أفكار وآراء

قطاع الإسكان والادخار في العقار

27 مايو 2017
27 مايو 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

[email protected] -

تعمل وزارة الإسكان عبر أجهزتها المختلفة في إعداد المخططات الإسكانية وتحديد استعمالات الأراضي على مستوى المدن والقرى بهدف تمكين المواطنين من الاستقرار في أماكن سكناهم، فيما تهدف برامج الإسكان الاجتماعي لذوي الدخل المحدود إلى توفير المسكن المناسب من خلال برنامج الوحدات السكنية للأسر التي لا يتجاوز دخلها الشهري 400 ريال عماني (1040 دولارا أمريكيا) بالإضافة إلى توفير برنامج المساعدات، وبرنامج القروض السكنية للفئات الأخرى. ووفقا لحديث معالي وزير الإسكان بمجلس الشورى مؤخرا، فقد بلغ عدد طلبات الأراضي التي تم تقديمها للوزارة من قبل المواطنين منذ عام 2008م ما يقارب من 500 ألف طلب ( نصف مليون طلب)، فيما تعمل الوزارة على تسريع عملية التوزيع في حال توفر المخططات. وقد بلغ عدد الأراضي المخططة خلال الفترة (2012 - 2016م) نحو 273918 قطعة أرض بمختلف الاستعمالات بجميع محافظات السلطنة، فيما بلغ عدد الطلبات المستلمة بالاستعمال السكني خلال الفترة من 20 ديسمبر 2008م حتى نهاية عام 2016م ما مجموعه 682662 طلبا بمختلف محافظات السلطنة. كما تم توزيع 277030 قطعة أرض للمواطنين - وهذا يشكّل في حد ذاته إحدى وسائل الادخار لدى المواطن.

وحول عدد الأسر المستفيدة من برنامج المساعدات السكنية فقد بلغت 16246 أسرة، بمبلغ قدره 362.6 مليون ريال عماني (943 مليون دولار أمريكي)، في حين بلغ عدد الأسر المستفيدة من برنامج القروض السكنية 4454 أسرة، بمبلغ قدره 107 ملايين ريال عماني (278 مليون دولار أمريكي)، كما بلغ عدد الطلبات في برنامج المساعدات السكنية حتى نهاية 2016م ما مجموعه 59660 طلبا. ولتعزيز الجانب السكني لدى المواطنين والحفاظ على ادخاراتهم، فإن وزارة الإسكان بصدد التوسع في هذه البرامج حيث إن مرئياتها محدودة بالرغم من هذه البرامج، وأنها بصدد طلب مساهمة القطاع الخاص في التنمية المجتمعية، والشراكة مع هذا القطاع من خلال المطورين العقاريين، وتحويل القروض السكنية إلى بنك الإسكان العماني، حيث تقوم الوزارة حاليًا بدراسة شاملة لتقييم وتنظيم هذا القطاع من خلال التنسيق الكامل مع الجهات الحكومية المختصة والقطاع الخاص من خلال شركات التطوير العقاري، ووضع التشريعات والقوانين المنظمة لذلك، لتوفير بيئة ملائمة لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية للسلطنة، وتشجيع المطورين العقاريين للدخول بقوة من خلال عرض سلعة عقارية تنافسية تخدم القطاع العقاري، لإيجاد مساكن تتناسب مع متطلبات جميع شرائح المجتمع العماني، عبر إيجاد أنظمة تسهل على المستثمرين تنفيذ مشاريعهم بالجودة والسرعة المطلوبة، ومنحهم التراخيص اللازمة.

ومن خلال بعض نتائج الاستبيانات الخاصة حول إقدام العمانيين للادخار في مجال العقار يتضح بأن الغالبية من العمانيين لديهم العقار. وقد أظهرت نتائج أول تعداد عام أجرته عمان في تاريخها حول السكان والمساكن والمنشآت في عام 1993 إلى أن ثلاثة أرباع السكان في السلطنة وبنسبة 61.6% كانوا يعيشون في مساكن مملوكة لهم مقابل ما يقارب من 21.7% يعيشون في مساكن مستأجرة. ويعزى السبب في زيادة ادخارات العمانيين في قطاع العقار نتيجة لسياسة الحكومة العمانية بتوفير قطع الأراضي المجانية لكل مواطن يتعدى عمره 21 عاما مقابل دفع مبلغ بسيط للتسجيل بواقع ريال عماني واحد (2.6 دولار) للمتر المربع. وعبر السنوات الماضية منحت وزارة الإسكان آلاف الأراضي لأغراض مختلفة. وتوضح إحصاءات التعداد الأول للسكان والمساكن والمنشآت أن عدد المساكن في عمان بلغ في عام 1993 نحو 344846 مسكنا من مختلف الأنواع، في حين بلغ إجمالي عدد المساكن حسب تعداد 2010 نحو 546215 مسكنا مقارنة بـ 430996 مسكنا في تعداد 2003.

ومن جانب آخر يقوم بنك الإسكان العماني - وهو بنك حكومي - منذ إنشائه في عام 1977 بمنح قروض إسكانية ميسرة وطويلة الأمد للمواطنين العمانيين من خلال شبكة من الفروع لتمويل شراء أو تشييد أو استكمال مسكن لمدة تصل إلى 25 عاما. وقد تم رفع سقف القروض الممنوحة للمواطنين ليبلغ 60 ألف ريال عماني (156 ألف دولار أمريكي) في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع تكلفة البناء والمقاولات، كما تم تخفيض أسعار الفائدة على الإقراض من قبل البنك، حيث يحظى البنك بدعم حكومي سنوي مقابل القروض. ويشارك في تأسيس بنك الإسكان العماني بجانب الحكومة العمانية ستة من صناديق التقاعد المحلية برأس مال يبلغ 100 مليون ريال عماني (260 مليون دولار أمريكي). وهذه الصناديق تضطلع بدور توفير الحماية الاجتماعية للموظفين والمشمولين بأنظمة التقاعد ولأسرهم من بعدهم، وتمارس هذه الصناديق في الجانب الاقتصادي من خلال الادخار الإجباري نشاطاً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية من خلال استثماراتها المتنوعة. كما تعتبر هذه الاستثمارات من المصادر التمويلية المهمة لتلك الصناديق والتي تساعدها في الوفاء بالتزاماتها التقاعدية تجاه المستفيدين منها لاحقا. وتمتلك الحكومة العمانية 61% من أسهم بنك الإسكان العماني بقيمة 61 مليون ريال عماني (158.6 مليون دولار)، فيما تمتلك الصناديق الستة نسبة 39% من أسهم البنك وبواقع 6.5% لكل من منها.

وقد بلغ إجمالي القروض المدعومة التي قدمها البنك للمواطنين منذ تأسسيسة في عام 1977 وحتى نهاية عام 2015م على مستوى فروع البنك المنتشرة في مختلف محافظات وولايات السلطنة عدد 39386 قرضا بقيمة إجمالية بلغت 864.2 مليون ريال عماني (2.247 مليار دولار أمريكي)، منها 16471 قرضا لمحافظة مسقط بقيمة إجمالية 342.5 مليون ريال عماني (890.5 مليون دولار أمريكي)، بنسبة 41.8% من إجمالي عدد القروض ونسبة 39.6% من قيمتها.

وهذا يعني أن آلافاً من الموظفين العمانيين في القطاعين العام والخاص يشاركون في عملية الادخار الإجباري من خلال دفع القسط الشهري لمؤسساتهم لنهاية الخدمة، والحصول على العوائد المالية النقدية لاحقا، كما يساهمون في دفع القسط الشهري لبنك الإسكان العماني أو للبنوك التجارية الأخرى من خلال امتلاكهم للعقار والسكن سواء لغرض السكن العائلي أو لغرض الإيجار للآخرين.

ونتيجة لهذه التسهيلات أصبح الكثير من العمانيين يتجهون للادخار في بناء منازل خاصة بهم قبل كل شيء. كما أن معظم البنوك العمانية الأخرى تقوم اليوم بتقديم ومنح القروض الإسكانية مقابل فائدة سنوية نتيجة للطلب المتزايد على القروض الإسكانية بسبب عدم قدرة بنك الإسكان العماني من مواجهة الطلبات المتزايدة من المواطنين الراغبين في البناء والحصول على القروض الإسكانية. ومن هذا المنطلق قام البنك المركزي العُماني باتخاذ العديد من الإجراءات خلال الفترة الماضية كان من ضمنها تطبيق سقوف منفصلة للقروض الشخصية والإسكانية والتي تم تعديلها بهدف تخصيص مزيد من الأموال للقروض الإسكانية مما يساهم في توفير السكن الملائم للأسر العُمانية، لتصبح 35% للقروض الشخصية و15% للقروض الإسكانية بدلاً من 40% و 10% على التوالي من إجمالي محفظة القروض لكل بنك تجاري. كما تم تحديد نسبة خدمة الدين عند 50% من صافي الراتب بالنسبة للقروض الشخصية غير الإسكانية، و60% بالنسبة للقروض الإسكانية. وعلاوة على ما تقدم، ونظراً للمستوى المنخفض من المخاطر المرتبط بهذا النوع من الإقراض، فقد تم إجراء تخفيضات متتالية على نسبة الفائدة على القروض الشخصية كان آخرها في الثاني من اكتوبر من عام 2013م حيث تم التعميم على البنوك التجارية في السلطنة بتخفيض سقف سعر الفائدة على القروض الشخصية من 7% سنوياً إلى 6% سنوياً.

كما أنشئت في السلطنة خلال السنوات الماضية عدة شركات تمويل عقارية تقوم ببناء الوحدات السكنية وبيعها إلى المواطنيين نقدا أو من خلال تمويل القروض طويلة الأجل من قبل البنوك العمانية أو شركات التمويل المرخصة. وقد سبق لبعض العمانيين أن ادخروا أموالهم في العقار منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، عندما طرحت أول شركة مقاولات برنامج بناء بيوت حديثة (فلل) للبيع بأسعار زهيدة لتصل اليوم قيمتها بأضعاف مضاعفة، حيث تمكنوا لاحقا من زيادة ثرواتهم من بيع هذه الوحدات، وادخار أموالهم في مشاريع مماثلة، وفي قطاعات اقتصادية أخرى.