1018202
1018202
تحقيقات

هل الأبناء رابط لحل الخلافات رغم التوتر في العلاقات الزوجية

24 مايو 2017
24 مايو 2017

لولا الأبناء لانفصلنا..!

سارة الجراح -

1017890

لولا الأطفال، لولا ظروف أهلي المادية، لولا كلام الناس، وغيرها وغيرها من الظروف التي لا نعلمها وتتحجج بها الزوجة في حال عدم رضاها من الحياة الزوجية التي تعيشها، لكنها صابرة من أجل سبب معين وبصريح العبارة يمكننا أن نقول إنها (مضطرة) لتستمر، فحين نسمع مثل هذه الجملة ربما نستاء، ونقول: هل فعلا الزوجة مجبرة بأن تعيش في وضع هي لا تتقبله، وتظلم بها نفسها مهما كانت الأسباب؟! وربما البعض الآخر يتعاطف معها، ويواسيها، ويحثها على الاستمرار، وبالذات أن كان بينهما أطفال، وما عليها إلا أنها تتحمل مرارة الحياة الزوجية من أجلهم!، يا ترى هل المرأة التي كانت تعيش وسط أهلها في دلال، ومن ثم انتقلت للحياة الزوجية لتكمل نصف دينها، ولتكون أمًّا وتعيش حياة هادئة يسودها الحب والوئام والاستقرار وتتفاجأ بعد فترة أن زوجها حول حياتها إلى جو من المشاحنات اليومية، ومقصر معها ماديًا ومعنويًا ستسمر؟! وإن كانت المرأة عاملة، ولها دخلها الخاص، ويمكنها أن تستقر بذاتها ترضى بالوضع؟! وماذا عن الزوجة التي لا حول لها، ولا قوة ومعتمدة الاعتماد الكلي على الزوج تصبح وتمسي بدموع قائلة: (نارك ولا نار أهلي)!، وتكون خاضعة لكل ما يحدث بسبب ظروفها وظروف أهلها المادية! دون أن تحل شيئًا!!.

مع كل المشاكل التي تحدث تحت سقف الحياة الزوجية، ومع كل الحالات التي تمر بها الزوجة أو الزوج، ومع ذلك مستمرون في الحياة الزوجية، لكن دائما يرددا (لولا.. ولولا.. لتركتك!!)، هذه الجملة هل تؤثر على العلاقة الزوجية؟ وهل يجوز أن تقال وقت المشاكل؟

سلمى الشكيلية: على الزوجة أن تدع لنفسها قيمة وتفرض الاحترام وخاصة أمام الأبناء -

مريم الزدجالية: لا يوجد ابن يرضى بإهانة والدته أمام عينه بدون سبب -

طالب بن حبيب الوهيبي يقول: كثيرا ما نسمع هذه الجملة أثناء غضبها من زوجها (من أجل أبنائي أعيش معك وإلا أنت لا تستحق أن أعيش معك لحظة واحدة!)، أرى هذه الجملة حين تخرج من لسان الزوجة بها استنكار للمحبة الزوجية، والاستمرارية معه فقط من أجل الأبناء، سؤالي هنا: أين الرابط المقدس الذي جمعهما؟ ولماذا رضت به كزوج منذ البداية إن لم يكن يناسبها؟ وبمعنى أصح لماذا أنجبت منه إن كانت تراه لا يستحق العيش معه؟!.

الزواج لابد أن يستمر بالتآلف والمحبة وليس بالنكران وعدم الرضا بالزوج، وإلا ما فائدة التواصل؟

وأرى الحالات التي تستمر، وهي غير راضية بالحياة الزوجية، وتكون منزعجة من البقاء مع الزوج كثيرة في المجتمع، لكن ما يجعلها تستمر مثلما ذكرت سابقاً (الأبناء)، وهناك أيضا أسباب أخرى تتضمنها وهي: قد تكون استقرضت من البنك للمشاركة مع زوجها لبناء منزل أو غيره، فهنا تكون غير قادرة أيضًا على الانفصال.!

ضعف الحال

تقول سلمى بنت أحمد الشكيلية «أم»: أغلب النساء يعشن مع أزواجهم من أجل الأبناء وبالذات المرأة التي لا تعمل؛ لأنها تعلم لو طلبت الانفصال أين ستذهب؟ ومن الذي يتحملها هي وأطفالها؟، (لا حول لها ولا قوة)، وتدريجيًا شخصيتها تتهمش، ويكون هو بمثابة الظل لها، والذي لا يمكنها أن تفعل أي شيء بدونه، وبعض الأزواج يستغل ضعف زوجته فيتمرد عليها ويهددها أن ترضى العيش معه مثلما هو يريد أو (الباب يوسع جمل)!، وأرى أن على الزوجة وان كانت ضعيفة يجب أن تدع لنفسها اعتبارا وقيمة وتفرض عليه الاحترام وبالذات أمام الأبناء.

الدمار النفسي

أما مالك بن خميس الراسبي «أب» يقول: في كثير من الأحيان تحدث صراعات جانبية بين الزوجين وتكون في البداية عادية، لكن مع مرور الزمن تزيد حدتها ويصبح كل زوج لا يطيق العيش مع الثاني؛ بسبب عدم تقبل وجهة نظر الآخر، وتزداد حدة الصراع لدرجة أن كلا منهم لا يطيق النظر لوجه الثاني، ويتصنعون السعادة أمام الأبناء حتى لا يشعرونهم بأن هناك أي خلاف بينهم، ويستمرون على هذا الموال لسنوات وسنوات دون مراعاة لشعورهم كأزواج، وتجد كلا منهم يتمنن على الآخر بأن بقاءه من أجل الأطفال!، وفي رأيي هذا هو الدمار النفسي وهو بداية النهاية.

المعاملة الحسنة

مريم بنت محمد الزدجالية ترى أن الزوج الذي يستغل ضعف زوجته دون رحمة أو دون احترامها كونها أما لأولاده إن كان بينهما أطفال، لا يستحق أن تعطيه حقوقه حتى يشعر بقيمتها ويعززها ويعرف ما هو دورها في هذا المنزل، ويراعي ذلك، وإن كان غير مقتنع بها، وبمعنى لا يتشرف بها كزوجة بالرغم من أنها غير مقصرة معه، ومع أولاده، لديه خياران أما أن يترك المنزل لها ولأولاده، وتربيهم هي دون أن تسمع إهانات يومية أو التقليل من شأنها، وبالذات أمام الأطفال؛ لأن هذا يجعلهم ينفرون منه لا شعوريًا فلا يوجد ابن يرضى بأن يجد والدته تهان أمام عينه بدون أي سبب، أو أن يعاملها معاملة حسنة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان).

الاحترام مهم

منى بنت عبدالوهاب الزدجالية تقول: أكبر جريمة ترتكبها المرأة في حق ذاتها هو أن تضع نفسها في دوامة متحججة بوجود الأطفال، أنا من وجهة نظري إن كانت المرأة تعمل أو أن أهلها ميسورو الحال، ويمكنهم أن يستقبلوها هي وأبناءها عليها ألا تخضع لرجل لا يحترمها ولا يقدرها، فبالعكس أنا أرى وجود الأطفال تحت سقف مليء بالمشاحنات اليومية له تأثير أكبر عليهم، وحين نسمع عن حالات الأبناء المنحرفين نجد بأن الأغلبية يقولون نهرب من جو المنزل والخلافات اليومية المستمرة بالمنزل، فالحياة الزوجية لا تطلب فقط الصبر من أجل الأبناء، بل تطلب الاحترام المتبادل بينهم، فما الفائدة من أن يجدا الوالدين تحت سقف واحد الأب يصرخ من جهة والأم من جهة أخرى، أنا لا اشجع على الانفصال بل على أن يتقبل كل منهما الآخر إذا كانت فكرة الطلاق غائبة عنهما ويسود المنزل الاحترام، أو تختار المرأة طريقها إن كانت قادرة على تحمل تربية الأولاد ومن أسرة ميسورة ومحافظة، فهنا لا خوف على الأطفال فبالعكس قد يعيشا بهدوء أكثر، وهناك حالات كثيرة انفصلت وأجد أن أبناءهم نفسيا وأخلاقيا أفضل من هؤلاء الذين يعيشون تحت سقف المشاحنات كما ذكرت.

وسؤالنا للشيخ حمود بن عامر الصوافي «إمام وخطيب»: ما هي الحلول المناسبة لتسود هذا المنزل محبة ومودة وخصوصًا هناك بعض الأزواج حين يرى زوجته ضعيفة ماديًا ومعتمدةً عليه الاعتماد الكلي فيقوم بالتسلط والتجبر عليها؟

كيف نجعلها تعيش حياتها، وهي راضية، سعيدة وليست مجبرة، تعيسة؟! وما هي ردة فعل الزوج حين يسمع هذه الجملة من زوجته (لولا الأطفال لتركتك)، أو حين يعلم بأن زوجته تماشيه الحياة الزوجية لأسباب أخرى هل يحاول أن يغير من أسلوب حياته؟ أم انه يجد نفسه على صواب؟! وعليها أن تتقبل حياته بسعة صدر أو ترى حياتها؟! وما رأي الدين في الزوج الذي يستقوي على زوجته حين يرى أنه المصدر الوحيد لدخلها؟!

علاقة رحمة ومودة أم تسلط وتجبر؟

يقول الشيخ حمود الصوافي: لقد أنصف الإسلام المرأة وأعطاها حقها، ولم يجز للرجل أو الزوج أن يتسلط عليها أو يحتال في أمر مالها أو يؤذيها في نفسها أو بدنها، قال تعالى: «وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)»[النساء/‏‏‏21].

وقال: «لذلك ذكّرنا المولى بالميثاق الغليظ الذي أخذنا به المرأةِ، قال تعالى: «فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)[الطلاق/‏‏‏2]، ونبهنا على العلاقة الحميمية التي جمعتنا معها، والمودة والرحمة التي عشنا لأجلها فخليق بنا ألا ننسى عهودنا معها، ولا نتنكر لفضلها مهما كانت الأسباب التي أحاطت بنا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيرًا فإنهن عوان في أيديكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله»، وقال أيضًا: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي»، فيعرف معدن الرجل وشهامته ومروءته في معاملته لأهله وفي إحسانه لذوي قرابته».

فيجب أن يكون الوفاء حاضرًا بيننا؛ لأنه من طبع المسلم فلا نتركه طرفة عين أو نهمله في ساعة غضب وضيق، قال تعالى: «لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237)»[البقرة/‏‏‏236، 237].

فالرابطة المقدسة ليست مجرد متعة جسد أو إطفاء غرائز أو تسلط ذكوري بل هي علاقة مودة ورحمة وتكامل وتجانس، وتفاعل وتعاون، قال تعالى: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)»[الروم/‏‏‏21].

لقد خلق الله الزوج وزوجه، وجعل من تجانسهما وتشاركهما وسيلة لبقاء الحياة واستمرار الأجيال تلو الأجيال فهذه الرابطة المقدسة يجب أن نهتم بها ونحتاط في أمرها ونقاوم ما يعتريها من أمراض وأحوال شائكة لأنها نواة المجتمع وأساسه المتين لذلك يأمرنا الله تعالى في معرض ذكره لهذه الرابطة بالتقوى والإحسان إلى بعضنا البعض وتذكر تعاليم الله تعالى أمرا ونهيا، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)»[النساء/‏‏‏1]، وقال: «وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)[النحل/‏‏‏72]، وقال: «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)[الأعراف/‏‏‏189].

فاحذر يا عبدالله، أن يكون حالك كحال تلك المرأة التي جادلت زوجها وبثت شكواها إلى الله تعالى، فأنزل الله في شأنها قرآنا يتلى من فوق سبع سماوات إلى يوم القيامة، قال تعالى: «لقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ» (1)[المجادلة/‏‏‏1].

لذلك لا تعجب من منزلة المرأة وقيمتها، فقد أحاط الإسلام الرباط الزوجي بسياجات كثيرة وأسوار كبيرة تحميه من التصدع والانهداد والتهرّؤ فأبان عن طرق اختيار المرأة الصالحة وضرورة مراعاة الجانب الخلقي والديني في الزوجة المنتقاة.

ومثل ذلك شرع في الرجل، فأنبأ أولياء الأمور عن ضرورة مراعاة الجوانب الخلقية في الرجل لتنشأ العلاقة بينهما حسنة لا تعكرها سوء العشرة ولا تؤثر عليها طبائع الزوجين واختلاف البيئات، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ إلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ).

وقد راعى الإسلام هذه الجوانب لتستمر أواصر الرحمة والمودة بين الزوجين طوال مدة حياتهما فلم تبن العلاقة في الإسلام على شهوة جانحة، أو متعة وقتية إذا شبع أحدهما من الآخر، رمى به كما ترمى جيف الكلاب الميتة على الأرض اليباب.

فطوبى للرجل الصالح مع المرأة الصالحة، وطوبى للرجل الذي يحسن إلى زوجه، ويساعدها في مختلف شؤون حياتها وطوبى لمن أدرك أن العلاقة الزوجية ليست علوًا على المرأة أو تجبرًا من قبل الذكر بل يجب على كل واحد منهما أن يقدم للآخر ما يحبه، لتزداد الحياة ألقا وجمالا ولمعانا والتماعًا وليحذر الرجل من تعمد مضايقة زوجه أو إيذائها معنويًا أو نفسيًا كأن يهددها بالطلاق عند كل عثرة أو سوء فهم أو اختلاف في أمر من طرائق العيش أو مسالك الحياة.

وليدرك الزوج، والزوجة مثله أن طول المكث، وكثرة الاجتماع والالتقاء قد يسفر عن حدوث مشاكل جانبية واختلافات بينية يجدر بالزوجين أن يقزّماها أو يصغرا أمرها عن طريق التفاهم ومحاولة معرفة ما لدى الآخر من حجج واعتبارات وما يدور في خلده من دلائل وأسباب.

وليحاول كل من الزوجين أن يبتعد عما يخدش العلاقة أو يؤدي إلى انفصامها وانحلالها أو يسيء إلى صاحبه فلا يكبّرا الصغائر المتتابعة والخلافات المتعاقبة التي تنشب بينهما فقد قيل: النار من مستصغر الشرر بل عليهما أن يستهينا بهما ويحلاها مباشرة إذا بدا لهما أنها استفحلت.

لأنهما قد يرياها اليوم هينة ليّنة لكنها مع مرور الأيام وتكررها ما تلبث أن تكبر فتصير مضخمة لا يمكن أن تحل عقدها أو يستطاع القضاء عليها لذلك علينا أن نبتعد كل البعد عن أي إيذاء أو تهديد في ساعة تسرّع أو سرعة تفكير مشوّه فاجتنب تهديد المرأة بالطلاق أو إشعارها أن العلاقة لم يبق منها شيء إلا بمقدار ارتهانها بالأولاد!

فعلينا أن نحسّن العلاقة بيننا ونحفظ الود الذي كان معنا، ليكون الوفاء ديدننا فإن بدا لك ضيق في المرأة أو عافت نفسك إياها فإياك أن تقدم على إهانتها أو تربط بقاءك معها بمصلحتك أو مصلحة طفلك الآنية أو توجهات قبيلتك وقرابتك دون اعتبار لمشاعر المرأة الفياضة وقلبها النابض باللين.

وإياك أن تكون ساذجًا في تعاملك مع زوجك فتخبرها بكل ما يسيء إلى نفسها مما هو في صدرك أو تحتبسه أنفاسك في ساعة مخاصمة وتقول: لا يمكن أن أكتمها مشاعري وماذا تجني من مشاعر لن تحصل من ورائها إلا إصابة المرأة في مقتل أو انفطار قلبها وانشطاره شطرين فإياك ثم إياك أن تخثّر قلبها وتنكأ نفسها فماذا يبقى من الزواج إن ذهبت كرامة أحد الزوجين؟ وما هي الحياة التي سيعيشها الزوجان في ظل هذه القذائف الفتاكة التي يكيلها أحد الطرفين للآخر؟ وما الفائدة من بقاء أجساد بلا أرواح ؟ لا شك أن بنيان الأسرة سيتقوض ولو بعد حين ويوشك أن ينهار في أقرب عراك فحذار من التسرع في الأقوال أو الأفعال أو التهاون في الكلمات والعبارات فربما كان وقع الكلمات أشد من الحسام وأحد من السيف البتار فارعو أيها المتسلط ولا تحسب القوامة قوة بإظهار العضلات بل اجعل القوامة وسيلة لتأمين حقوق المرأة والمحافظة عليها دون انتقاص، ووسيلة لبقاء أسرنا والمحافظة على مجتمعاتنا، قال تعالى: «الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ»[النساء/‏‏‏34].