روضة الصائم

تلبية الحاجة الإنسانية

26 مايو 2017
26 مايو 2017

هلال بن علي اللواتي -

يعيش العالم اليوم حالة من الحيرة والاضطراب رغم ما يجد من التطور التقني والتكنولوجي، إذ يجد نفسه رغم تلك التطورات والاختراعات التقنية والتكنولوجية غير قادر على الوصول إلى ما يحقق سعادته وحضارته.

فيظل باحثًا عما يلبي رغبته، ويحقق ذاته، ومع تقدم العلوم فإن حالة الحيرة تزداد لدى الإنسان؛ لأنه يظن أن الحلول لمشكلته الاجتماعية قد اقتربت وإذا به يجد أن المشكلات لا تزداد إلا سوءًا وخطورة وفتكًا ودمارًا وتشريدًا وتفرقةً. فما يأمل فيه أنه المحقق لسعادته ورافع لمشكلته التي يعيشها منذ قدم الأزمنة غدا أكثر خطورة على إنسانيته من أصل فضلاً على وجوده!، وما نشاهده اليوم من حالات الفساد الاجتماعي والدمار الإنساني وحلول السلاح واللغة العدوانية محل لغة العقل والحوار الهادئ خير شاهد على ما نقول، حتى دب اليأس في قلوب الكثير من الناس من مشاهدة الحلول في المدى القريب. ومع كثرة العلوم المتعلقة بمشروع «بناء الذات الإنسانية» فإن البشرية تشعر جيدًا رغم أن تلكم المحاولات جيدة ومشكور عليها إلا أنها لا ترقى إلى مستوى العلاج الجذري والحل الحاسم الأكيد، وهذا ما دفعنا إلى البحث عن العلل التي تقف وراء عدم قدرة العلوم المتعلقة بمشروع بناء الذات على تحقيق ما تدعيه وترفع لأجله الإعلانات وتسوق له بمبالغ عالية جدًا، فهذا يستوقف المرء، ويثير لديه إشكالاتٍ كثيرة جدًا، إلا أن التساؤل الوجداني الملح الذي لا ينفك حضوره في ساحة العقل والنفس ويفرض وجوده: هل هناك من العلم أو العلوم ما يمكن به أو بها أن تحل الإشكالية الجوهرية التي تتلخص في عنوان «المشكلة البشرية»، فيعيش الإنسان في رغد من العيش وفي طمأنينة واستقرار، ويحقق سعادته وحضارته؟!.

إن العقل يرى ويشاهد جميع الكائنات، وهي تعيش تحت مظلة منظومة طبيعية كونية تحفظ بها المعادلات الكونية والطبيعية والحيوانات والحشرات وسائر الكائنات عدا أن الإنسان هو الوحيد الذي يعاني من مشكلته، فليس من المعقول أن يكون مستثنى من تلك المنظومة الوجودية الرائعة!.

الأمر الذي دعانا إلى البحث عن «العلة الجوهرية» التي بها يمكن الانطلاقة لعلاج «المشكلة البشرية»، فبحث الإنسان الذي يريد العلاج الحقيقي هو البحث عن تلك العلة، وهذا يعني الدخول إلى عالم العلل الواقعية الحقيقية التي تقف وراء المشكلة الإنسانية، والتي تعتبر السر الأعظم حقًا، فإن الوقوف عليها يعني معرفة الداء، وكما هو معلوم أن معرفة الداء نصف الدواء، ونقول إنه كفى للبشرية أن تكون ولكن .. ألم يكفِ البشرية أن تكون «حقلاً للتجارب»، أو «ساحة التسويق التجاري»!!، فإلى متى تظل رهينة لفكرها، مسجونة في سجن «نظرياتها» وفي سجن ما هو بحكمها.