روضة الصائم

أدب القضاء - مهام القاضي وشروطه «10»

04 يونيو 2017
04 يونيو 2017

زهران بن ناصر البراشدي/ القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

قاعدة أخرى يمكن لنا أن نطبقها على موضوعنا هذا وهي» النهي يدل على فساد المنهي عنه» فالرجل مثلا كامل الأهلية القضائية الذي نصب للقضاء من ولي الأمر إذا حدد له ولي الأمر نوعا معينا من القضايا لا يحكم فيها أو منطقةً معينةً لا يحكم فيها فتعدى وحكم فحكمه غير صحيح؛ لصدوره من غير أهله، وهذا ما جرت عليه جميع المحاكم الإسلامية على اختلاف أنواعها، فإذا عرفت ذلك فبطلان حكم المرأة من باب أولى لصدوره من غير أهله، وذلك لمنع الشارع لها من الدخول في القضاء، ومنعه ولي الأمر من توليتها، وتأثيمه بذلك إن ولاها.

وهذه القاعدة وإن كانت خلافية إلا أنها في هذا المحل أولى بالتطبيق الجاري على فساد المنهي عنه؛ تعاضدا مع قاعدة «سد الذرائع» إذ في فتح هذا الباب محاذير عظيمة قد لا تحمد عقباها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

بهذا يتضح لك جليا أن مذهب جمهور الأمة عدم جواز تولية المرأة لمنصب القضاء، إلا أن هنالك فرقا بين مسألة توليها القضاء، وبين مضي قضائها إذا قضت؛ فمذهب الجمهور عدا الحنفية وبعض متأخري الشافعية، عدم مضي قضائها، ومذهب الحنفية وبعض متأخري الشافعية مضيه، وأثم من ولاها، وإليك بعض ما قاله أهل العلم، إتماما للفائدة.

ففي النيل للعلامة عبد العزيز الثميني رضي الله عنه ما نصه: فصل: لا يجوز حكم امرأة وطفل وعبد وإن في كنفقة ودين لمن له ذلك ولا تباعة له وزال عمن لزمه وسقط، ولا يشهد بحكمهم لذي الحق ولا يدفعهم من قصدوه به ولا يلزمه به ما لم يلزمه قبل ولزمه دفعه لصاحبه.

قال شارحه الإمام القطب رضي الله عنه: (لا يجوز حكم امرأة وطفل وعبد) ومجنون ومشرك (وإن في كنفقة ودين لمن له ذلك) المذكور من النفقة والدين ونحوهما (ولا تباعة له) أي: لمن له ذلك المذكور أي: ولا تباعة لازمة له في أخذ ما أخذه بتقبيض الطفل أو المرأة أو غيرهما ممن لا يجوز حكمه، فإذا أخذوا له حقه وأعطوه إياه أو قهروا من عليه الحق فأعطى فليأخذه ولا بأس عليه، ويجوز كون اللام بمعنى على أي: لا تباعة عليه بأخذ حقه بحكم الطفل ونحوه، ويجوز أن يكون المعنى أن ذمة من عليه الحق قد برئت حين أعطى بحكم الطفل ونحوه ولا تباعة لمن له الحق عليه، ثم ظهر لي أنه قد قال: (وزال) الحق (عمن لزمه وسقط) فبطل الوجه الثالث، وإنما كتبته قبل أن أطلع على أن المصنف رحمه الله قد ذكره بهذا الكلام إلا أنه من الجائز أن يصح الوجه الثالث فيكون قد ذكر براءة ذمة من عليه الحق ثلاث مرات بقوله: ولا تباعة له أي لا تباعة له على من لزمه وبقوله: وزال عمن لزمه، وبقوله: وسقط. (ولا يشهد) بالبناء للمفعول (بحكمهم لذي الحق) أي: لا يشهد الشهود بأنه قد حكم الحاكم لفلان ولا بأنه قد حكم فلان مشيرًا إلى نحو الطفل ممن لا يجوز حكمه، أو قد حكمت فلانة، ولا بأنه قد حكمت المرأة أو الطفل أو المجنون أو نحو ذلك، إذ لا حكم صحيح، إلا أنه لا إثم عليهم إن شهدوا وذكروا أسماءهم بحيث يعلم السامع أنهم ممن لا يجوز حكمهم، أو ذكرهم باسم المرأة أو الطفل ونحوهما .....الخ.