روضة الصائم

أدب القضاء - فيما للقاضي وما عليه (2)

06 يونيو 2017
06 يونيو 2017

زهران بن ناصر البراشدي/ القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

وللقضاة غدا مواقف بين يدي الله تعالى لا يفكهم منه إلا العدل.

وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: من ولي أمةً قلت أو كثرت فلم يعدل فيهم إلا أكبه الله على وجهه في النار.

ألا فلينازع هذا الحاكم لله نفسه ولا يتقوى بسلطان الله فيما لم يأذن الله له به ولا يغضب لله بأكثر مما أمره الله به.

روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: القضاة ثلاثة: قاضيان في النار وقاض في الجنة، رجل قضى بغير الحق فعلم ذاك فذاك في النار وقاض لا يعلم فأهلك حقوق الناس فهو في النار وقاض قضى بالحق فذلك في الجنة.

وروي عن بعض الصحابة أنه مر على قاضٍ يقضي فقال له: أتعلم الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا. قال: هلكت وأهلكت.

وقال هاشم بن غيلان رضي الله عنه: لا ينبغي للرجل أن يقعد للقضاء حتى يكون عالماً بتأويل القرآن وتفسيره وناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه، وحتى يكون عالماً بالسنة وآثار الأئمة أهل العدل من المسلمين.

أخرج مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان الفارسي أن هلم إلى الأرض المقدسة، فكتب إليه سلمان إن الأرض لا تقدس أحدًا، وإنما يقدس الإنسان عمله، وقد بلغني أنك جعلت طبيبًا تداوي، فإن كنت تبرئ فنعما لك، وإن كنت متطببًا فاحذر أن تقتل إنسانًا فتدخل النار، فكان أبو الدرداء إذا قضى بين اثنين ثم أدبرا عنه نظر إليهما وقال ارجعا إلي أعيدا علي قصتكما متطبب والله.

أخرج الإمام الربيع والبخاري ومالك والترمذي وغيرهم من طريق أنس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري، في الحاكم العادل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل...» الحديث.

روي عن علي كرم الله وجهه قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن لأقضي بين الناس فقلت له: إني لا علم لي بالقضاء. قال فضرب بيده صدري ثم قال: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه قال: فما شككت بعدها في القضاء حتى جلست مجلسي هذا. والله أعلم.

روي عن الحسن البصري قال: كان يقال: لأجر حاكم يوماً أفضل من أجر رجل يصلي في بيته سبعين سنة أو ستين سنة.

وقيل: رأى شريح رجلاً يعيب القضاء فقال له: أتعيب شيئاً أوتيه داود النبي عليه السلام؟.

وروى البخاري من طريق ابن العاص: باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ» أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر واحد.

قال ابن حجر في الفتح: قوله: «باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ».

«يشير إلى أنه لا يلزم من رد حكمه أو فتواه إذا اجتهد فأخطأ أن يأثم بذلك، بل إذا بذل وسعه أجر، فإن أصاب ضوعف أجره، لكن لو أقدم فحكم أو أفتى بغير علم لحقه الإثم كما تقدمت الإشارة إليه، قال ابن المنذر: وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالمًا بالاجتهاد فاجتهد، وأما إذا لم يكن عالمًا فلا، واستدل بحديث» القضاة ثلاثة - وفيه - وقاض قضى بغير حق فهو في النار، وقاضٍ قضى وهو لا يعلم فهو في النار» وهو حديث أخرجه أصحاب السنن عن بريدة بألفاظ مختلفة، وقد جمعت (ابن حجر) طرقه في جزء مفرد، ويؤيد حديث الباب ما وقع في قصة سليمان في حكم داود عليه السلام في أصحاب الحرث.