salem-22
salem-22
أعمدة

إضاءة قلم: شهر الألفة والمحبة

27 مايو 2017
27 مايو 2017

سالم بن حمدان الحسيني -

يجدر بِنَا ونحن نتفيأ ظلال هذا الشهر الفضيل أن نشكر قبل كل شيء صاحب الفضل المتفضل علينا ببلوغ هذا الشهر المبارك، شهر الإحسان.. شهر التوبة والغفران، شهر الخيرات والبركات، شهر الألفة والمحبة ولقاء الأحبة حيث تجتمع النفوس، وتأتلف القلوب على مائدة الرحمن الرحيم تجمعنا الغاية والهدف فتتوحد الصفوف وتلهج الألسن وتسكن النفوس (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ، رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ، لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، فبمثل ذلك تسعد الأنفس وتنشرح الصدور، وينكفئ الشيطان خاسئًا ذليلًا حقيرًا لا يجد له في المجالس مؤنسا ولا في القلوب مكانا وقد كفاهم الله أمره وكف عنهم شره، وذلك من فضائل هذا الشهر المبارك الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر به أصحابه عند استهلالهم إياه فيقول لهم: «أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم»، وكان جدير بالمسلم إن يكون ذلك حاله سائر العام فليس للشيطان سبيل على الإنسان إذا اعتصم بحبل الله المتين ولجأ إلى حصنه الحصين، وقد اكد ذلك قوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ)، فهنا الاستثناء حاصل من الإنسان نفسه إذ تأمره نفسه الإمارة بالسوء فتغويه عن اتباع الحق لترديه في المهالك فإذا ما خرج هذا الإنسان من حصن الله الحصين أصبح صيدا سهلا للشيطان الرجيم؛ لأن السبيل أمامه سهلة ميسرة فيرتع حينها في أرض خصبة حيث يحرث فيها ويبذر بذور الشقاق.. يصقع في جنباتها ويغرد على أغصانها ويرتع برجله وخيله فيها دون رادع..

وتلك نتيجة حتمية لذلك المشهد الذي يعيشه المسلمون اليوم واقعا في نفوسهم، إذ يرتع الشيطان في بلادهم دون رقيب ولا حسيب ولا مخرج من ذلك إلا بإعمار هذه القلوب بالإيمان الصادق والنوايا الصافية السليمة فهي المعوّل عليها في أمر الدنيا والدين (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) نسأل الله سلامة قلوبنا وصحة إيماننا وقبول طاعاتنا وأن يجعل هذا الشهر المبارك منطلقنا نحو غد أفضل بإذن الله.