1032873
1032873
المنوعات

خطاط لبناني يعلن الانتهاء من كتابة أول مصحف بالخط «الديواني»

09 يونيو 2017
09 يونيو 2017

بيروت «الأناضول»:- بعد رحلة نصف قرن في عالم الخطوط، لعل أبرز إنجازات الخطاط اللبناني، «محمود بعيون» الشهير، هو إكماله قبل أيام كتابة «المصحف الشريف» بالخط الديواني، وهو ما استغرق عاما ونصف العام ، ليصبح، على حد قوله، «أول مصحف ينسخ في لبنان بالخط الديواني». «بعيون» (81 عاما) مضى قائلا للأناضول: «تأثرت جدا بالمدرسة التركية، التي تتميز بخط الثلث (خط عربي ظهر لأول مرة في القرن الرابع الهجري ويكتب بقلم بسُمْك ثلث قطر القلم)، وهو من أروع فنون التخطيط، بجانب الخط الديواني، الذي أخذه الأتراك من خط الرقعة، وأضافوا عليه لمسات جمالية تركية، وأبدعوا به، وقد سميّ بالديواني نسبة إلى الدواوين والقصور التي كان يكتب فيها».

وخط الرقعة هو خط عربي حديث ابتكره العثمانيون، يتسّم بسهولة قراءته وسرعة كتابته وبعده عن التعقيد، وهو معروف بحروفه القصيرة المتقطعة المستقيمة وانحناءات بسيطة أغلبها يكون شبه مستقيم . ويسترجع «بعيون»، الذي يمارس فنه في مقر له بالعاصمة بيروت، ذكرياته مع الخطاط التركي حسن جلبي، الذي تعرّف عليه عام 2005 خلال مشاركتهما في معرض عن الخطوط في إيران، وأصبحا صديقين مقربين، قائلا: «أنا معجب جدا بأسلوب الجلبي خاصة، وبالأسلوب التركي عامة، لا سيما أن الخطين الثلث والديواني من أكثر الخطوط انتشارا في العالم العربي، لكن تركيا تميّزت بهذين الخطين على طريقتها».

الخطوط العربية ويشرح الخطاط اللبناني أنواع الخطوط العربية بقوله: «في الأساس كان هناك 6 أنواع وهي: الرقعة، وهو من أبسط الخطوط والخطوة الأولى لتعليم أصول التخطيط العربي، والنسخي الذي كتب به القرآن الكريم، والفارسي رغم أنه ليس عربيا لكنه موجود في الشرق الأوسط وتأثر به العرب، فدخل على المنهج التخطيطي العربي».

ويمضي موضحا: «وكذلك الخط الديواني (سمي بالديواني أو السلطاني نسبة إلى ديوان السلطان العثماني، حيث كان يستعمل هذا الخط في كتابة المراسلات السلطانية ولهذا الخط جماليته التي يستمدها من حروفه المستديرة والمتداخلة)، والثلث، والخط الكوفي الذي انطلق من العراق وتطور مع الأتراك، ومن ثم أضيف عليه بعض الجماليات في مصر». ويتابع «بعيون»: «مع الوقت طوّر العرب في مصر الخط الديواني، وتم إدغامه مع الخط الكوفي، ليخرج من هذا التمازج الخط الديواني الجلّي، فأضيف هذا النوع على الخطوط الأساسية الستة، ومن ثم أخذوا من خط الثلث ومن خط النسخي، وتم مزجهما، فخرجوا بخط جديد أطلق عليه اسم إجازة، ليصبح عدد الخطوط العربية 8». ويشير إلى أنّ أكثر الخطوط انتشارا في العالم العربي هو «النسخي»، الذي ينتشر جدا في السعودية وسوريا.

نُسخ متعددة وعن ولعه بـ«فن التخطيط» يقول الخطاط اللبناني: «خلال السفريات كنت أقصد الخطاطين في العالم للتعلّم منهم والإطلاع على طريقتهم في رسم الخط ، وبعد ذلك دخلت مجال المعارض، وشاركت في العديد منها بلبنان والعالم، وأول إنجاز مهم في حياتي كان رسم وتخطيط شعار شركة الشرق الأوسط للطيران اللبنانية عام 1951، وبعدها بعامين رسمت الشعار الجديد للشركة». ويضيف «بعيون»: «بعد إنجازات متعددة قررت قبل 17 عاما، وبعد عودتي من أداء فريضة الحج، كتابة المصحف الشريف، وبدأت بسورة ياسين، كنوع من التجربة، فوجدت نفسي قادرا على المتابعة، وأكملت مهمتي حتى الانتهاء منه كلّيا عام 2001». وعن نوع الخط الذي استخدمه يوضح: «استخدمت الخط النسخي (يجمع بين الرصانة والبساطة لكثرة استعماله في نسخ الكتب ونقلها وقد كتبت به المصاحف منذ العصور الإسلامية الأولى، ويمتاز بإيضاح الحروف وإظهار جمالها وروعتها)».

ويتابع «وفي غضون 3 سنوات انتهيت منه، وأعدت الكرة مرة أخرى، وكتبت المصحف بالخط النسخي، لكن هذه المرة كانت بتكبير الحرف وتوسيعه وجعل الصفحة الواحدة تحتوي على 15 سطراً فقط ، وقد أخذ سنتين من الوقت لإنجازه، ثم كتبت مصحفا بالألوان». ويقول «بعيون» إنه ربما يكون اللبناني الأول الذي خط المصحف الشريف . وقبل سنتين قرر الخطاط اللبناني تحدّي ذاته والتمييز بخطوة جديدة لم يسبقه إليها أحد في العالم العربي، فقرر كتابة المصحف بالخط الديواني، وهي ما يقول إنها سابقة في هذا المجال. وعن هذه التجربة، يقول «بعيون»: «بدأت مع السّور القصيرة، فوجدت نفسي قادرا على المتابعة، وخلال سنة ونصف السنة، أكملت مهمتي قبل أيام، والآن أنا في إجازة رمضانية». وكلما سئل «بعيون» عن نسخه للقرآن الكريم، يقول إن «هذا العمل مختلف جدا عن الأعمال التجارية ، فعندما أنسخ القرآن، أقوم بذلك بكل جوارحي، جسديا روحيا».