روضة الصائم

لِــمَ العجـــلة؟

08 يونيو 2017
08 يونيو 2017

حمود بن عامر الصوافي -

وقفت في مسجد بصيرة فقد دأبت على الصلاة فيه عندما أمر على طريق الداخلية، أعجبني تنظيمه وحسن تجهيزه ، لقد بذل أصحابه والقائمون على عمارته الكثير من الأموال لذلك صار المسجد محطة ومقصدا لكثير من المسافرين والعوائل قلما تنقطع الجماعات فيه، فغالبا ما أجد أناسا يصلون أو ينتظرون يمكنني أن ألتحق بهم أو أأتمم بهم للجماعة ناهيك عن نظافة المسجد والخدمات التي تقدم من أجل المسافرين كمياه نظيفة، ودورات مياه ممتازة وغيرها.

رأيت مرة أحدهم يتوضأ فقلت في نفسي: الحمد لله قد ضمنت صلاة الجماعة، تأخرت عنه بضع ثوان فلما دخلت المسجد رأيته يصلي منفردا.

فقلت في نفسي: لعله يصلي تحية المسجد فقد كانت نظراته توحي إلي بأننا سنصلي جماعة.

فقلت: أنتظره حتى ينتهي من صلاته لكني رأيته قد تجاوز الركعتين إلى ثلاث ركعات فقلت إذن قد كان يصلي الفريضة!

قلت أنتظر شخصا آخر لعلني أحظى بجماعة أخرى، فرواد المسجد لا ينقطعون البتة، يتساوقون إلى المسجد زرافات ووحدانا ولكن لم يكن حظي أفضل من حظ الذي استعجل في الصلاة وشرد عني.

فلم أجد من أأتم به على رغم الانتظار حتى انتهى الأول من جمع الصلاتين كليهما، قلت له معاتبا على صيغة سؤال: أصليت وحدك؟ قال: نعم قلت له: كأنك مستعجل!

رأيت علامات الألم على محياه وكأنه يقول لي: ليتني انتظرتك، قلت في نفسي: ربما دقيقة أو دقيقتا انتظار أو خمس دقائق على الأكثر لا أخالها ستأخذ كثيرا من وقتنا وشغلنا فلماذا لا نفرغها لله تعالى؟ ولماذا لا نحرص على صلاة الجماعة؟ ولماذا نزهد في الأجر الذي وضع للجماعة؟ أما سمعنا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وحثه على صلاة الجماعة، وقوله بأنها تعدل خمسا وعشرين مرة عن صلاة الفرد، فعن أبى هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- «صلاة الجماعة تعدل خمسا وعشرين من صلاة الفذ».

أضف إلى أن ديننا هو دين الجماعة، قال تعالى: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً»، دائما ما يأمرنا بالجمع، والجماعة، قال تعالى:» وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ». وتعاليم المولى تحث الجماعة على الطاعة لأن الإنسان ضعيف وحده فإذا انضم إلى الجماعة قويت نفسه وتضاعف إيمانه، قال تعالى: «وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا»، وقال: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ»، وقوله: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ». بل أحيانا لا عجلة عندنا ولكن دأب البعض منا على الاستعجال فيما أمر به والتهاون والتساهل فيما ينبغي الحرص عليه، ليتنا ندرك عظم الصلاة ومقدار أجر الجماعة لنحرص على ذلك في حياتنا كلها، فليست الجماعة مقصورة على المسجد الذي نصلي فيه أو الوطن الذي نقيم فيه فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما ».