1028092
1028092
المنوعات

لبنان في رمضان .. عادات تمتد إلى 400 عام

02 يونيو 2017
02 يونيو 2017

بيروت «العمانية»: لكل بلد عاداته وتقاليده في شهر رمضان المبارك، وهناك عادات وتقاليد مشتركة بين البلدان والشعوب العربية أما في لبنان فيتميز شهر رمضان بعادات وتقاليد دينية واجتماعية وثقافية تكاد تكون موحدة بين مختلف المناطق اللبنانية إلا أن لكل منطقة سواء في الجنوب أو الشمال أو البقاع أو بيروت أو الجبل خصوصيتها.

ويعود بعض العادات والتقاليد في لبنان إلى مئات السنين وربما إلى بداية الفتح الإسلامي وبعضها يرتبط بفترة الحكم العثماني لمدة 400 عام، كما أن هناك عادات حملها البعض إلى لبنان من سوريا والعراق أو من إيران وتركيا وأيضا من بلدان المغرب العربي، ففي معظم قرى لبنان وبلداته كانت هناك عادة «المسحراتي» الذي يجوب الشوارع في أوقات السحر وهو يقرع على طبلة صغيرة بعصا من الخيزران لإيقاظ الناس وقت السحور من خلال ضربه على الطبل وإنشاده بعض الأشعار والأناشيد والرديات.

ولكن ظاهرة «المسحراتي» تراجعت اليوم بشكل كبير وتقتصر على عدد قليل من القرى والبلدات اللبنانية وبعض أحياء المدن القديمة في الأطراف وفي بعض قرى الجنوب والبقاع بالتحديد كان «المسحراتي» ولا يزال يجوب المنازل ويقرع أبوابهم بعصاه وينادي عليهم بالاسم وقت السحور للقيام والتهيؤ للصوم، وعلى الرغم من وجود ساعات التوقيت والمنبهات ووسائل الاتصال ومكبرات الصوت التي تصدح بها مآذن المساجد سواء بقراءة القرآن أو الأدعية.

ومن التقاليد الرمضانية في العاصمة بيروت ما يعرف بـ «سيبانة رمضان» وهي عادة قديمة لا تزال مستمرة إلى اليوم، وتتمثل في القيام بنزهة على شاطئ مدينة بيروت تخصص لتناول المأكولات والمشروبات والحلويات في اليوم الأخير من شهر شعبان قبل انقطاع الصائمين عن الطعام في شهر رمضان المبارك، ويقول بعض المؤرخين إن تقليد

«سيبانة رمضان» كان في الأصل عملية استهلال شهر رمضان وكانت تسمى «استبانة» إلا أن أهالي بيروت غيروا الكلمة مع مرور الزمن إلى «سيبانة» تسهيلا للفظها وأصبحت عادة للتنزه وتناول الأطعمة والأشربة في آخر يوم من شهر شعبان.

وكذلك يوجد «مدفع رمضان» وهو تقليد عرفه لبنان وعدد من الدول العربية منذ العهد الفاطمي، وقد ابتكره الحكام وقتها لتنبيه الناس إلى حلول أوقات الإمساك والإفطار في شهر رمضان من خلال إطلاق طلقة مدفعية عند الغروب طيلة أيام شهر رمضان، وهي مهمة يتولاها الجيش اللبناني داخل المدن الرئيسية ولا سيما في بيروت وطرابلس وبعلبك وصيدا وصور، ويقضي هذا التقليد بإطلاق 3 قذائف من النوع الخلبي عند ثبوت شهر رمضان ومثلها عند ثبوت شهر شوال لإشعار الناس بحلول عيد الفطر السعيد وإطلاق قذيفة واحدة من النوع نفسه قبيل حلول الفجر وقذيفة أخرى عند الغروب.

وتشتهر مدينة صيدا جنوب لبنان بـ«فوانيس رمضان»، وهي مصابيح مختلفة الألوان والأحجام تستخدم في تزيين الشوارع ومداخل المساجد في شهر رمضان المبارك كتقليد سنوي يحافظ عليه أهل المدينة، وهو تقليد انتقل إلى بيروت ومدن لبنانية أخرى، حيث تجد الجمعيات الخيرية التي تكفل الأيتام تنشر هذه الفوانيس على الطرقات مترافقة مع لافتات ترحب بقدوم الشهر الكريم، وتدعو المسلمين إلى صرف مستحقات الزكاة والصدقات على الأيتام والمساكين.

وكانت مدينة النبطية جنوب لبنان قد شهدت حدثا أدخلها «موسوعة جينس للأرقام القياسية» إذ أضيء في الساحة العامة للمدينة الفانوس الرمضاني الأكبر في احتفال نظمتها بلدية المدينة حيث بلغ طول الفانوس 18.5 متر وعرضه 5 أمتار وهو عبارة عن عمود حديدي عريض مثلث الرأس وزنه 3800 كيلوغرام مزين بالعبارات الرمضانية وركز في قاعدته ستة عشر كاشفا كهربائيا لإنارته من الأسفل إلى الأعلى طيلة ليالي شهر رمضان بواسطة مولد كهربائي، وأخذت صناعته 180 يوم عمل. وتشتهر مدينة طرابلس شمال لبنان بتقليد خاص في استقبال شهر رمضان حيث تقوم فرق إنشادية قبل حلول الشهر المبارك بأيام بجولات في شوارع المدينة يردد المشاركون فيها الأناشيد والمدائح النبوية والأشعار في استقبال شهر الله ولتحضير الناس وتهيئتهم للصوم، وتشتهر طرابلس كذلك بحلوياتها اللذيذة وخصوصا حلاوة الجبن والقطايف والجلاش والعثملية وهي الحلويات الأكثر رواجا في شهر رمضان في المدينة وجميع مناطق لبنان. ولا شك أن مدينة صيدا أيضا مشهورة بصنع الحلويات لكن صناعة الحلويات لا تقتصر على المدينتين فجميع المناطق في لبنان من بيروت إلى الجنوب والبقاع والشمال والجبل تنتشر فيها صناعة الحلويات التي تتنافس في بيع «الجلاش» و«القطايف» و«حلاوة الجبن» و«العثملية» وغيرها. ويحيي المسلمون في لبنان ليالي شهر رمضان في المساجد والزوايا والتكايا بالصلاة والدعاء وتلاوة القرآن الكريم. ويحرص بعضهم على صلوات النوافل (التراويح) بعد الإفطار، فيما يحرص آخرون على قراءة دعاء الافتتاح.