أفكار وآراء

مساعي تمديد خفض إنتاج نفط «أوبك» تسعة أشهر وممكنات موازنة الأسواق

23 مايو 2017
23 مايو 2017

بغداد ــ فيينا ــ (رويترز): وصل وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إلى بغداد أمس الأول الاثنين في زيارة نادرة ضمن أحدث جهود من أكبر منتج للنفط في أوبك لإقناع العراق، وهو عضو بارز آخر في المنظمة، بتمديد خفض الإنتاج تسعة أشهر أخرى لتخفيف تخمة المعروض من الخام في الأسواق العالمية ورفع الأسعار. وتجتمع الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في فيينا يوم غد الخميس لبحث تمديد تخفيضات الإنتاج التي جرى الاتفاق عليها في ديسمبر الماضي بين المنظمة و11 دولة خارجها من بينها روسيا. وتستمر التخفيضات الحالية حتى نهاية يونيو. وتضغط السعودية وروسيا من أجل تمديد التخفيضات تسعة أشهر حتى نهاية مارس 2018.

وهذه هي المرة الأولى منذ ثلاثة عقود يزور مسؤول سعودي كبير بقطاع الطاقة بغداد. واجتمع الفالح مع نظيره العراقي جبار اللعيبي لمناقشة تعزيز العلاقات الثنائية وقرار أوبك المقبل من أجل تعزيز الأسعار العالمية وتقليل تخمة المعروض في سوق النفط العالمية. وتريد أوبك خفض مخزونات الخام العالمية إلى متوسط خمسة أعوام لكنها وجدت صعوبة في الوصول لهذا المستوى. وتحوم المخزونات حول مستويات قياسية مرتفعة لأسباب منها زيادة الإنتاج في الولايات المتحدة غير المشاركة في الاتفاق. وقال أمين عام أوبك محمد باركيندو للصحفيين في فيينا «أعتقد أن لدينا توافقا متناميا (حول مدة تمديد تخفيضات الإنتاج)». وكان العراق وإيران حجري العثرة الأساسيين أمام قرار تخفيض الإنتاج السابق في ديسمبر.

التحدي أمام أوبك: قال العراق وقتها إنه بدأ لتوه تحقيق نمو في الإنتاج بعد سنوات من التباطؤ بينما قالت طهران إنها بحاجة لزيادة إنتاجها بعد رفع العقوبات الغربية التي كانت مفروضة عليها. وانتهى الأمر بموافقة العراق على تقييد الإنتاج في النصف الأول من 2017 بينما جرى السماح لإيران بزيادة طفيفة في إنتاجها ضمن الاتفاق الذي توصلت إليه أوبك والمنتجون غير الأعضاء لتخفيض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا أو اثنين بالمائة من النفط المستخرج عالميا.

وحصلت نيجيريا وليبيا على إعفاء من التخفيضات، حيث تضرر إنتاجهما من الاضطرابات. واستعادت كلتاهما بعضا من الإنتاج في الأشهر الماضية ومن المتوقع أن تضيفا المزيد قريبا وهو ما يزيد التحديات التي تواجهها أوبك في سعيها لإعادة التوازن إلى السوق. وقال جولدمان ساكس، وهو واحد من أكثر البنوك نشاطا في تجارة السلع الأولية، أمس الأول الاثنين إن تمديدا لتسعة أشهر سيساعد على إعادة التوازن للمخزونات في 2017 وإبقاء أسعار خام برنت قرب 57 دولارا للبرميل.

وجرى تداول العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت على ارتفاع نسبته واحد بالمائة عند نحو 54 دولارا للبرميل بحلول الساعة 1455 بتوقيت جرينتش يوم الاثنين. وارتفع سعر النفط بعدما أعلنت منظمة أوبك في شهر نوفمبر الماضي عن قرار تخفيض إنتاجها بحوالي 1,2 مليون برميل في اليوم. وارتفع السعر أكثر عندما انضمت مجموعة من الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك في الشهر التالي. ولكن هل هناك مصلحة لمنتجي النفط الأمريكي بهذا التخفيض في إنتاج النفط؟ وما هي الاستراتيجية التي ستتبعها المملكة العربية السعودية والدول الكبرى الأخرى المنتجة للنفط بعد انقضاء الأشهر الستة التي تنص عليها اتفاقية تقليص الإنتاج؟ استقرت العقود الآجلة للنفط الخام اليوم مع توزع تركيز السوق بين ارتفاع الإنتاج الأمريكي وتخفيضات الإنتاج التي تنفذها أوبك ومنتجون آخرون. و استقرت أسعار العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت عند 55.86 دولار للبرميل. وارتفعت العقود إلى أعلى مستوى في شهر عند 56.65 دولار أمس قبل أن تفقد مكاسبها. وانخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي ستة سنتات إلى 53.05 دولار للبرميل. ولامست العقود أعلى مستوياتها منذ السابع من مارس عند 53.76 دولار للبرميل في الجلسة السابقة. ويركز المتعاملون على بيانات أولية لتقديرات الإنتاج الأمريكي في التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية تشير إلى أن الإنتاج المحلي ما زال في ارتفاع. وأوضح التقرير أن المخزونات بمركز التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما الأمريكية ارتفعت 276 ألف برميل في الأسبوع المنتهي في السابع من أبريل. لكن البيانات أظهرت هبوطا غير متوقع في إجمالي مخزونات الخام الأمريكية التي تراجعت الأسبوع الماضي 2.2 مليون برميل في الوقت الذي انخفضت فيه الواردات 717 ألف برميل يوميا. وارتفع خاما برنت وغرب تكساس الوسيط في الجلسات الأخيرة بعد تقارير بأن السعودية تضغط على الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وبعض المنافسين لتمديد تخفيضات الإنتاج لما بعد يونيو

الاتفاق شبه جماعي على الخفض:الدول الأعضاء في منظمة أوبك وافقت على استثناء إيران من تخفيض الإنتاج للسماح لهذا البلد بأن يعود الى مستوى الإنتاج الذي كان قبل فرض العقوبات الأخيرة عليه.

ويبدو أن الإيرانيين قد وصلوا إلى الحد الذي يستطيعون إنتاجه (ما يقارب 3.8 مليون برميل يوميا، على الرغم من أنها أرادات أن ترفع إنتاجها إلى 4 أو 4,2 مليون برميل يوميا، وهو غير واقعي في الوقت الحالي)، لذلك وافق السعوديون على التخفيضات بناء على الإنتاج الإيراني الحالي، وهذا أحدث فرقا كبيرا بالنسبة للسعوديين. ولكن على ما يبدو أن أعضاء أوبك الآخرين لا يستطيعون مواصلة سياسية تخفيض الإنتاج، خاصة مع زيادة إنتاج النفط في الولايات المتحدة، بمعدل 330.000 برميل يوميا في عام 2017 مقارنة مع 2016، ومن المتوقع أن تصل الزيادة إلى 740.000 برميل يومياً في ديسمبر 2017، وهي زيادة كبيرة بالفعل، ومن شأنها أن تسبب مشاكل للدول الأعضاء في منظمة أوبك.

اجتماع تمهيدي: سوف تستضيف الكويت في 22-23 مايو الجاري اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بمراقبة اتفاقيات فيينا في خفض إنتاج النفط، والمراقبون يعتقدون أن السعودية قد تضع حداً لسياسة تجميد الإنتاج. وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال الأسبوع الماضي إن مخزونات النفط العالمية لا تنخفض بالشكل الذي كانت تأمله أوبك. ومن ناحية ثانية فإن السعودية تنتج كميات إضافية من النفط في فصل الصيف تطلق عليها تسمية (محروقات الصيف). في شهر أبريل من كل عام يزيد السعوديون الإنتاج بمعدل 300.000 - 400.000 برميل يومياً للتعويض عن زيادة استهلاك الماء والكهرباء بسبب درجات الحرارة المرتفعة في فصل الصيف.

في اتفاق أوبك الأخير، وافقت السعودية على تخفيض إنتاجها بمعدل 486 ألف برميل بحلول يناير 2017. وقد قاموا بتخفيض 400 ألف برميل فعليا؛ لذلك فإننا نتحدث عن تخفيض إضافي قدره 86 ألف برميل؛لذا فإننا سنعرف الأرقام المتعلقة بتخفيض الإنتاج الفعلي في وقت لاحق من شهر مارس أو أبريل 2017. الاختبار الحقيقي سوف يكون في «محروقات الصيف» في الصيف المقبل للسعودية، وفيما إذا كانت المملكة ستزيد إنتاجها بمعدل 300.000 - 400.000 برميل يومياً أم لا.

العامل الرئيسي المجهول الآخر في كل هذا هو ما سيحدث لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة في هذا العام. إذا ارتفع إنتاج النفط الصخري، وهو أمر متوقع حدوثه، فسوف يكون له تأثير على أسعار النفط إذا لم يتم التقيد بتقليص إنتاج النفط في منظمة أوبك. في هذه المنطقة الرمادية نحن لا نعرف حالياً من الذي سوف ينتج أكثر، وحتى فيما إذا كان الروس قاموا بتخفيض إنتاجهم كما وعدوا.

وزير الطاقة السعودي حذّر من أن أعضاء منظمة أوبك لا يمكنهم الاعتماد على أن المملكة سوف تستمر في حمل حصة غير متكافئة من العبء، ويجب أن تأخذ هذه الدول النفطية هذا التحذير بشكل جدي فماذا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تفعل الآن؟ تغير موقف الفالح من تمديد تخفيض الإنتاج. منذ ستة أسابيع كان يقول أنه لا ضرورة لتمديد اتفاقية تخفيض إنتاج النفط. وفي الأسبوع الماضي، خلال إلقائه كلمة في مؤتمر في هيوستن، فتح الباب لهذا الاحتمال.