1026227
1026227
روضة الصائم

الشيخ أبو عبيد.. وحياة حافلة بالعلم والعمل

31 مايو 2017
31 مايو 2017

«الشمس الشارقة» و«قلائد المرجان» و«بهجة الجنان في وصف الجنان».. أهم مؤلفاته -

جائحة السبعين قضت على العديد من كتبه.. ومكتبته العامرة تحتضن ما تبقى منها -

أجرى اللقاء - سالم بن حمدان الحسيني -

يسترسل الشيخ سلام بن حمد بن عبيد السليمي الحديث عن حياة والده المليئة بالكفاح في سبيل العلم والتعلم والتأليف وإصلاح المجتمع والتي دامت ما يقرب من تسعين عاما، فيشير هنا الى أهم مؤلفاته فيقول: أهم مؤلفات الشيخ: «الشمس الشارقة» في التوحيد وهو مطبوع في جزء واحد، وكتاب «العقد الفريد شرح الدر النضيد في خالص التوحيد» وهو شرح لقصيدة الدر النضيد في التوحيد للشيخ منصور بن ناصر الفارسي، ومن مؤلفاته أيضا: «شرح مختصر بهجة الأنوار» وهو شرح لنظم الشيخ السالمي بهجة الأنوار، و«مشكاة الأصول» في الأصول وكذلك: «خزانة الجواهر في الفقه» وهو في خمسة مجلدات في الأديان والأحكام، وأيضا كتاب «هداية المبصرين في فتاوى المتأخرين» في جزء واحد جمع فيه أبو عبيد فتاوى العلماء المتأخرين تحقيق ياسر بن مسعود الراشدي وآخرون، وكتاب «إرشاد الحاج» وهو كتاب مطبوع يتناول فيه مناسك الحج وما يتعلق به من شروط وأحكام وأركان، وكتاب «كرسي الفرائض» وهو كتاب مختصر في علم الفرائض تحدث فيه عن علم الميراث وتقسيم التركة، وكتاب «العقد الثمين في أحكام الدعوى واليمين» وهو في أحكام القضاء، وكتاب «هداية الحكام الى منهج الأحكام» وكتاب «قلائد المرجان» وكتاب «بهجة الجنان في وصف الجنان»، وله العديد من الأشعار النظمية والأراجيز منها: قصيدتان في استقبال شهر رمضان المبارك وتوديعه اشتهرت على نطاق واسع حيث تقرأ خلال هذا الشهر الفضيل في العديد من المساجد والجوامع والمحافل الدينية التي تمجد هذه المناسبة الجليلة، ويشير الشيخ سلام الى انه لدي العديد من المؤلفات الأخرى فقدت نتيجة لعوامل كثيرة أبرزها جائحة السبعين التي قضت على كثير من مؤلفاته.

وأشار الشيخ سلام إلى ان هذه المؤلفات توجد في مكتبة أنشأناها لهذا الغرض وهي تحمل اسمه وبها جميع مؤلفاته، بالإضافة إلى العديد من الكتب الدينية والثقافية والاجتماعية والأدبية والقصص، حيث يوجد بها نظام لإعارة الكتب، وهي مفتوحة على فترتين صباحية ومسائية، وهناك أوقات مخصصة للنساء، كما يقام بها بعض الدروس التعليمية للنساء والأطفال .

صفاته

لم يعثر على أي صورة شخصية للشيخ، وأكد ابنه الشيخ سلام انه حتى جواز الشيخ لم يعثر له على أثر إلا انه كان متوسط القامة نحيل الجسم، أبيض البشرة، تلف صدغيه لحية كثة طويلة يرتدي عمامة العلماء، وقد كف بصره في منتصف عمره، وكان يقرض الشعر الى جانب اشتغاله بالعلوم الدينية الأخرى، وكان كل شعره في الزهد والمواعظ والأجوبة على الأسئلة التي كانت ترد إليه شعرا.

مواقف مشرقة

يقول الشيخ سلام كان والده مولعا بالعلم منذ صغره فقد كانت بداياته الأولى وهو ابن خمس سنوات مع العالم النحرير الشيخ أحمد بن سعيد بن خلفان الخليلي ثم رحل الى ولاية بدية حيث قبلة العلم الإمام نور الدين السالمي ومعه اثنان من طلبة العلم، وكان ذلك الوقت في شهر رمضان المبارك وكان الوقت صيفا شديد الحر، وقد أتاهم الشيخ قبل الإفطار بتمر فلما فتحوا إناء التمر قبل الإفطار وجدوه تمرا فاسدا، قال له صاحباه: اذهب الى الشيخ وأخبره بأن هذا التمر الذي جاءنا به هو تمر فاسد وغير صالح للاستهلاك الآدمي، لكن الشيخ أبى ذلك وعف ونزه نفسه من ان يفاتح الإمام - رحمه الله - بذلك الأمر، بل فضل الصبر على ذلك الطعام في سبيل العلم، وقد نصح صاحبيه عن مفاتحة الإمام، لكنهما أصرا على إخبار الإمام بذلك حتى يستبدل لهما ذلك التمر الفاسد بتمر صالح للأكل، وفعلا أخبرا الإمام بأن ذلك التمر الذي جاء به اليهم غير صالح للأكل، وكانت ردة فعل الإمام السالمي - رحمه الله - ان غضب عليهما غضبا شديدا، قائلا لهما: إنكما ما أتيتما الى هنا للتفكه وإنما أتيتما لطلب العلم، وما كان ذلك إلا امتحان واختبار لهم من الشيخ السالمي حتى ينظر الى مدى صبرهم على طلب العلم، فان العلم لا يناله إلا أولو العزائم القوية والهمم العلية والنفوس الفاضلة، فقد قدم اليهم ذلك الطعام حتى ينظر في أمرهم، ولم يتحمل صاحباه ذلك الوضع ونكصا على عقبيهما راجعين من حيث أتيا، وقالا: نحن لا طاقة لنا بتحمل هذا الطعام ونحن في شهر الصيام، وبقي الشيخ حمد ملازما شيخه ينهل من حضرته صنوف العلم والمعرفة، ويعب من فيض علمه عبا حتى ارتوى من فيض علمه ومعرفته حتى أصبح شيخا يشار اليه بالبنان رجع بعدها الى بلده سمائل يقيم حلقات العلم فتتلمذ على يديه خلق كثير. وقد ذكر ابنه الشيخ سلام ان من شدة حرص والده على العلم وتعلقه به انه ما يسمع بكتاب لم يقرأه الا ويحرص على اقتنائه ولا يضعه حتى يتم قراءته فهما واستيعابا من أوله لآخره، وما ذلك إلا لمعرفته بقيمة العلم، وكان الإمام محمد بن عبدالله الخليلي - رحمه الله - يتدارس معه ويتذاكر حتى الفجر.

رحلته إلى الحج

وأشار إلى ان والده ذهب لأداء فريضة الحج مرة واحدة فقط، نظرا لصعوبة الذهاب الى الديار المقدسة آنذاك، وقد حدث أثناء سفره الى هناك ان جمعته الصدفة مع داعية باكستاني على ظهر السفينة التي تقلهم لأداء فريضة الحج، فوجد من صاحبه - وهو الداعية - يداوم على التدخين، فذهب إليه ذات ليلة يسأله عن دخانه الذي يشربه أين هو، فيستغرب الرجل لماذا يسأله أبو عبيد عن ذلك، فيطلب منه أن يحضره، ففعل الرجل وطلب منه أن يشعل دخانه ففعل، فأخرج أبو عبيد مصحفا كان يحمله داخل ثيابه، ويطلب من ذلك الشخص أن يقرب منه الدخان، فيسأله الرجل: «لماذا؟»، فيقول: «كي أبخّر به هذا المصحف وأطيبه به»، فما كان من ذلك الرجل الا ان يسأل الشيخ في تعجب: كيف يبخر كلام الله بهذا الدخان؟ هذا لا يجوز.. فيقول له أبو عبيد: «فأنت تفعل ذلك طوال الوقت تحضر هذا المصحف وتبخره بهذا الدخان»، حيث انك تحفظ كلام الله عن ظهر قلب في صدرك هذا، ثم تبخره بهذا الدخان السام الذي تملأ به صدرك»، فتأسف الرجل واستغفر ربه على ما كان منه، وقرر ألا يعود للدخان مرة أخرى.

وأضاف: كان الشيخ رحمه الله عليه شديدة الغيرة على حرمات الله وشديد الحرص على تغيير المنكر فكان يحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى سمع ذات مرة صوت الغناء ودق الدفوف وصل لحد المسجد الذي يصلي فيه، وكان وقتها مؤذن المسجد علي بن حمد بعدما رفع الأذان لصلاة العشاء أخذ يصلي النوافل فقال له: اتشتغل بنافلة وتترك واجبا، فأمره الشيخ بأن يذهب الى رب ذلك المنزل، ويخبره بأن يترك ذلك الأمر أو ان ينام تلك الليلة في سجن الحصن فكان رحمه الله آمرا بالمعروف لا يتردد عن قول كلمة الحق، يزجر الناس عن فعل المنكر وينهاهم عنه.

رحلته للعلاج

وأضاف: أدركت والدي وقد كان صحيح العينين لم يصب بالعمى بعد حيث أصيب بالعمى في النصف الثاني من عمره بسبب مرض خفي في رأسه، حيث ذهب إلى العلاج في جمهورية الهند، وأجريت له عملية جراحية هناك وقد استعاد نظره بعد العملية، وقد رافقه في رحلته الى الهند شخص يدعى سليمان بن محمد السليمي حيث كان يتقن اللغة الهندية ولكنه تعجل في الرجوع إلى الوطن بعد إلحاح من مرافقه ذاك للعودة للوطن، بعدما أحس ان العملية ناجحة، وقد وافقه الشيخ على طلبه، وعند رجوعهما عبر السفينة وقد تعرضت عيناه لشيء من التلوث نتيجة الهواء والغبار وغيره حيث كانت السفينة شراعية آنذاك وكانت مكشوفة فلذلك تأثر بصره ثانية وقد عانى من السهر والصداع وقت وصوله الى البلاد. وقد توفي في عام 1970م وكان عمره 90 عاما آنذاك.