روضة الصائم

الزواج والحكمة منه «2»

08 يونيو 2017
08 يونيو 2017

د.صالح بن سعيد الحوسني -

مما ورد في السنة المطهرة عن أدلة عقد الزواج ومشروعيته -وهو كثير- قوله عليه الصلاة والسلام: «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، ولم تأت شريعة منذ خلق الله البشر بتحريمه، قال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجًا وذريةً).

والزواج الشرعي بضوابطه المحكمة يخص كل امرأة برجل واحد لا يشاركه فيها غيره، وذلك يحقق الكثير من الحكم والغايات المهمة على جميع المستويات سواء الاجتماعي، أو النفسي، أو العاطفي، وغيرها والتي منها: إن الزواج هو طريقة سار عليها الأنبياء والمرسلون والصالحون عبر العصور المختلفة، وهو يحفظ النوع الإنساني، ويحقق استمراريته إلى أن يقضي الله أمره في خلقه، فحياة الإنسان محدودة السنين، وتجدد النسل بالزواج يجعل الحياة مستمرة ومتواصلة، ومن حكم الزواج كذلك أنه يحقق الأنس والراحة بين الزوجين الرجل والمرأة، فحاجة الرجل للمرأة والعكس هي حاجة فطرية فعندما تُلبى هذه الفطرة وفق المنهج الصحيح تهدأ هذه الغرائز المتأججة في النفوس، وتتوجه بعد ذلك تعميرًا وبناءً في هذا الكون الواسع.

والزواج هو الطريقة المشروعة لإنجاب الأولاد والتي أيضًا هي مما تشتاق إليه النفوس وتحرص عليه، كما قال تعالى: (واذكروا إذ كنتم قليلًا فكثركم)، وقال أيضًا في معرض امتنانه بهذه النعمة: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار)، والزواج كذلك يقي الإنسان من شرور الأمراض الجنسية الخطيرة التي تستفحل في المجتمعات الإباحية الهمجية المنحطة التي تنتشر فيهم الأمراض الفتاكة التي يحتار الأطباء في عالجها، وكيفية التعامل معها بسبب تلك البهيمية السافلة التي همها إراقة ماء الحياة بأي وسيلة دون ضوابط أو مقاصد.

ومن حكم الزواج كذلك أن يكون الزوج في موضع المسؤولية؛ فيتحمل أعباء الحياة، ويجاهد نفسه، وأسرته بالاهتمام والإشراف وتلبية متطلباتهم واحتياجاتهم المختلفة، وهو ما يستدعي الكد والكدح، واستغلال الطاقات الممكنة بغية اكتساب الرزق من هذه الأرض بالطرق المختلفة.

وجاء الحديث الشريف منبها إلى أن الله تعالى كتب العون لمن ابتغى العفة والفضيلة بالزوج فقد قال عليه الصلاة والسلام: «ثلاثة حق على الله عونهم؛ المجاهد في سبيل الله، والمكاتب يريد الأداء، والناكح يريد العفاف»، فينبغي عدم التفريط في الزوج لهذه الحكم العظيمة التي تكتنفه، والتي يقع بها خير الفرد والمجتمع.