العرب والعالم

فلسطينيون يتملكهم الحنين بعد 50 عاما

01 يونيو 2017
01 يونيو 2017

في مخيمات اللاجئين -

مخيم الوحدات (الأردن)-(أ ف ب) - قبل خمسين عاما، ترك صبحي عوض وأهله مدينة أريحا إثر مواجهات بين الجيشين الأردني والإسرائيلي، وهو يعيش اليوم في مخيم في الأردن مع أبنائه السبعة و15 حفيدا لا يعرفون شيئا عن فلسطين سوى من خلال قصص يرويها لهم الرجل العجوز.

ومنذ حرب يونيو 1967، يعيش صبحي مثل 300 ألف لاجئ فلسطيني آخرين بمخيم الوحدات شرق عمّان، على الذكريات ، ويقول الرجل (72 عاما) لوكالة فرانس برس «حياتنا كانت سعيدة جدا رغم بساطتها».

ويقول الرجل الذي كسا الشيب شعره «الحنين الى ذلك الماضي الجميل يقتلني، وما أذكره يؤلمني بشدة».

ويتجاوز عدد اللاجئين الفلسطينيين في الأردن 2.2 مليون لاجئ، بحسب الأمم المتحدة، ويشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو نصف عدد سكان المملكة التي كانت الضفة الغربية تخضع لإدارتها قبل حرب يونيو 1967.

بعد نصف قرن، تحول مخيم الوحدات الذي يبعد نحو 45 كيلومترا عن منزل عائلته الذي تركه مع أفراد عائلته «راكضين»، الى مقر صبحي دائم، لكنه مقرّ علقت فيه شعارات تذكّر دائما بأنّ مخيمات اللجوء «محطة انتظار قبل العودة»، وتشبه الشعارات المرفوعة في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان والأردن والأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويعد حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إحدى النقاط الرئيسية المثيرة للخلاف في مفاوضات السلام الفلسطينية-الإسرائيلية.

بالنسبة إلى إسرائيل، فإن الأمر غير وارد بينما تصر السلطة الفلسطينية على بحثه في حال استئناف مفاوضات السلام المتعثرة.

بالنسبة إلى اللاجئين الفلسطينيين، يختصر شعار «نحن لن ننسى» المكتوب على جدران كل المنازل تقريبا في مخيم الدهيشة في بيت لحم، كل الأحلام.

ويقول الناشط في المخيم لؤي الحاج لوكالة فرانس برس ان تعداد اللاجئين يقارب نحو ثمانية ملايين، وهم «يعيشون بين العقل والقلب، العقل في المخيم، لأننا نعيش هنا يوميا، والقلب مع أرضنا».

- «لن تخسروا سوى القيد والخيمة» -

في أزقة المخيم الضيقة المليئة بالمباني العشوائية التي ترتفع أكثر يوما بعد يوم، يزداد اليأس في أوساط الشباب خصوصا، ويستذكر بعضهم قول زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش «ثوروا، فلن تخسروا سوى القيد والخيمة».

هنا، في البيوت الصغيرة والمتلاصقة، السياسة موجودة في كل مكان، ولكنها تبدو منزهة عن الانقسامات التي تنخر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويقول الحاج «في المخيمات، التضامن بين الناس أكثر قوة والأحزاب السياسية فيها تتخذ قرارات موحدة»، موضحا ان «الاعتقالات السياسية ممنوعة» في المخيمات التي أصبحت مدنا داخل المدن والتي تعتبر بعيدة عن سيطرة الشرطة الفلسطينية.

على سبيل المثال، يشهد مخيم بلاطة قرب مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية، تصاعدا في أعمال العنف عندما تحاول قوات الأمن الفلسطينية القيام بسلسلة مداهمات للقبض على أشخاص تشتبه بأنهم مجرمون داخل المخيم، ما يجرّ اشتباكات مسلحة.

ويقول محللون أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يعتبر المخيم قاعدة دعم لخصمه السياسي محمد دحلان الذي يعيش حاليا في منفاه الاختياري في الإمارات.

ويسود جو من عدم الثقة في السلطة الفلسطينية في أوساط الشباب في المخيمات.

ويرى شبان ان السلطة الفلسطينية التي تقوم بالمفاوضات مع اسرائيل، قد تقدم في يوم من الأيام على توقيع مذكرة موت «لحق العودة».

ويتساءلون حول كيفية الخضوع لهذا الكيان الذي يطالب بدولة لا تسعى الى إعادة الأراضي التي يطالب بها اللاجئون.

- «الكبار يموتون، الصغار لا ينسون»-

وفي انتظار العودة، يصر عبد القادر اللحام (96 عاما) على تكذيب أقوال القادة الاسرائيليين الذين لطالما كرروا عبارة «الكبار يموتون والصغار ينسون».

ويقول لوكالة فرانس برس ان احد أحفاده حصل مؤخرا على تصريح دخول لزيارة بلدته الأصلية، مضيفا «أخبرته أين يقع البيت وشجرة التين التي قمت بزراعتها».

ويأسف اللحام لفقدان الشبان لحب العمل في الأرض، ومعها الرغبة في العودة إلى القرى المهجرة، ويقول ان إسرائيل، عبر احتلالها الأراضي الفلسطينية «قامت بتوظيف الشبان، وإعطائهم في بعض الأحيان مائتي إلى 300 شيكل يوميا»، مبينا انه في هذه الظروف المادية الجيدة نسبيا «من سيتعب بزراعة الخضار».

ويشير الرجل إلى منزله في المخيم متحسرا «هذا ليس ملكي، بل كله ملك للوكالة»، في إشارة إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (انروا) المسؤولة عن إدارة مخيمات اللاجئين.

وفي مسعى منه للحفاظ على الذاكرة، أطلق الشاب الفلسطيني محمد نصار مشروع «باص 47»، في إشارة إلى العام الذي سبق قيام الدولة العبرية، و إلى حافلة قديمة كانت تقوم برحلات بين القدس -صنعاء أو حيفا- وبيروت، «دون المرور بحاجز واحد».

وهذه الحافلات كانت منتشرة في الماضي لأخذ الفلسطينيين إلى السينما في عمان او إحضار حجاج مسيحيين من دمشق إلى القدس.

ويقول نصار ان آخر خط لهذه الحافلات كان في عام 1967، «مع مسافرين حملوا حقائبهم وتركوا بلادهم الى بلاد أخرى ليست لهم».

ويضيف «هذه الحافلة والفلسطينيون ينتظرون العودة في الاتجاه المعاكس».