روضة الصائم

أثــــــــــر: «من أجل المسلمين».. دفاعٌ عن قيم التعدد والتنوع والمساواة

04 يونيو 2017
04 يونيو 2017

عبدالرحمن بن سعيد المسكري -

إن هذه الممارسات التمييزية والإقصائية، تتعارض والقيم اللائكية التي ينادي بها القانون الفرنسي، التي تضمن حرية الوجدان، وحرية ممارسة المعتقدات، غير أن «اللائكية التي يبتهلون بها كتعويذة سحرية؛ لا علاقة لها باللائكية الأصلية، التي لا تعني التشنج في الإقرار بعقائد الأقليّات؛ بل تعني الاعتراف بها، ليس دفعها نحو الاختفاء، ولكن الاعتراف بحقوقها المدنية. هؤلاء «المُليّكين» يُشكلون بالنسبة للائكية ما يُشكله التطرف للدين... وما تشكله الطائفية للسياسة. ص96

ويذهب بلينيل إلى أن «الخوف من العالم» هو محفز جميع أنواع العنصرية، وهو في ذلك يستند إلى تأملات سارتر في المسألة اليهودية، حيث يعزو الأخير مسألة معاداة السامية إلى رفض قبول الآخر كما هو وهاجس استيعاب وجوده إلا بانسلاخه من تاريخه وذاكرته، ويختصره بعبارة: « الخوف في مواجهة الشرط الإنساني».

والخوف هنا ليس خوفا من الآخر، فالآخر سواء أكان المسلم أو اليهودي أو الزنجي ليس سوى ذريعة أو كبش فداء: «وأمام عجزهم عن رفع تحديات العالم وفهمه والتحكم فيها، فإن الحاكمين الذين يتاجرون بالأحقاد يبحثون عن مواصلة مسارهم من خلال اتخاذ أكباش فداء للتخلص من الخوف الذي يسكنهم ويشل حركتهم»

ولذلك فإن «تعيين أكباش الفداء؛ يقترن لزوما بتطوير جهاز حكومي لوصمهم بالعار، وقمعهم وزجرهم مما يُفضي إلى المس بالديمقراطية، في هذا المسلسل من التآلف مع التمييز، حيث تساهم سياسة الخوف - من خلال تخبطها - في بروز أعدائها (بفوضاهم وعنفهم واعتداءاتهم) تصبح حالة الاستثناء هي القاعدة المضادة لدولة الحق والقانون. من هنا فإن لامبالاتنا تجاه أبناء بلدنا المسلمين ليست مجرد خطأ في حقهم فحسب، بل إن هذه اللامبالاة مسؤولة كذلك عن خطر فقدان جزء من حريّاتنا في حال عدم احتراسنا للدفاع عنها»

حينها : « يصبح الخوف حجة بيد السلطة الحاكمة لتضع المجتمع في مواجهة مع ذاته في إطار وهم التجانس، لاستدراجه نحو بحث لا نهائي عن أكباش الفداء، حيث الآخر المختلف والمتنافر والمغاير يُلبس صفة الغريب ( الأجنبي) غرابة بقدر ما هي متخفية (غير ظاهرة) هي مخيفة؛ هكذا وبسهولة يصبح المنافس عدوًا داخليا، مثالا للغير الذي يجب بأي ثمن التخلص منه او إقصاؤه وربما حتى إبادته بواسطة عنف مضاد وقائي، يكفي الإنصات إلى الأفكار المتداولة ، لخطاب الحرب على الإرهاب المسمى ( إسلامي) لندرك صوت حالة الاستثناء التي تنحرف بالفعل السياسي نحو الهاجس الأمني».

يقول بلينيل: « إن هذه العملية تقطع أوصالنا وتخدعنا لأنها تروج لأوروبا متنكرة لذاتها، وللتنوع الذي شكلها، وللإقصاءات التي تسببت لها في الألم، إن الدفاع عن الحق في الاعتراف بإسلام أوروبي ، هو بالعكس وفاء لأعظم ما في الإرث الأوروبي الذي تشكل من تنوع في اللغات والأديان والأصول، وحرية الأفراد وتسامح المجتمعات».