كلمة عمان

إشارات جيدة من البنك الدولي

06 يونيو 2017
06 يونيو 2017

التوقعات التي حملها تقرير البنك الدولي الذي صدر قبل يومين، جاءت إيجابية ومطمئنة بخصوص الوضع الاقتصادي في السلطنة، وقد عالج التقرير الأوضاع الاقتصادية على المستوى العالمي، في ظل الراهن، لاسيما قضية تراجع أسعار النفط التي تعتبر أبرز المحاور المؤثرة على المسائل الأخرى في النمو الاقتصادي، للدول المصدرة للنفط، وأيضا ينعكس ذلك بشكل أو بآخر على دول أخرى.

وقد كانت توقعات البنك الدولي إيجابية في الآفاق التي حملها للاقتصاد العماني للعام المقبل والذي يليه 2019 من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بتوقع البنك ارتفاع هذا الناتج إلى 2.4% عام 2018 مقارنة بـ 0.9% العام الجاري، ثم إلى 2.9% في العام 2019، وهو أمر مبشر يجب أن ينظر إليه في السياقات العامة لمراقبة الاقتصاد والتنمية الشاملة.

لكن ذلك التوقع يأتي مقترنا بجملة من الظروف التي يجب الانتباه لها والاستمرار فيها، والتي أكد عليها تقرير البنك الدولي، سواء للسلطنة أو دول العالم بشكل عام؛ وهي أن ثمة تحديات عموما في آفاق النمو العالمي، وأن رهان الاستثمار في البشر يظل هو المركز أو الأساس الجوهري في دفع آفاق المستقبل، إذ لابد من المضي في سياسات بناء القدرات وتأهيل الكوادر باعتبار أن ذلك هو الضمان الأكبر وعلى المدى البعيد في السيطرة الحقيقية على الاقتصاديات، لأن جوهر التنمية المستدامة هو العقل البشري في قدرته على الابتكار والإضافة والتجديد في كافة مسارات الحياة الإنسانية.

يشير تقرير البنك الدولي إلى ثمة مخاطر عديدة تلقي بظلالها على النمو الاقتصادي في العالم، وليس موضوع النفط إلا جزئية، فالعالم اليوم مواجه بتحديات كبيرة في المنافسة التجارية وفتح آفاق الاستثمار، بحيث إن الفرص تضاءلت بين الدول بخلاف ما كان في السابق من تميز دون بعينها عن أخرى، كما أن النظر إلى مفهوم التنافس نفسه والطاقات المطلوبة للإنتاج والتوسع التجاري، تغيرت ملامحها وتطبيقاتها بشكل كبير عن الأمس القريب.

إن الاستثمار في الطاقات البشرية وفي الابتكار والنمو الحقيقي القائم على الإبداعية، يظل هو الرهان الأقوى للمستقبل، فكل الموارد الطبيعية أو المحدودة ذات الأفق المنظور تظل طاقة مستنفدة عبر مدى زمني، في حين أن الإنسان يظل هو الملهم والمفعّل الأساسي للتطوير والتحديث والازدهار، وكما جاء في تقرير البنك الدولي فـ «من الضروري أيضا أن تستمر البلدان في الاستثمار في البشر وبناء قدراتها على الصمود في وجه التحديات المتداخلة».

حمل التقرير عنوان «آفاق الاقتصاد العالمي»، وكلمة آفاق لا تقدم سوى الملمح والصورة الكلية، في حين أن التفاصيل تظل متشعبة ومتشابكة، وحيث يكون من المهم التوقف مع كافة التفاصيل الممكنة مع تعدد مسارات الحياة وقطاعاتها في هذا العصر، وهو ما يعرف بالتخطيط الاستراتيجي الشامل، الذي ينظر إلى كافة القطاعات بنظر كلي وبحيث يوضع في الاعتبار المدى الزمني والفاعلية البشرية في كل مرحلة من المراحل. إن أي ملمح إيجابي يظل تحفيزيا في المرحلة، ويجب الاعتماد عليه ولكن بحذر في ظل تقلبات جيوسياسية متعاقبة وسريعة في عالم اليوم، وهو ما يوضع في الاعتبار، لأن عملية الأفق الاقتصادي لم تعد مجرد أرقام وبيانات ومخططات، بل أبعد من ذلك في دراسة للذهنية الكونية المتغيرة في عالم اليوم.