روضة الصائم

جامع ابن بركة (4 هجرية) يحوي فقها مقارنا

26 مايو 2017
26 مايو 2017

موسوعات عمانية -

إدريس باحامد القراري -

عُرِفَ العُمانيون منذ الزمن القديم باهتمامهم الشديد بالعلم وأهل العلم، لذا ليس غريبا عليهم أن يسخروا في ذلك النفس والنفيس من أجل خدمة هذه الغاية النبيلة، والهدف الشريف، إذ ليس بعجيب أن يسخر الشيخ أبو محمد ابن بركة البهلوي المعرف بشيخ المغاربة علمه وماله لخدمة الباحثين وطلبة العلم منذ تلك القرون الهجرية المتقدمة فقد كان من علماء القرن الرابع الهجري على الراجح، وغيرهم كثير في تلك العصور، وفي هذه العصور الحديثة، وإن كان هذا النوع من الاهتمام لا يقل أهمية عن الاهتمام بتحرير مسائل العلم، وهذا هو منهج المدرسة الإباضية كغيره امن المدارس الفقهية التي أهتمت بتحرير العلم ومسائله وفق قواعد وآليات ليس المجال مجال ذكرها الآن، فنجد المدرسة الإباضية في مصاف المدارس التي اهتمت بتحرير مسائل العلم، على اختلاف أنواعه ومشاربه، إذ لم يقتصروا على فن واحد من فنون العلم، فقد اهتموا بعلوم الدين، كما اهتموا بعلوم الدنيا، كما صنف الشيخ الكندي العلم في مصنفه، ولو تأملنا في مؤلفات المدرسة الإباضية المشرقية لوجدنا أن العلماء اهتموا بتآلف مسائل العلم في المجال الديني مما لا يدع مجالًا للشك على تمكنهم، ورسوخ قدمهم في ذلك، مع التحرز والتورع فيما يكتبون ويحررون معتقدين أن ما يكتبون ويدونون سيسألون عنه أمام الله تعالى، ومن أمثلة ذلك العالم العماني الذي قرأ القرآن الكريم حتى وصل إلى قوله تعالى: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين)؛ فراح ممزقًا ما كتبه من تفسير خشية أن يتقوَّل على الله تعالى ما لا يجوز في حقه، وهذا الكلام أوردته ليعلم الواقف على التراث العلمي العماني أن هنالك علماء أفذاذ ربما نأوا بأنفسهم عن الكتابة خشية التقول على الله تعالى، على أن الموسوعات العمانية أثبتت جدارتها، ورسّخت اسمها مرصَّعًا بخيوط من ذهب على مستوى السَّاحة العلمية محليا وعالميا، وليس المجال مجال وصف للقيمة العلمية لهذه المصنفات أو مدى تأثيرها وهذا ما سيأتي الحديث عنه، وإلا فسأقتصر في هذا المقال على أهم الموسوعات العمانية ونماذج مما جاء به محاولا ترتيبها حسب القرون التاريخية على اختلاف تخصصاتها واهتماماتها.

من الموسوعات الفقهية العمانية المهمة والتي تعود إلى القرن الرابع الهجري موسوعة العلامة ابن بركة البهلوي، وهو عبارة عن جامع جمع فيه الشيخ لفيفا متنوعا من موضوعات علم العلم، بداية بعلم الأصول معرجا إلى بقية العلوم الأخرى التي تنضي تحت راية الفقه، على العموم، وقد أدرجت هذه الجامع ضمن الموسوعات العمانية وإن كان الشيخ لم يتناول بعض العلوم المتعلقة بذلك كعلم العقيدة نظرا إلى أن الشيخ ابن بركة ذكر أصولا يمكن للعالم والمتعلم الاحتكام إليها أثناء مناقشته لأصول العقيدة، يعُّد هذا الجامع أو هذه الموسوعات من أهم الموسوعات العمانية لعدة أمور لعل أهمها تصدره من الناحية الزمنية، على غرار بعض الموسوعات والمجاميع، كما أنه يحوي فقها مقارنا يدل على سعة أفق الشيخ ابن بركة، لذا نجد المهتمين بفكر الشيخ يسلطون الضوء بين الفينة والأخرى على الكتاب تحقيقا وتدقيقا، فقد حُقِّقَ أَكْثَرَ مِنْ مرَّة، وغاص مجموعة من الباحثين في ثنايا الكتاب مُسْتَجْلِينَ أسلوب الشيخ وأفكار الشيخ ولكل مأرب وغاية في ذلك. تحوي مكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي 12 قطعة من هذه الموسوعة وهي وفق الترتيب الآتي:

النسخة الأولى: برقم: (10) وهو الجزء الأول والثاني، عدد الصفحات: 621، الخط نسخ مشرقي ممتاز، عدد الأسطر: 25، المقاس: 35 سم طولا، 25 سم عرضا، ورق أبيض ممتاز ثخين، مقاس النَّص داخل الصفحة: 26 طولا 15 عرضا، الحبر: أسود عل العموم، وأحمر للتنسيقات، الناسخ: عبد الله بن مصبّح الصّوافي، نسخة للشيخ: ناصر بن سليمان بن راشد اللمكي، بتاريخ: 23 شعبان 1298هـ نسخة مقابلة من النسخة التي نسخ منها. بالمخطوط بعض التمليكات منها: ناصر بن سليمان بن راشد اللمكي قيد التمليك بتاريخ: 10 رمضان 1299هـ وتمليك آخر بتاريخ: 20 محرم 1299هـ، وقد ذكر مقدمة مهمة فيها مصير الكتاب بعد موته بخطّ وَلَدِهِ عبد الله بن ناصر بن سليمان اللمكي. في 5 ذو القعدة 1309هـ، ووجد بعده مباشر تدوينٌ مهمٌّ بخط ناصر بن محمد بن سالم اللمكي بتاريخ: 27 شعبان 1389هـ، كما ذكر أن هذا الكتاب مرجعه على يد: سالم بن محمد بن شيخان السالمي في الصفحة الأولى من المخطوط. في آخر المخطوط قصائد مهمة في مدح الكتاب ومؤلفه الشيخ ابن بركة. لون الغلاف أحمر داكن يميل إلى البني عليه زخرفة مذهبة رائعة، ورقه بحالة ممتازة ذا لون أبيض فاتح.