روضة الصائم

«من أجل المسلمين» .. دفاعٌ عن قيم التعدد والتنوع والمساواة

02 يونيو 2017
02 يونيو 2017

عبدالرحمن بن سعيد المسكري -

في تحليله لخطاب الإسلاموفوبيا في فرنسا؛ عمد إيدوي بلينيل إلى تحليل مواقف الأحزاب والتيارات السياسية؛ سواء اليمينية منها واليسارية، فراح يبرز كيف أن جميع التيارات السياسية ما فتئت تنتج بوعي أو بدونه خطابات التمييز والإقصاء والإلغاء، مع إضفاء صبغة الالتزام والرصانة الفكرية عليها؛ فاليمين: ضد المساواة، واليسار: ضد الإخاء.

من ذلك على سبيل المثال ما ينقله عن كلود غيان أحد الوزراء الذين يمثلون تيار اليمين المتطرف في بداية 2012 في أوج الحملة الانتخابية للرئاسيات، حينما قال: «ليست لكل الحضارات القيمة نفسها» هكذا صرّح ، مشيرا إلى وجود حضارات « أكثر تقدما» من أخرى أو «أرقى» من أخرى، ثم يُضيف إن: (المقصود هو الدين الإسلامي). يقول بلينيل: إن اليمين المتطرف المعاصر كعائلة سياسية فرض نفسه وتأسس على إنكار مبدأ المساواة؛ فمهما تعددت تلويناته الحزبية وتنويعاته الوطنية واختلفت أشكال راديكاليته؛ فإن ثابته العقدي قائم على إنكار المساواة».ص65.

ويذهب إيدوي إلى أن الممارسات الإقصائية التي يمارسها اليمين تتجاوز مسألة العزف على أحاسيس العنصريين لاستقطاب أصواتهم في الانتخابات، فيقول: (غبي من يستبخس الأمر معتقدًا بأن اليمين قام بذلك لحسابات انتخابية، لأن الحقيقة هي أنه يؤمن بذلك فعلا، وأن كلود غينيا ونظراءه مقتنعون بالفظاعات التي يتلفظون بها بصوت مرتفع، لأنه إذا كانت معاداة الساميّة التي وحدتهم سابقا قد تبددت تحت وقع الجريمة الأوروبية، فما زالت قضية أخرى لم تحسم بعد، ويتواصل توحّد اليمين الرجعي واليمين المتطرف حولها، ألا وهي القضية الاستعمارية» . ص68

ومن جانب آخر؛ فإن اليسار هو الآخر أخذ ينزع نحو اليمين المتطرف، فها هو مانويل فالس الوزير الجمهوري الذي يفترض أنه اشتراكي، يعلن التحديات الثلاث التي تواجه فرنسا في قادم الأيام، وهي: تحدي الهجرة، ومدى تلاؤم الإسلام مع القيم الديمقراطية، والمشاكل التي تنتج عن التجمع العائلي لفائدة العمال الأجانب!. ويشير إيدوي إلى أن فالس هذا الذي أصبح وزيرا أول في الجمهورية الفرنسية اعتاد على استعمال عبارة مربكة وهي «العدو الداخلي» في سياق الإشارة إلى المسلمين الفرنسيين!

إن هذا الخطاب - بحسب بلينيل - يضع الإسلام باعتباره «أداة الوصل لصنع عدو شامل، إنهم من جهة يكادون يغزوننا (الهجرة)، ومن جهة أخرى يستغلون قوانيننا وأنظمتنا (التجمع العائلي) ومن هذا إلى ذاك ؛ فإنهم قد يشكلون خطرا على الديمقراطية. تحت غطاء المشكلة الإسلامية، وبالمرور عبر ربط الماهيّة بالدين؛ فإن المستهدف هو الأجنبي بتعيينه كعدو، في خطاب يزج بنا - بكل بساطة - في حرب، حرب ضد ذواتنا، وضد جزء من شعبنا وتاريخنا وإرثنا». ص75.

كما أن هذا الخطاب «أصبح ممكنا ترويجه من خلال عبارات، كمثل: «الخطر الإسلامي يتعارض مع القيم اللائكية»، وهذه في الوقت ذاته طريقة للالتفات على التشريعات المناهضة للعنصرية: فالحديث عن الخطر الإسلامي هو طريقة للحديث عن الهجرة دون الوقوع تحت طائل القانون» ص44.