روضة الصائم

أدب القضاء - مهام القاضي وشروطه (9)

03 يونيو 2017
03 يونيو 2017

زهران بن ناصر البراشدي / القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

وإذا كانت المرأة المسلمة يلزمها القرار في بيتها من حيث الأصل، والمباشرة معها في الخطاب يكون من وراء حجاب ؛ فكيف يتسنى لها مع ذلك أن تكون في إطار أي من الولايات العامة التي لا يمكن أن تمارس المرأة دورها فيها إلا إذا اخترقت الأصلين السابقين.

عدم الاختلاط بالرجال في أماكن التجمعات العامة ، وقد وردت في ذلك أحاديث ، منها فصل النساء عن الرجال في المساجد وفي صلاة العيد ، بل وفي الطرقات ؛ لحديث حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء« استأخرن فإنه ليس لكُنَّ أن تحققن الطريق عليكنَّ بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به».

قال القرطبي: «معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقد دخل غيرهنّ فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخص جميع النساء؛ فكيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والكفاف عن الخروج منها إلا للضرورة».

إن من القواعد الشرعية الثابتة: «درء المفاسد مقدم على جلب المصالح».

ومفسدة تولي المرأة هذه المناصب أعظم ضررا على المجتمع من المصلحة المتولدة من توليها.

ولقد اتفقت معظم المذاهب الإسلامية ؛ المذاهب الأربعة والمذهب الإباضي وغيرها على إعمال قاعدة سد الذرائع.

وسد الذرائع أصل من أصول الشريعة الإسلامية ، وحقيقته : منع المباحات التي يتوصل بها إلى مفاسد أو محظورات.

ولا يقتصر ذلك على مواضع الاشتباه والاحتياط ، وإنما يشمل كل ما من شأنه التوصل به إلى الحرام..»

وفي الحديث: « إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه..» تقدم .

ولو سلمنا جدلا لما ورد من ادعاءات بأن هنالك بعض الفوائد العائدة على المرأة في توليها المناصب مما فيه الولاية على الرجال ، فإنه بالنظر إلى ما يترتب عليه من مفاسد نجده أضعافاً مضاعفة بالنسبة لتلكم المصالح القليلة النسبية التي يرجوها من يدعو إليها لأن أخطارها ومفاسدها قد بلغت من الكثرة والعموم ما لا ينكره عاقل منصف.

فالولايات: كالإمامة والقضاء والوصاية والحضانة وغيرها مناصب تحتاج إلى استعدادات خاصة، بدنية ونفسية، كالقوة والكفاية والخبرة والرعاية والحنان وحسن التصرف. وتختلف الولايات عن بعضها فيما تحتاج إليه من صفات.

وإذا كان الرجال مقدمين في بعض المناصب على النساء، فذلك لفارق التكوين الفطري لكل منهما، ولما منح الله سبحانه وتعالى كل جنس من صفات خاصة.

وكذلك تقدم النساء في بعض الولايات ؛ لتتناسب مع تكوينهن واستعدادهن الفطري . وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله.