته الفنانة التشكيلية الأرجنتينية مارتا مينوخين وأقيم في إحدى الساحات الرئيسية لهذه المدينة الواقعة في وسط ألمانيا، أن يشكل صرخة ضد الرقابة بكل أشكالها.

كذلك تصف الفنانة البالغة من العمر 74 عاما والتي تعتبر من رموز حركة فن البوب (بوب آرت) في أمريكا الجنوبية، هذا العمل بأنه «الأكثر سياسية» من كل نتاجها الفني.

وقبيل افتتاح ملتقى «دوكومنتا»، جهد فريق من المتطوعين على وضع اللمسات الأخيرة على هذا المعبد المؤقت. وفي فيء شجرة زيتون داخل حوض، تقبع نسخة من رواية «الدائرة الأولى» للكاتب السوفييتي المعارض ألكسندر سولجنيتسين بانتظار وضعها على النصب. وخلال بضع دقائق، يتم نقلها بواسطة الرافعة إلى وجهتها في أعلى أحد الأعمدة الـ46 لهذا المعلم المشكل من شبكة معدنية مرصوفة بالكتب.

وستنضم رواية الكاتب الروسي إلى أعمال أدبية أخرى بينها الكتاب المقدس و«ذي جرايت جاتسبي» ومغامرات توم سويير وشرلوك هولمز، إضافة إلى الكتاب المقدّس.

وتطول قائمة الكتب التي طالها مقص الرقابة في يوم من الأيام.

وكل الكتب موضوعة في جيب من البلاستيك لحمايتها من تقلبات الطقس.

ثم يتم تثبيتها على شبكة معدنية تشكل استعادة أمينة لشكل التحفة الهندسية اليونانية المشيدة في القرن الخامس قبل الميلاد.

ويوضح بيار بال بلان وهو أحد مفوضي المعرض لوكالة فرانس برس أن «العمل له المقاسات عينها لمعلم بارتينون أي أنه بطول 70 مترا وعرض 31 مترا وعلو عشرة أمتار».

وقد أوضح هذا الفرنسي أن المنشأة الفنية المقامة في ساحة فريدريتشبلاتز في كاسيل «تستعيد موقع» البارتينون على هضبة أكروبوليس في أثينا.

وقد شيد معلم «بارتينون الكتب» في الموقع نفسه الذي شهد سنة 1933 إحراق كتب لروائيين يهود أو ماركسيين خلال حكم النازية.

وليست استعادة «دوكومنتا» للمعالم التاريخية اليونانية وليدة صدفة.

فهذا الحدث العالمي الرئيسي على صعيد الفن المعاصر الذي استقطب 905 آلاف زائر في دورته الماضية سنة 2012 انتقل للمرة الأولى في هذه الدورة الرابعة عشرة إلى مدينة أخرى هي أثينا. فمنذ الثامن من أبريل، تشهد العاصمة اليونانية سلسلة معارض وحفلات وعروض سينمائية وأنشطة فنية مختلفة متصلة بهذا الحدث. وقد أعد تسعة عشر طالبا من جامعة كاسل القائمة الدقيقة للكتب المحظورة.

وهذا العمل كان مضنيا إذ تم إحصاء 70 ألف كتاب «منذ الإصلاح البروتستانتي قبل خمسة قرون مرورا بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا»، على ما يقول مؤرخ الفنون فلوريان جاسنر.

والتأكيد على أن كتابا كان ضحية للرقابة ليس بالمهمة السهلة دائما. «ففي ألمانيا الشرقية السابقة على سبيل المثال، لم تكن هناك قائمة معدة من السلطات.

وما كان يحصل هو أنه عندما كان كاتب يريد طبع عمله كان يجد فجأة أن الورق قد نفد» وفق جاسنر. وفي المحصلة، رسا الاختيار على 170 كتابا لوضعها ضمن هذا النصب.

وقد أطلقت الفنانة مارتا مينويين نداء لجمع آلاف النسخ خصوصا من كتب «دافينشي كود» و«الأمير الصغير» و«أزهار الشر». والهدف يكمن في جمع مائة ألف كتاب.

غير أن هذا النصب لا يضم ضمن الكتب المعروضة فيه عمل «ماين كامف» (كفاحي) للزعيم النازي أدولف هتلر إذ أن القائمين على المعرض منعوه كما حظروا معه كل الأعمال التي تحض على الكراهية العرقية.

وقد انطلقت فعاليات «دوكومنتا» أمس الأول وتستمر حتى 17 من شهر سبتمبر المقبل.

وبعدها ستوزع الكتب المستخدمة في هذا الحدث على العموم وسيفكك نصب «بارتينون الكتب».