روضة الصائم

فـــتاوى

29 مايو 2017
29 مايو 2017

ما رأي سماحتكم في التسعير؟ فقد ذهب البعض على أنه لا يجوز على أهل الأسواق، وأفتى البعض بجواز التسعير في الأقوات وفي زمن الاضطرار، وأجاز البعض التسعير العادل إذا احتاج الناس إليه؟

الأصل في التسعير أنه غير جائز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتنع عنه، وقال: بأنه يريد أن يلقى الله وليست عليه ظلامة لأحد، فمعنى ذلك أن التسعير ظلم، وقد قال: « دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض»، والتسعير هو مناف لهذه الحكمة، ولكن إن أدى الأمر إلى ضرر الناس، بحيث أخذ التجار يحتكرون المواد الضرورية التي تتوقف حياة الناس عليها، وهي الأقوات ورفعوا أسعارها في وقت الاضطرار إلى ذلك، فإن للحاكم أن يتدخل هنا بقدر ما يرفع الضرر عن المسلمين والله تعالى أعلم.

ما رأيك في رجل كان يبيع سلعته بالكذب في بعض الأحيان، مع العلم أن الرجال الذين كان يبيع سلعته عليهم منهم يعرفه ومنهم من لا يعرفه ومنهم لا يذكره، ولكن الذي لا يذكره ربما يكون حيا، ومنهم قد توفي ولم يكن له وارث، ومنهم له وارث، وأراد هذا الرجل أن يتوب عن هذه الأمور التي سلكها من قبل، ولكن من شروط التوبة أن يرد ما أخذه بغير رضى صاحبه، وإذا طبق هذا الشرط على هذا الرجل ليس عنده من المال الكافي لذلك، وما الحكم إذا تاب عن ذلك ثم رجع في هذا الأمر ثم تاب مرة أخرى ولم يع؟

أما من يعرفه أو يعرف وارثه فإن طلب منهم المحاللة أو من ورثتهم بعد موتهم فوافقوا على ذلك فقد برئت ذمته بذلك مما لهم، وأمّا من لا يعرف لهم وارثًا، ولا يعرفهم بأنفسهم فمرد ذلك إلى فقراء المسلمين، فإن أمكنه التخلص مما عليه لهؤلاء الفقراء فليفعل، فإن لم يمكنه فليوص به، لعل الله يهيئ له سبب التخلص في حياته أو يقيض له من يقضي عنه هذا الحق بعد وفاته، فإن لم يكن شيء من ذلك فالله أولى بعذره، وهو يقضي عنه خصمه يوم القيامة ـ إن علم منه صدق التوبةـ، والله أعلم.

ما قولكم في رجل من المنطقة الداخلية بعمان، وهو مقيم بالعاصمة مسقط، وعندما يدخل شهر رمضان لا يصوم بحجة أنه مسافر، ويصعب عليه الصوم في الحر، ثم يقضي رمضان في أشهر الشتاء البارد؟

إن كان مقيمًا بالعاصمة إقامة استيطان فلا يصح له ذلك، وعليه الكفارة عن كل شهر يفطر فيه، اللهم إلا أن يكون مريضًا مرضًا يباح له معه الفطر، وذلك بأن يتعذر عليه الصوم أو يشق عليه مشقة ظاهرة أو يخشى منه زيادة مرض، ففي هذه الحالات يباح له الإفطار شريطة القضاء، لقوله تعالى: (فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَو عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ) ، أما تأخير الصيام من الصيف إلى الشتاء لسبب الحر نفسه مع قدرته على التحمل فلا يصح بحال، والله أعلم.

سماحة الشيخ: ما قولكم فيمن نام ـ في ليالي رمضان ـ عن صلاة العشاء، فلم ينتبه إلا بعد طلوع الشمس، وعندما انتبه وجد في ثوبه جنابة، فماذا عليه؟

عليه أن يبادر إلى الغسل من الجنابة، لحديث: (من أصبح جنبا أصبح مفطرا)، ثم يؤدي الصلاة المفروضة العشاء والفجر عند فراغه من الطهارة ـ ولو بعد طلوع الشمس ـ، والراجح أنه لا قضاء عليه؛ لأنه أصبح جنبا على غير عمد، وليست الجنابة بأشد من الأكل، مع أن الأكل من غير عمد لا ينقض الصوم، والله أعلم.

المصدر: موسوعة فتاوى سماحة الشيخ احمد الخليلي