كلمة عمان

حتى ينجح تمديد اتفاق أوبك لخفض الإنتاج

29 مايو 2017
29 مايو 2017

ليس من المبالغة في شيء القول بأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الدول المنتجة للنفط الأعضاء في منظمة «أوبك» وبين عدد من المنتجين للنفط من خارجها، من بينها السلطنة ، لتمديد اتفاق تخفيض الإنتاج، الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي ، هو خطوة مهمة، بل وضرورة بالنسبة للدول المنتجة والمصدرة للنفط بشكل خاص، من أجل محاولة دفع أسواق النفط الى التحسن، ولو النسبي، عبر امتصاص جزء متزايد من الفائض في الأسواق العالمية، ومن ثم إنهاء ثلاث سنوات من الانخفاض الحاد في أسعار النفط ، كانت بالفعل سنوات عجافا بالنسبة للدول التي تشكل العائدات النفطية المصدر الرئيسي لها من الدخل الذي تعتمد عليه في تنمية اقتصادها وتشغيل عجلة حياتها .

ومع الوضع في الاعتبار أن اتفاق فيينا بين الدول المنتجة للنفط، الأعضاء في اوبك وغير الأعضاء فيها، قد سبقتها اتصالات عديدة ومتشعبة بين الدول المنتجة للنفط، لتمديد العمل بالاتفاق القائم لتخفيض الانتاج ، فإن من الجوانب الإيجابية ان الدول المنتجة للنفط توافقت على تمديد العمل بالاتفاق ، ليس فقط لستة اشهر، ولكن لتسعة أشهر ، أي حتى مارس القادم، وهي بالفعل فترة طويلة، وتبعث على الأمل في تحقيق أهداف الدول المنتجة للنفط ، سواء فيما يتصل بامتصاص أكبر قدر من فائض الإنتاج الموجود في أسواق النفط العالمية، او في تحرك الأسعار نحو التحسن، بما يقلل نسبيا من خسائرها، وبما يسهم في سد جانب من احتياجاتها المالية، بعد العجوزات التي واجهتها كل الدول المنتجة للنفط دون استثناء خلال السنوات الثلاث الأخيرة .

و إذا كان من المؤكد ان جدية ودرجة الالتزام العالية بتخفيضات الإنتاج المتفق عليها، من جانب الدول المنتجة للنفط - من داخل أوبك وخارجها - خلال الأشهر الخمسة الماضية، هو ما أدى الى التحسن النسبي الذي حدث بالفعل في أسواق النفط، فانه من المهم والضروري استمرار الجدية والالتزام القوي بتطبيق الاتفاق، حتى يمكن ان يتم امتصاص مزيد من الفائض في الأسواق، وبالتالي تحسن الأسعار . أما إذا تقاعست الدول المنتجة، أو شعرت بأن فترة الأشهر التسعة فترة طويلة وأنه يمكنها تجاوز الاتفاق بشكل أو بآخر لتحقيق مصالح خاصة بكل منها، فإن النتيجة معروفة، بل ضارة بالتأكيد بالدول النفطية ، وبشكل سبق وأن عانت منه، ولا تزال تعاني بدرجة ما نتيجة انهيار أسعار النفط بشدة في منتصف عام 2014 ، واستمرار ذلك حتى الآن . من جانب آخر فإن التحسن النسبي في أسعار النفط في العالم ، والتطور التكنولوجي المتواصل بالنسبة لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، سمحت بعودة النفط الصخري الى الأسواق مجددا، غير ان محدودية حجم النفط الصخري، حوالي 500 ألف برميل يوميا، واستمرار إنتاجه، ينبغي ان يجعل الدول المنتجة للنفط تتعامل معه على أنه أمر واقع موجود ، وان تنظم خطواتها على هذا الأساس، وهو ما يتطلب مزيدا من التعاون والجدية والشفافية والمصداقية لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة لكل الدول المنتجة للنفط والمستهلكة له أيضا، وحتى ينجح تمديد اتفاق أوبك ويحقق الأهداف المرجوة منه .