1021287
1021287
الرئيسية

ندوة اقتصاديات دول المجلس تبحث الآفاق والحلول لعصر ما بعد النفط

24 مايو 2017
24 مايو 2017

توصية بالعمل المشترك لتعزيز التنمية المستدامة -

كتب - حمد بن محمد الهاشمي -

أوصت ندوة “اقتصاديات دول المجلس لعصر ما بعد النفط.. آفاق وحلول” على أهمية العمل المشترك في إطار مجلس التعاون الخليجي لمواجهة المستقبل بروح التكامل بما يعزز القدرات الاقتصادية للدول الأعضاء ويمهد لها سبل التنمية المستدامة ومواجهة التحديات، وإعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في صياغة برامج التكامل الاقتصادي وتعزيز روح المواطنة الخليجية من خلال تبني ودعم مبادرات القطاع الخاص التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل خاصة تلك المرتبطة بالميزة التنافسية واقتصاديات المعرفة.

نظمت الندوة اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عمان بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية واتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي، تحت رعاية معالي سلطان بن سالم الحبسي أمين عام المجلس الأعلى للتخطيط، وضيف شرف الندوة صاحب السمو السيد الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، وذلك بفندق جراند ملينيوم بمسقط. بحضور عدد من أصحاب المعالي والسعادة من السلطنة وعدد من دول الخليج العربي، ومشاركة معالي الدكتور عبد اللطيف الزياني أمين عام مجلس التعاون الخليجي، ومعالي الدكتور عبد الرحمن الحميدي رئيس صندوق النقد العربي، وسعادة محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية.

إعادة النظر في النماذج التقليدية

كما تضمنت توصيات الندوة أنه على مؤسسات القطاع الخاص إعادة النظر في نماذجها التنظيمية والتجارية التقليدية وإعادة اختراع نفسها لتكون ذات صلة باحتياجات الاقتصاد المعاصر بالتوجه نحو الأدوات الرقمية والنطاق الترددي الواسع (bandwidth and fiber optics)، وينبغي على الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص الاستثمار في قطاعات تقنية المعلومات والبحث والتطوير، الأمر الذي يساهم في دعم برامج التنمية المستدامة بعيدا عن النفط. وتقترح الندوة أن يستثمر القطاع الخاص بما لا يقل عن 5٪ من أرباحه السنوية في هذه المجالات، والاستفادة من نتائج الدراسة الخاصة بالخارطة الصناعية التي أعدتها منظمة الخليج للاستشارات الصناعية والتي من خلالها تم تحديد الفرص الاستثمارية المتاحة في عدد من الصناعات الغائبة عن المنطقة مثل: الصناعات الغذائية والصناعات الأساسية لمنتجات الحديد والصناعات الكيماوية وغيرها، وتسخير الفوائض المالية في الصناديق الاستثمارية والسيادية وتوظيفها نحو صناعات تخلق تنوعا اقتصاديا مثل صناعة المعرفة وتقنية المعلومات والصناعات التحويلية وغيرها من الصناعات غير النفطية، والبحث عن آليات للاستفادة من وسائل التمويل المبتكرة لتعزيز قنوات التمويل الأخرى التي تغذي مشروعات التنمية المستقبلية في دول المجلس، والعمل على تقليل البيروقراطية من خلال إيجاد مؤشر لها وتم السعي إلى تخفيضه وتقليله.

مقترحات الندوة

ولتفعيل التوصيات أكدت الندوة على أهمية بناء إدارات مختصة في كل الغرف التجارية تعنى بتشجيع ودعم التجارة والصناعة والاستثمار في دول المجلس . تتكون هذه الإدارات من وحدتين وهما: دراسة الخارطة الصناعية وفرص الاستثمار الواعدة للشركات والترويج للمشاريع الاستثمارية الخليجية المشتركة، وقاعدة بيانات تعنى بتسريع انتقال وتبادل المعلومات ذات العلاقة بالاستثمار وقضايا التنمية الأخرى، ومقترح لدراسة إنشاء مسرعات صناعية بالتعاون مع منظمة الخليج للاستشارات الصناعية، وكذلك البحث عن آليات عمل لترسيخ مفهوم القيمة الخليجية المضافة وتعزيز الاستفادة منها لأهميتها في الدفع بعجلة النمو والتنمية في دول المجلس وتوفير آفاق أوسع لأنشطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وإطلاق جائزة خليجية للاقتصاد المعرفي يتبناها اتحاد غرف التجارة والصناعة بدول المجلس تهدف إلى حث شركات القطاع الخاص على تخصيص بنود لتمويل برامج اقتصاد المعرفة وإنشاء دوائر أو وحدات إدارية مختصة بتنفيذ هذه البرامج.

تدارس الأوضاع الاقتصادية

وتناولت الندوة ثلاثة محاور رئيسية وهي: الفرص الواعدة من القطاعات غير النفطية، وتمكين القطاع الخاص الخليجي لقيادة دفة التنمية الاقتصادية، ومصادر السيولة المالية والتمويلات المستقبلية في دول مجلس التعاون، وخلال الندوة ألقى قيس بن محمد اليوسف رئيس اللجنة الاقتصادية بغرفة تجارة وصناعة عمان كلمة افتتاحية قال فيها: تهدف هذه الندوة للتعرف على طبيعة الأزمة الاقتصادية وتجلياتها وآثارها الراهنة والمستقبلية، والاستفادة قدر المستطاع من الخبرات والتجارب الإقليمية والعالمية في جانب تحقيق التنويع الاقتصادي؛ بإيجاد بدائل جديدة حقيقية تعمل على الابتعاد تدريجيا من الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل. كما تهدف الندوة من خلال عناصرها الرئيسية إلى تدارس الأوضاع الاقتصادية والطاقات الكامنة بدول مجلس التعاون الخليجي وخاصة الطاقات البشرية التي هي ثروتنا الحقيقية واستشراف الآفاق المستقبلية في القطاعات التنموية المختلفة بما يضمن تطور التنمية الاقتصادية والاجتماعية بدول المجلس، وترسيخ العمل بروح التكامل الاقتصادي وتعزيز مفهوم القيمة الخليجية المضافة، إلى جانب تعزيز دور القطاع الخاص الخليجي من خلال الغرف التجارية وتطعيمه بالممكنات المطلوبة حتى يقوم بدوره المأمول خلال المرحلة الحالية وتعميق الشراكة الجادة بينه وبين القطاع العام، والبحث عن وسائل التمويل المبتكر وتعزيز دور الصناديق السيادية والاستثمارية في تمويل المشاريع.

مشيرا إلى أن الحكومات الخليجية قامت خلال الفترة الماضية بالعديد من الجهود والمبادرات لتجاوز الأزمة، والتي تهدف إلى إيجاد بدائل للدخل القومي، وفي السلطنة اعتمدت الحكومة برنامج “تنفيذ” الذي جاء في سبيل تنويع مصادر الدخل وتحقيق أهداف خطة التنمية الخمسية التاسعة 2016-2020م، وفي المقابل القطاع الخاص يقوم بأدوار كبيرة مساندة وداعمة للجهد الحكومي من حيث تعزيز مساهماته في الاستثمارات المحلية لا سيما في القطاعات الاقتصادية الواعدة والتي منها قطاع السياحة، وقطاع النقل واللوجستيات، وقطاع الصناعات التحويلية وغيرها من القطاعات الأخرى.

وأضاف اليوسف قائلا: نرى أنه من الأهمية التركيز خلال الفترة القادمة على مقومات البحث العلمي ودعم الابتكار وتوجيهه بما يخدم التنمية الاقتصادية في البلد من حيث تطوير الصناعات وتجويد الخدمات والارتقاء بالمواطن الخليجي الذي هو أساس التنمية وهدفها وغايتها، وبدورنا في غرفة تجارة وصناعة عمان أسسنا بالتعاون مع جامعة السلطان قابوس كرسي غرفة تجارة وصناعة عمان للدراسات الاقتصادية، والذي من بين أهدافه تعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنويع الاقتصادي والتنافس الدولي.

العمل بروح التكامل

من جانبه قدم معالي الدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية ورقة عمل بعنوان “نظرة استشرافية لمستقبل الاقتصاد الخليجي: أهمية العمل بروح التكامل الاقتصادي وتعزيز المواطنة الخليجية”. أشاد من خلالها بالجهد المتميز الذي قامت به غرفة تجارة وصناعة عمان من أجل تنظيم هذه الندوة.

وأوضح قائلا: إن دول مجلس التعاون شرعت منذ عدة عقود في تحقيق نهضة تنموية وحضارية يشهد بها العالم، ووضعتها في مصاف الدول المتقدمة عالميا، وكان النفط هو مصدرها الوحيد تقريبا للدخل القومي، ولكنها عرفت كيف تستفيد من هذا المصدر الطبيعي في بناء نهضتها وتطوير مجتمعاتها والاستعداد للمستقبل، لعصر ما بعد النفط، ولقد سعت دول المجلس إلى استغلال عائدات النفط في تنفيذ الخطط الإنمائية لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير بيئة آمنة مستقرة ومزدهرة تتيح للإنسان الخليجي الفرصة للإنتاج والإبداع، فهو هدف التنمية ومصدرها ووسيلتها.

وأشار إلى أن دول المجلس حرصت على التوجه نحو تهيئة القطاعات الاقتصادية غير النفطية للمضي في عمليات التنمية المتوازنة القائمة على تنويع مصادر الدخل، مع الارتقاء بأداء القطاع العام وتطوير خدماته إلى مستويات عالية، وتبني أساليب الإدارة الحديثة ونظم الحكومة الإلكترونية، وتسهيل الخدمات المقدمة لعموم المستفيدين، وتعزيزا لمبدأ الشفافية والمساءلة، وتوفير البيئة القانونية والإدارية النزيهة والعادلة والمستقلة، وتطوير التعليم والاهتمام بالشباب لبناء المجتمع المعرفي والاقتصاد القائم على المعرفة والابتكار وريادة الأعمال، في الوقت الذي عملت فيه على تشجيع القطاع الخاص وتعزيز دوره الأصيل في الأنشطة الاقتصادية، بإقامة شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وتضافر جهودهما من أجل تحقيق التنمية المستدامة، المتوازنة اقتصاديا واجتماعيا.

وأوضح الزياني أن الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس بلغ نحو 1.402 تريليون دولار لتأتي في المرتبة الحادية عشرة عالميا، كما حققت المرتبة السادسة في قائمة دول العالم المصدرة للسلع، إذ بلغت قيمة صادراتها الإجمالية أكثر من 554 مليار دولار، وبلغت قيمة وارداتها حوالي 468 مليار دولار، مما جعلها تحتل المرتبة التاسعة عالميا، وتحتل المرتبة التاسعة أيضا من حيث حجم التبادل التجاري الذي بلغ نحو تريليون دولار، حيث إن دول مجلس التعاون امتلكت دائما القدرة على التعامل مع الأزمات والتحديات الاقتصادية والتعافي منها بأقل الأضرار.

مشيرا إلى أن دول المجلس حرصت على إقامة وتطوير المدن الصناعية الحديثة والصناعات المنافسة، كما أولت عناية كبيرة بقطاع السياحة وصناعة الفندقة والمؤتمرات والمعارض، واستثمرت مليارات الدولارات لتطوير البنية الأساسية، والاهتمام بمجالات السياحة المتخصصة، حيث بلغ عدد المتنقلين من مواطني دول المجلس بين الدول الأعضاء في عام 2015 حوالي 26 مليون متنقل.

مؤكدا أن دول المجلس بدأت في إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية باستثمارات تتجاوز 155 مليار دولار، والعمل على الاستفادة من طاقة الرياح. مشيدا بالتقدم الكبير الذي حققته الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في هذا المجال، فدولة الإمارات أنشأت مدينة (مصدر) المدينة العالمية التي تعتمد على الطاقة المتجددة، ومحطة (شمس 1) أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم ، وهي تمتلك 68% من القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة في دول المجلس، كما أن المملكة العربية السعودية أنشأت في عام 2010 مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، والمركز السعودي لكفاءة الطاقة. كما أوضح أن شبكة الربط الكهربائي الخليجية قادرة على استقبال مختلف أنواع الطاقة الكهربائية مهما كان مصدرها، مما يحقق أمن الطاقة لدول المجلس، والقدرة على تصديرها للخارج بعائد اقتصادي مجز.

وأكد معالي الزياني أن مسيرة مجلس التعاون شهدت نقلة نوعية في آليات العمل الخليجي المشترك تمثل في تأسيس هيئة الشؤون الاقتصادية والتنموية، وهي هيئة رفيعة المستوى لتفعيل التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية، حيث ستقوم الهيئة بتطوير التعاون وتعميق التكامل في المجالات الاقتصادية والتنموية، وتبني المبادرات وتذليل كافة العقبات.

الحاجة إلى شراكة قوية

جاءت الجلسة الأولى من الندوة بعنوان “تمكين القطاع الخاص الخليجي لقيادة دفة التنمية الاقتصادية”، احتوت على عدد من المحاور وهي: الحاجة إلى شراكة قوية ما بين القطاع الخاص الخليجي، والدور المستقبلي للغرف التجارية، وتفعيل دور الطاقات البشرية وزيادة معدلات الإنتاجية (تأهيل، وتدريب، والرقي بدور المرأة)، بالإضافة إلى أهمية توفير قاعدة بيانات عن الفرص الاستثمارية بدول الخليج.

وقد تحدث سعادة محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة إعمار العقارية خلال هذه الجلسة قائلا: استغلت دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الماضية موردها الأساسي “النفط” على أحسن وجه وذلك من خلال بناء البنية الأساسية كالجامعات والمستشفيات وغيرها. وأشار إلى ضرورة التفكير في تقليل الاعتماد على النفط وضرورة التوجه إلى موارد اقتصادية أخرى لأن أسعار النفط متغيرة وخاصة في الفترة الأخيرة. مؤكدا أن دول المجلس قدمت الكثير من التسهيلات للمستثمر الخليجي كتسهيل الإجراءات وحمايتهم وتأسيسهم.

فيما جاءت الجلسة الثانية تحت عنوان “الفرص الواعدة من القطاعات غير النفطية”، والتي تطرقت إلى عدد من المحاور وهي: الجوانب الإيجابية لانخفاض أسعار النفط، وتفعيل الخارطة الصناعية الخليجية لتفعيل دورها في تحديد الفرص الواعدة، واقتصاديات المعرفة ودورها المحوري في الدفع بعجلة التنمية. بينما جاءت الجلسة الأخيرة تحت عنوان “مصادر السيولة المالية والتمويل المستقبلية في دول مجلس التعاون”، والتي ناقشت عددا من المحاور وهي: المعالجات الضريبية وتأثيرها الاقتصادي والاجتماعي، والحاجة لبدائل التمويل الابتكارية، والدور المستقبلي للصناديق الاستثمارية في التمويل.