روضة الصائم

أدب قضاء - مهام القاضي وشروطه (4)

29 مايو 2017
29 مايو 2017

زهران بن ناصر البراشدي/ القاضي بالمحكمة العليا مسقط -

ذكر عن يزيد بن أبي سفيان، قال: قال أبو بكر رضي الله عنه حين بعثني إلى الشام: يا يزيد، إن لك قرابةً، عسيت أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكبر ما أخاف عليك، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «من ولى من أمر المسلمين شيئًا، فأمر عليهم أحدًا محاباةً، فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً، حتى يدخله جهنم، ومن أعطى أحدًا حمى الله، فقد انتهك في حمى الله شيئًا بغير حقه، فعليه لعنة الله، أو قال: «تبرأت منه ذمة الله عز وجل.

وفي أخرى عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: وإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: من ولى ذا قرابة له محاباة وهو يجد خيرا منه لم يرح رائحة الجنة.

وعند أحمد وغيره أيضًا بزيادة «ومن أعطى أحدًا من مال أخيه شيئًا محاباة له فعليه لعنة الله. أو قال: برئت منه ذمة الله، إن الله دعا الناس إلى أن يؤمنوا بالله فيكونوا حمى الله، فمن انتهك في حمى الله شيئًا بغير حق فعليه لعنة الله. أو قال برئت منه ذمة الله.

عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ولى واليا فبلغه عنه ظلم لرعيته فلم يعزله فقد خان الله ورسوله».

«من ولي أمرًا من أمر الناس، ثم أغلق بابه دون المسكين أو المظلوم، أو ذي الحاجة، أغلق الله تبارك وتعالى دونه أبواب رحمته دون حاجته وفقره أفقر ما يكون إليها.

وفي الحديث القدسي» عن أبي ذر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه، أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا..»

فبـين الله عز وجل في هذا الحديث أنه حرم الظلم على نفسه فلا يظلم أحداً لا بزيادة سيئة ولا بنقص حسنة كما قال تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا).

وهو تعالى قادر على كل شيء، وفعله جل شأنه وعظم سلطانه كله عدل وحكمة؛ (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) الأنبياء/‏‏ ولكنه لكمال عدله حرم ذلك على نفسه جل وعلا.

وجعلته بينكم محرمًا؛ أي جعلت الظلم بينكم محرماً، فيحرم عليكم أن يظلم بعضكم بعضًا، ولهذا قال: فلا تظالموا. والفاء للتفريع على ما سبق.

وأما الإجماع فاتفاق الأمة على عدم جواز تولية الفاسق. كما ستعرفه إن شاء الله.

ولا ينبغي لأحد أن يطلب القضاء وإن دعي إليه، فالأولى الامتناع لعسره؛ إلا إن تعين عليه فيحبس أو يضرب، وإن لم يصلح إلا واحد كان فرض عين عليه.

وذلك إذا لم يوجد من يقوم به وخيف الفساد وانتشار الظلم؛ كما سبقت الإشارة إليه.

وكان صلى الله عليه وسلم يقضي بين الناس ويأمر أصحابه بالقضاء بينهم، وبعث عليا إلى اليمن ليقضي بينهم، وبعث عمر أبا موسى إلى البصرة قاضيًا، وابن مسعود إلى الكوفة.

وأول من قضى بالأرض آدم عليه السلام، قضى بين ابنيه قابيل وهابيل؛ لما أراد قابيل التزوج بتوأمته إقليما، وكان في شريعتهم لا يتزوج أحدهم بتوأمته، فرغب فيها وهي لا تحل له، وتحل له توأمة هابيل، وهي: لمودا، وقابيل وإقليما أول بطن ولدته حواء.