روضة الصائم

فـــتاوى

04 يونيو 2017
04 يونيو 2017

هلك رجل وترك ورثة، وكان الهالك قد اقتسم مع والده ميراث أمه، واتفقا على أن يدفع الوالد مبلغ ألفي ريال عماني له مقابل تحمل تنفيذ وصية أمه؛ وهي عبارة عن صوم وصلوات وحجة وبعض الصدقات، وكان الهالك قد بدأ في تنفيذ الوصية بأن أجّر بالحجة، وعندما رجع المؤجر من الحج وجد مؤجره قد توفي قبل أن يقبض منه أجرته، وكذلك كان للهالك مال، وكان قد رهن منه سبع نخلات، علما بأن الهالك قد توفي في حادث سير ودفعت لورثته دية، والسؤال هنا:

1- ... ما حكم هذه الوصية، هل تعتبر لاغية بموت الرجل؟ فإذا كانت كذلك، فماذا عن حق المؤجر عن حجة أمه؟

2- ... هل يتم فك الرهن من الدية التي دفعت لورثته؟

3- ... هل يصح أن يخصم من نصيب الأب ألف ريال اللذين كان قد اتفق أن يدفعها لولده؟

4- ... هل يتم تنفيذ الوصية التي على الهالك من ديته؟ وهل يتم ذلك قبل توزيعها أم بعدها؟

1) لا تلغى الوصية بموت أحد إن كانت وصية شرعية صحيحة بل بجب إنفاذها، ويجب إخراجها من مال الميت الأول، فإن اقتسمه الورثة على أن تخرج الوصية من نصيب أحدهم وكان ذلك برضاه وجب إخراجها بعد موته من ماله. والله أعلم.

2) الدية من ضمن التركة فلا مانع من فك الرهن بها. والله أعلم.

3) هي من ضمن التركة، وتعود إلى جميع ورثة الميت الثاني. والله أعلم.

4) تنفذ الوصية من أي شيء من تركة الميت، وذلك قبل اقتسام التركة. والله أعلم.

ما حكم زيارة القبور والدعاء للموتى؟

زيارة القبور شرعت أو أبيحت لأجل تذكر الآخرة وقد كان النبي صلى الله عليه وسلّم نهى أولاً عن زيارتها عندما كان الناس جديدي عهد بالجاهلية حتى لا يحملوا معهم أوزاراً من عادات أهل الجاهلية وهم يزورون هذه القبور ، فحذر النبي صلى الله عليه وسلّم أولاً من زيارتها ، ثم قال : (ألا فزوروها ولا تقولوا هُجرا) .

ولا حرج في أن يدعو الإنسان لمن زاره من أهل الصلاح والخير كما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم.

أما أن يتخذ ذلك موسماً أو أن يجعل القبر مكان عبادة بحيث يصلي هنالك أو يقرأ القرآن هنالك فذلك غير سائغ ، فإن الصلاة نهى النبي صلى الله عليه وسلّم عنها عند المقابر.

وكذلك شدد النبي صلى الله عليه وسلّم في أمر القرآن حيث أمر أن يقرأ القرآن في البيوت وأن لا تتخذ قبورا إشارة إلى أن القبور ليست مكاناً لتلاوة القرآن الكريم ، كما أنه شدد في اتخاذ القبور مساجد ،وقد أجاد الإمام السالمي رحمه الله عندما قال:

أتُعمًرن قبورنا الدوارس

ويترددن إليها الدارس

وهذه المساجد المعدة

نتركها وهي لذاك عدة

والمصطفى قد زارها وما قرا

إلا سلاما ودعا وأدبرا

حسبك أن تتبع المختارا

وإن يقولوا خالف الآثارا

كيف يستطيع المسلم أن يوازن بين عمارة دنياه وعمارة آخرته ؟

نعم ليعط الدنيا بقدر ما تستحق والأخرى بقدر ما تستحق، ولينظر ما قيمة الدنيا بمقدار قيمة الأخرى ، ومعنى هذا أن يجعل الدنيا وسيلة للآخرة ، وأن لا يجعلها غاية ، إذ لو جُعلت الدنيا غاية لأدى ذلك إلى نسيان الدار الآخرة، فالإنسان يعمر دنياه لتكون وسيلة له إلى آخرته ، بحيث يصلح هذه الدنيا من أجل إصلاح الآخرة لا من أجل العناية بالدنيا وحدها ، فإن العناية بالدنيا تُنسي الدار الآخرة ، وقد قال الله تعالى ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) (هود:15-16) ، ويقول سبحانه ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً ) (الإسراء:18-19) ، ويقول ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ) (الشورى:20)، ويقول ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) (النازعـات:37-41) ، فعلى الإنسان أن يكون همه في الآخرة وإنما يعمر دنياه لأجل إصلاح آخرته فقط.

مسجد من المساجد تحت منبره دولاب فيه مصاحف، ويقوم الخطيب على المنبر، هل يصح هذا الوضع؟

هل هذه المصاحف يكون عليها الخطيب؟ أو هي نازلة بحيث يوجد فراغ؟ فإن لم يكن فراغ بحيث تكون متواصلة هذه المصاحف إلى أعلى بحيث يكون الخطيب يقف عليها فذلك غير جائز ، لأن حرمة المصاحف حرمة عظيمة إذ القرآن هو كلام الله ، ويجب على الإنسان أن يرعى حق هذا الكلام العظيم الذي جاء من رب العالمين سبحانه وتعالى.

وأما إن كان هنالك فراغ فمثل ذلك كمثل من يصلي فوق غرفة وتحتها حجرة فيها مصاحف أيضا فلا يمنع ذلك مع وجود الفراغ ، ولكن مع ذلك إن وجد لهذه المصاحف مكان آخر توضع فإنه يجب أن يراعى ذلك حرصاً على تنزيه كتاب الله تبارك وتعالى وتقديساً لكلام الله عز وجل.