1030018
1030018
المنوعات

قصر «مريم عزة» يحكي قصصا من يوميات سكيكدة الجزائرية

05 يونيو 2017
05 يونيو 2017

الجزائر، «العمانية»: لا تكتفي مدينة سكيكدة الواقعة شرق الجزائر بإدهاش زائرها بتلك الإغفاءة التي ترسمها جفونها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط منذ أن خلق الله البسيطة، ولكنها تضيف إلى ذلك مجموعة من المعالم المعمارية التاريخية التي بقيت شامخة لأكثر من قرن من الزمن تحكي تفاصيل الحياة التي نسج يومياتها أناس مروا عبر هذه الأمكنة ورحلوا، ولكن ذكرياتهم ما رحلت.

خلال فصل الصيف تشهد مدينة «روسيكادا» -وهو الاسم التاريخي لسكيكدة- حركة سياحية كبيرة من داخل الجزائر وخارجها، نظرًا لشواطئها الساحرة وغاباتها وجبالها التي تختصر روعة أجمل ما اشتملت عليه الطبيعة المتوسطية.

ولا يكتفي ضيوف سكيكدة بزرقة البحر وخضرة الغابات، فهم لا يترددون في زيارة بعض معالم هذه المدينة الجميلة على غرار قصر مريم عزة، والنزل البلدي، ومحطة القطار، ودار البريد المركزية، والبنك المركزي.

ويعد قصر مريم عزة أيقونة تلك المعالم، لخصوصيته الجمالية والمعمارية، حيث ينظر إليه سكان ولاية سكيكدة بوصفه «مفخرة المدينة»، وهم يسمونه تارة «قصر مريم عزة»، وتارة أخرى «قصر بن قانة»، ولاسمه قصة ترويها بعض المصادر التاريخية التي تناولت ظروف بنائه والمراحل التي مر بها حتى اليوم.

إذ يعود تاريخ إنجاز القصر إلى سنة 1913 بإشراف المهندس المعماري الفرنسي شارل مونتالو، وقد أنشئ القصر في البداية ليكون مقرًا لإقامة رئيس بلدية سكيكدة آنذاك بول كيتولي. ومن أهم مميزاته: وجوده بمنطقة غابية تطل على شاطئ سطورة بأعالي مدينة سكيكدة. واستطاع «مونتالو» أن يجمع في إنجازه للقصر بين الزخرفة العربية والهندسة المعمارية الأندلسية، ما أسفر عن تحفة في غاية الروعة والجمال.

ويلاحظ أيضًا أن الخزف الذي استخدم في إنجاز قصر مريم عزة من نوعية نادرة، ويرجح أنه صنع في أحد أفران مصنع حرفي عائلي متمرس في نابل بتونس، وهو الخزف نفسه الذي استخدم لتزيين محطة القطارات وفندق المدينة بسكيكدة، وكذا فندق الجزائر بالعاصمة («سان جورج» سابقا)، وحتى في بعض المباني الحكومية المعروفة بالساحل الغربي للولايات المتحدة الأمريكية كمحكمة سان بربارا.

وفي محيط القصر لن يفوت عين الزائر ملاحظة تلك اللمسة الهندسية التي كان يعرف بها المرابطون.

وتشير الروايات المتواترة عن قصر مريم عزة إلى أن بول كيتولي أمر ببنائه ليقدمه هدية لزوجته مريم عزة، ومن هنا جاءت تسميته «قصر مريم عزة»، وقد كانت تستقبل فيه ضيوفها المهمين من ذوي السطوة والنفوذ. أما عن تسميته «قصر بن قانة»، فتؤكد الروايات نفسها، أنها أطلقت على القصر بعد أن آلت ملكيته إلى شخص يدعى «بن قانة»، وهو أحد أثرياء ولاية بسكرة، ويعد المالك الثاني للقصر، بعد أن اشتراه بمبلغ 20 مليون فرنك فرنسي في ذلك الوقت، واتخذه مكانا للراحة والاستجمام لعائلته وأصدقائه.

وفي سنة 1981م أقدمت السلطات الجزائرية على تصنيف القصر ضمن المعالم التاريخية المحفوظة، ورصدت له ميزانية كبيرة للقيام بعمليات الترميم التي استمرت دون انقطاع حتى سنة 2015.