1028031
1028031
روضة الصائم

روائع المساجـد الأثريـة العـمانية - مسجد اليعاربة بنيابة بركة الموز .. أكثر من ثلاثة قرون في مجاورة فلج الخطمين

04 يونيو 2017
04 يونيو 2017

محمد بن سليمان الحضرمي -

بمحاذاة فلج الخطمين في نيابة بركة الموز بولاية نزوى، يقع مسجد اليعاربة الذي يبدو أشبه بملاك يغمس قدميه في ساقية الماء، كما يبدو فلج الخطمين أشبه بنهر صغير، يسير في ساقية رئيسية تتفرع عند المصب إلى ثلاثة فروع، يتوزع فيها الماء بالتساوي، أقترب من المسجد فإذا هو مبني بحجارة متراصة، ولا يوجد للجص أثر عليه سوى ما يتخلل الحجر، وتشير اللوحة التي وضعت عند مدخله أن تاريخ تأسيس المسجد يعود إلى عهد الإمام سلطان بن سيف بن مالك اليعربي عام (1059هـ - 1649م)، لتغرب عليه شمس أكثر من ثلاثة قرون وهو في مجاورة فلج الخطمين الخصيب.

من الداخل يبدو المسجد بسيطا وصغيرا، محرابه متواضع التصميم، به أسطوانتان وفناء يحيط بالمسجد من جانبيه الشرقي والجنوبي، وأعيد ترميمه في عام 1998م، بإضافة لمسات عليه، ليبقى محافظا على شكله القديم.

الحجارة تكسو جدرانه وفناءه الخارجي، وهذا النوع من الحجارة المسطحة يوجد بكثرة في سفوح نيابة بركة الموز بمحافظة الداخلية، وكثير من أبراجها ومداخل حاراتها، وسواقي الماء المعلقة فيها، مشيدة بهذا النوع من الحجر.

ونظرة سريعة إلى ما حول المسجد يؤكد على براعة اختيار المكان الأنسب للبناء، فعلى ارتفاع يحاذي ساقية الفلج شيد هذا المسجد الصغير في مرتفع صخري، بقي أساسا متينا له، لا تزعزعه عوادي الأيام، وفي اللحظات التي كنت ألتقط له صورا ضوئية من اتجاهات مختلفة، رأيت في الركن الشمالي الغربي الخارجي للمسجد أكمة صخرية، تحمل المسجد وتحميه من أن يتداعى.

محراب الجامع مطلي باللون الأبيض، يخلو من النقوش التي ظهرت في القرن العاشر الهجري، وفي صحنه الداخلي عمودان دائريان يحافظان على توازن السقف بارتفاع يبلغ أربعة أمتار، وهذه إشارة إلى أن خطة ترميم المسجد حافظت على شكله الداخلي كما كان قبل الترميم، السقف مفروش بحطب من أشجار عمانية مطلية باللون الأسود، وفرش سقفه بالسعف وأخشاب دقيقة ملونة، تتدلى منه القناديل والمراوح الكهربائية لتوزيع الهواء، نوافذ المسجد فسيحة تسمح بتسلل الهواء والضوء، ومن الخارج أحيط المسجد بسور حجري منيع، مع إبقاء فنائه من جهة الجنوب حيث يمكن أداء الصلاة فيه خلال الأيام الباردة أو في المساء.

من جانب آخر قامت أعمال الترميم بإضافة دورات مياه في الجهة الشمالية من المسجد وظهرت بالطراز القديم، وتهيئة المساحة الخارجية من حول المسجد لتكون متنفسا سياحيا، مع الاستفادة من بعض الأشجار المعمرة التي نمت بجانب ساقية الفلج، كالسدر والسمر وأشجار النخيل المتمايلة بتحنان على ضفاف المكان.