3
3
روضة الصائم

جامع كتشاوة تحفة معمارية فريدة.. وهو من أشهر المساجد التاريخية بالجزائر

09 يونيو 2017
09 يونيو 2017

بناه حسن باشا سنة 1794م -

جامع كتشاوة يمثل تحفة معمارية تركية فريدة من نوعها. سمي بكتشاوة نسبة إلى السوق التي كانت تقام في الساحة المجاورة، وكان الأتراك يطلقون عليها اسم: سوق الماعز، حيث إن كلمة كتشاوة بالتركية تعني: عنزة كيت: ساحة ـ وشافا: عنزة.

ويعتبر جامع كتشاوة من أشهر المساجد التاريخية بالعاصمة الجزائرية، حيث بني في العهد العثماني، بناه حسن باشا سنة 1794م لكنه حول إلى كنيسة بعد أن قام الجنرال الدوق دو روفيغو القائد الأعلى للقوات الفرنسية ـ الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية «دوبونياك» ـ بإخراج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى ساحة الماعز المجاورة التي صارت تحمل فيما بعد اسم ساحة الشهداء، وأحرقها عن آخرها، فكان منظرًا أشبه بمنظر إحراق هولاكو للكتب في بغداد عندما اجتاحها. وقد قام الجنرال روفيغو بعد ذلك بتحويل الجامع إلى إسطبل، بعد أن قتل فيه من المصلين ما يفوق أربعة آلاف مسلم كانوا قد اعتصموا فيه احتجاجًا على قراره تحويله إلى كنيسة، ثـم هدم المسجد بتاريخ 18/‏‏12/‏‏1832 م، وأقيم مكانه كاتدرائية حملـت اسم «سانت فيليب»، وصلى المسيحيون فيه أول صلاة مسيحية ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1832م، فبعثت الملكة «إميلي زوجة لويس فيليب» هداياها الثمينة للكنيسة الجديدة، أما الملك فأرسل الستائر الفاخـرة، وبعث البابا «جريجور السادس عشر» تماثيل للقديسين.

أما عن أصل كلمة كتشاوة فهي كلمة تركية كيجي اوى، «كيجي» وتعني السوق أما «اوى» فيقصد بها الماعز، سميت كذلك كون الساحة المحاذية للمسجد كانت عبارة عن سوق لتربية وبيع الماعز، حيث كان الأتراك يطلقون عليها اسم: «سوق الماعز» أو «كيجياوى» التسمية التي لازمت المسجد العتيق إلى يومنا هذا الذي صار يعرف بجامع كتشاوة.

يوجد هذا الجامع بالقرب من مدينة القصبة بالجزائر العاصمة، وللعلم فإن القصبة بناياتها كلها تعود للعهد العثماني في الجزائر. وفي 4 من جمادى الآخرة 1382 هـ /‏‏ 2 من نوفمبر 1962م تمت إقامة صلاة الجمعة في جامع كتشاوة بالجزائر، وكان خطيبها العالم الجزائري الشهير البشير الإبراهيمي، وكانت هذه هي الجمعة الأولى التي تقام في ذلك المسجد بعد مائة عام من تحويل الاحتلال الفرنسي هذا المسجد إلى كنيسة.

والمشاهد لجامع كتشاوة يكتشف تعاقب الآثار التي رمت عليه من بنائه إلى يومنا هذا، منها جملة من الكتابات الرائعة التي تمتد بتشكيلها إلى الامتداد الثقافي الإسلامي، والتي تم فصلها في عام 1855 حيث تم نقلها إلى متحف بفرنسا، واستبدلت بنقوش أخرى تعكس الواقع الثقافي الديني الفرنسي، ومن جملة الزخارف والنقوش التي كانت مكتوبة آيات قرآنية أبدعتها يد الخطاط إبراهيم جاكرهي أثناء إنشاء المسجد في العهد العثماني.

لقد ظل مسجد كتشاوة ولا يزال بمثابة القلعة العلمية التي تمد الناس بما يمكن أن يبصرهم بتعاليم الدين الحنيف، ولقد دأب رواده على قراءة الراتب، وهو حزب من القرآن يقرأ قبيل صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، بطريقة جماعية.

أما بالنسبة لشهر رمضان فقد دأب القائمون على المسجد على تنظيم ندوات كل جمعة بعد صلاة العصر يحضرها كبار المشايخ والعارفين بالطريق إلى الله من الجزائر، حيث تضطلع بمناقشة ما يتعلق بضرورة معرفته من شؤون الدين، وهذا بالإضافة إلى البرنامج السنوي لتحفيظ الصغار القرآن يوميا من العصر حتى إلى صلاة العشاء، وقد أثمر هذا البرنامج تخرج المئات من حفظة القرآن الكريم، هذا إضافة إلى تعليم النساء وتحفيظهن القرآن بإشراف الشيخ الطاهر الإمام، أو بإشراف مرشدة يزكيها الشيخ الطاهر.

كما يحظى مسجد كتشاوة، إضافة للجامع الكبير باستقبال العلماء الكبار الوافدين إلى الجزائر من مختلف ربوع العالم الإسلامي، حيث تقام دروس يحضرها الآلاف من المصلين. ورغم مرور الزمن لا يزال هذا المسجد يحافظ على تاريخه، ويصارع تقلبات الزمن حيث يوجد في الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية، فالداخل إلى حي القصبة العتيقة يتراءى له من بعيد الجامع الذي يتوسط ساحة الشهداء التي أصبحت اليوم سوقًا تجاريًا مفتوحًا على كل المنتوجات المحلية الصنع.