Untitled-2
Untitled-2
المنوعات

هل تحول الشهر الفضيل إلى موضة ومباهاة ؟!

31 مايو 2017
31 مايو 2017

العروض الترويجية بين المرغوب والمرفوض -

ســـارة الجراح -

1025901

بات شهر رمضان يمتاز بزيادة الإنفاق وطغيان ثقافة الاستهلاك العالية لدى الكثير من الأسر والأشخاص جريا وراء ما تقدم الوكالات التجارية والمحلات من عروض ترويجية محفزة للاستهلاك، حيث تحول الشهر الفضيل لدى البعض من شهر لتعميق الصلات الروحانية والعقائدية بالخالق جلا وعلا الى شهر لاقتناء أحدث المنتجات والمعروضات الرمضانية من أواني وأدوات منزلية خاصة بالمطبخ والركض وراء تلبية احتياجات تزيين المنازل وإعداد الموائد في صورة تتنافى مع قيم هذا الشهر الفضيل ودلالاته الروحانية. وتحولت عملية الإنفاق الباذخ في الشهر المبارك الى صورة من صور التبذير التي يرفضها الدين ولا يقرها الشرع، حيث جاء هذا التحول في ثقافة التعامل مع الشهر الفضيل بسبب محاكاة الآخرين أو تفضيل قيم التباهي، الأمر الذي يكبد موازنات الكثير من الأسر المزيد من الالتزامات الإضافية من خلال الإنفاق غير المدروس على كماليات الحياة، في حين تقابل هذه الصورة تفشي ظاهرة الاستغلال من قبل المحلات التجارية، التي تسارع بإغراق الأسواق بكل ما هو جديد من منتجات الكماليات، في محاولة لاستثمار طغيان هذه الثقافة الجديدة ، وفي هذا الاستطلاع اقتربنا من الأسباب التي تدفع الى تعميق ثقافة الاستهلاك الرمضاني بالصورة المبالغ فيها ومعرفة أسباب منافاة قيم إعلاء ثقافة الاقتصاد المنزلي والاهتمام  بالأولويات.

- عبدالله خميس: لا أؤيد العروض الرمضانية لأسرة تضم فردين أو ثلاثة فهي تخدم وتنفع الأسر الكبيرة -

- سميرة الهوتية: لا تلفتني المستلزمات الغذائية مثلما تلفتني التحف الرمضانية وتشعرني بالتغيير -

يقول: عبدالله بن خميس العجمي (أبو حمزة) أنا لا أؤيد العروض الرمضانية لأسرة تضم فردين أو ثلاث أفراد، فالعروض تلك أرى أنها تخدم وتنفع الأسر الكبيرة، وما يحصل والذي ارفضه حين تحاول «أم حمزة» ان تحمل العربة من تلك العروض حيث إنها ترى بأنها تضم كميات اكبر وبسعر اقل! صحيح سعرها اقل لكن نحن لسنا بحاجة لها، لذا تلك العروض لا تشدني وخصوصا أنني من الأشخاص الذين يحافظون على صحتهم بمعنى أنني لا احب ان تتنوع مائدة رمضان إلا في حال هناك ضيوف.

الشعور بالتغيير

سميرة بنت مراد بن أحمد الهوتية تقول: بصراحة العروض الرمضانية التي تضم التحف وغيرها فعلا تشدني وتشد كل امرأة تحب الديكور، وأنا لا أنكر أنها تدخل من ضمن إطار التبذير لكنها تجعلني أنا وأفراد عائلتي نشعر بالتغيير وأن السفرة فعلا هي سفرة رمضانية بغض النظر عن نوع الأطعمة، ومن ناحيتي لا أهتم بعروض المستلزمات الغذائية التي تعرضها المحلات مثلما التفت لتلك التحف والتي تجمل المائدة، والمحلات لا تتوقف في المغريات فكل عام تأتي لنا بما هو جديد.

تغيير الأثاث

وتقول نجمة بنت محمد بن حسن اللواتية: من ناحية ان رمضان تحول إلى شهر موضة أنا أؤيد هذا الكلام، وذلك من خلال ما نراه من العروض في المحلات، ومن خلال ما أراه أثناء زيارتي لبعض أقاربي فزوايا المنزل جميعها تحف رمضانية، وحتى أثاث المنزل تغير وتحول الى جلسات رمضانية، لا أنكر إعجابي بهذا التغيير لكن أجد ان في ذلك إسرافا وخصوصا ان بعد انتهاء الشهر الفضيل هذه الأشياء لا ينفع استخدامها.

إسراف وتبذير

سالم بن ناصر بن حمد البريكي يقول: لدي طفلان والحمد لله ، وأعيش مع أهلي والعروض الرمضانية بالنسبة لنا كعائلة كبيرة تعتبر ممتازة وتوفر علينا الكثير، ومن ناحية التحف الرمضانية أعتبرها بذخا ففي هذا الشهر الفضيل وان حاول الشخص ان يقتصد في طعامه تظل المصاريف اكثر من بقية الأشهر، وخصوصا ان الزيارات وصلة الرحم تكثر، (الواحد يمكن يلحق يشتري المستلزمات الغذائية)، وأرى من يملك المال يفضل أن يتصدق بها خيرا من الإسراف والتبذير فيما ليس له حاجة ولا معنى.

غيرة النساء

محمد بن مصطفى بن حمد الغابشي (عائلة صغيرة) بدأ حديثه (مد رجلك على قد لحافك)، فالعروض الموجودة هي تعتمد على ميزانية الشخص ومقدرته وحبه للتغيير، فان كان متمكنا فلا مانع من أن يغير من ديكور المنزل بلمسات رمضانية، ربما أنا ضد أن تتنوع السفرة بأصناف كثيرة من الطعام ومن ثم ترمى، لكن وجود التحف والتي تبقى لشهر كامل لا أرى بها تبذير بل هي تنويع وتعديل للمزاج، ولا يمنع من تزيين المنزل لكن ومثلما قلت حسب ظروف الشخص، لأن هناك بعضا من الزوجات تضغط على أزواجهن بتزيين المنزل لأنها زارت جارتها أو قريبتها فوجدت التغيير ورغبت هي بذلك ولا ننكر غيرة النساء.

من جهته يقول حمود بن عامر الصوافي «إمام وخطيب» : ما جعلت المناسبات إلا لترويض الإنسان على العبادة وتعويده على الطاعة والاستمرار في عمل الخيرات والتقرب إلى الله تعالى بمختلف أنواع القربات لذلك أوجد الله سبحانه وتعالى عيدا للمسلمين في كل أسبوع وعيدين في العام، وذكرنا بأيام عظيمة كيوم عرفة والعشر الأولى من ذي الحجة والعاشر من محرم وغيرها من أيام العام، وأعظم من ذلك كله وأجله هو شهر الخيرات، سيد الشهور على الإطلاق إنه شهر رمضان المبارك، قال تعالى:«شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ » (البقرة/‏‏185).

إنها مواسم تتبعها مواسم بل هي محطات تأمل وتدبر ومحاسبة فلو أن العام مر دون مطبات أو محطات لما شعرنا بالأيام تمضي من أعمارنا ولا أدركنا ما فاتنا من ليال لذلك كانت هذه المناسبات فرصة لإحداث تغيير في ذواتنا وفرصة ثمينة لتدارك ما فاتنا من ماضينا.

فالإنسان يقع ما يقع عليه من أخطاء وآثام وليس الخطأ عيبا ولكن العيب التمادي في الأخطاء واليأس من إحداث التغيير أو التحوير في منوال الحياة، قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».

فإذا كان رمضان شهر التغيير للأحسن ورجوع العبد الآبق إلى بارئه فخليق بنا أن نكون كما أرادنا الله تعالى فننصاع لأوامره ونجتنب نواهيه ونحرص على الاستفادة الكاملة من شهر رمضان المبارك.

ولعل أكثر ما يعترض مسيرنا الصحيح وطريقنا الواضح هو مغريات زماننا وما يروّج لنا من إعلانات قد يوهن ذلك الأمل الذي حسبنا له ألف حساب، وذلك التوجه الذي رغبنا أن نسير على إثره في شهر الصيام، والتغيير الذي طالما حرصنا على إتمامه طوال العام وتغنينا في مقدرتنا على الاستمرار بعد ذلك.

لقد جعلنا في خلدنا أن رمضان بداية التغيير في حياتنا والتحول إلى عالم مليء بالعطاء والبذل إلا أن المغريات والشهوات كثيرة فيا ترى كيف نتدارك أنفسنا لننتشلها من هذه الكوارث ونبعدها عن تلك المغريات.

نعم لقد كثرت الإعلانات التجارية فقام التجار - هداهم الله تعالى بإغرائنا بما لذ وطاب من الأطعمة والأشربة، وتفننوا في ترويج ذلك، والمبالغة في الخداع بقصد أو دون قصد والويل لكل من روج لسلعة لا تصدق عليها المواصفات فقد باء بالويل وحق لجهات الاختصاص أن تقوّم السلعة وتعاقب على الخداع والتدليس في المنتجات لأنه كذب صريح وداء عويص وتجارة قذرة لا أخلاق فيها ولا ضمائر، قال صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا».

وربما نحن لا نعفى من المساءلة أو اللوم والعتب لأننا ظننا أن الجوع قاتلنا وأن القر قد يحيط بنا والحر قد يحرق ثيابنا فتوجهنا إلى محلات بيع المواد الغذائية، وبيع الأقمشة فأخذنا من الأول ما لذ وطاب من مأكولات ومشروبات ومن الثاني ما حسُن من الألبسة والأقمشة فعرف التجار تلهفنا إلى الأشياء فتسابقوا إلينا كما تتسابق الفراشات إلى النار.

بيد أنهم لم يكتفوا في رمضان بالمأكولات بل أغرونا بمختلف (التحف والألبسة والصيحات الجديدة (الموضة) لنبعد عن أنفسنا هم التغيير أو محاولة بذل النفس للعبادة والطاعة ومساعدة الآخرين فأنفقنا أموالنا فيما لا ينبغي لنا إنفاقها، ودفعنا نقودنا للكماليات، بالرغم من انه ينبغي أن نبذلها للفقراء والمحتاجين فلو أننا أدركنا فضل الشهر وعرفنا قيمته الحقيقية لقصّرنا الخطى إلى المحلات وركنا أموالنا في زاوية قصية انتظارا لإنفاقها إلى الفقراء والمعوزين كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان في رمضان كالريح المرسلة في الإنفاق أفلا يجدر بنا أن نتأسى به ونسير على خطاه، قال تعالى:« لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا » (الأحزاب/‏‏21).