1019269
1019269
المنوعات

اكتشافات أثرية بمواقع سلوت ببهلا ومتنزه سمهرم بظفار.. وإشادة بجهود السلطنة في حفظ الآثار

22 مايو 2017
22 مايو 2017

مستوطنات ومدافن وحفريات عصور قديمة -

1019271

«العمانية»: أعلن أمس بمكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية عن اكتشافات أثرية لكل من موقع حصن سلوت الأثري بولاية بهلا بمحافظة الداخلية ومتنزه سمهرم الأثري في محافظة ظفار بدعم وإشراف مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية وقامت به بعثة إيطالية من جامعة بيزا.

وأكدت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية في مؤتمر صحفي عقد بمكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية أن موقعين ذوا قيمة تاريخية وجمالية أخّاذة وفريدة هما موقع حصن سلّوت الأثري في ولاية بهلا في محافظة الداخلية، وموقع سمهرم الأثري في محافظة ظفار، واللذان يعتبران كنزين للتراث الثقافي والأهمية البيئية للسلطنة.

وقالت البروفيسورة إنه وعلى مدى السنوات القليلة الماضية كشفت الحفريات في هضبة سلّوت (حصن سلّوت) على مستوطنة قديمة حيث ارتبطت بالعصر البرونزي القديم «بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد» وتم بناء بعض المدافن على قمة الهضبة على شكل أبراج، وهي مرتبطة بمبانٍ أخرى من نفس الفترة في السهل وعلى الجبل المقابل لسلّوت وفي الشمال الغربي من الموقع الرئيسي، على بعد بضع مئات من الأمتار، كشفت الحفريات عن برج من العصر البرونزي الأول.

وأشارت البروفيسورة إلى أن الهيكل الدائري الرئيسي يبلغ قطره حوالي 22 مترًا، من كتل ضخمة من الحجر الرملي، ومن المحتمل أن الجزء العلوي من البرج يتميز بسلسلة من المباني المرتبطة ببئر مركزية.

أما خارج البرج هناك خندق (بعمق 3 أمتار ويتفاوت حجمه من 11-13 مترًا) متصل بنظام قناة مائية.

وأضافت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية: إن المواد التي خلّفتها حفريات البرج استثنائية، حيث إنها جنبا إلى جنب مع الفخار المحلي تؤكد على تاريخ الموقع الذي يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد مشيرة إلى أن هناك أدلةً على الواردات والاتصالات مع حضارة وادي الإندوس وهذه العلاقة الواضحة بين سلّوت ووادي الإندوس مدهشة وغير متوقعة حيث تم العثور على خزفيات مستوردة في بعض المواقع على طول الساحل/‏‏‏حفريات رأس الجنز، على سبيل المثال‏. وأكدت البروفيسورة أنه يوجد في سلّوت أول دليل على وجود اتصال بين الهند والمناطق داخل عُمان وهو وجود الأختام من وادي الإندوس، وتؤكد المعثورات الأخرى على الدور المهم الذي قام به الموقع في الشبكة التجارية الكبيرة التي شملت إيران وبلاد الرافدين وآسيا الوسطى.

وحول حصن سلوت قالت البروفيسورة: إن الحصن برز بروعته الخالدة خلال العصر الحديدي ‏1300 قبل الميلاد -300 قبل الميلاد‏ ويتألف الجزء العلوي من سلسلة من الغرف، وبعض المباني المصنوعة من الطوب اللبن إن الحجم الكبير والحفظ الاستثنائي لجدران من الطوب لا تزال أمثلة غير مسبوقة في الجزيرة العربية.

وقالت البروفيسورة: إنه في موسم التنقيب الأخير انتقل البحث إلى السهل الذي يحيط بالموقع الرئيسي حيث تم العثور على أول مستوطنة على طول الجانب الشمالي الشرقي من الموقع (سميت بقرية سلّوت لتمييزها عن حصن سلّوت) وقد تم الكشف هنا عن العديد من المنازل والمناطق التي كان تتم فيها معالجة وإنتاج المعادن، ولا تقتصر المستوطنة على هذا الجانب من السهل فقط، ولكنها تمتد على طول جميع جوانب الهضبة لتصل تقريبا إلى مائة ألف متر مربع.

وأكدت البروفيسورة أن المواد الأثرية الأولية من القرية تدل على أن المستوطنة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي، والى الوقت الحالي فإنه لم يتم العثور إلا على عدد قليل من المعثورات التي يرجع تاريخها إلى العصر البرونزي مما يعطي دلالة واضحة بانها لا تزال مليئة بالمفاجآت وينبغي ألا نتقيد بأي حدود للمعثورات المستقبلية.

وحول عمل البعثة الإيطالية في ميناء سمهرم والمنطقة المحيطة قالت البروفيسورة: إن العمل في المنطقة امتد لمدة عشرين عامًا حيث أصبح الآن تاريخ الميناء العريق والتخطيط الحضري وحياة السكان ظاهرًا وواضحًا للعيان.

وأكدت البروفيسورة أن البعثة تمكنت من اكتشاف أن الوجود الإنساني في انقيطات يعود إلى فترة العصر الحجري القديم «ستين ألف سنة قبل الميلاد». كما اكتشفنا أيضًا بعض الأدلة التي تعود إلى أواخر العصر الحجري الحديث «ستة آلاف سنة قبل الميلاد»، وهي أدلة أثرية جديدة عثر عليها على الشريط الساحلي لمحافظة ظفار.

وتعود بعض الأدلة الأثرية على ساحل محافظة ظفار المكتشفة إلى بداية العصر الحجري الحديث «عشرة آلاف سنة قبل الميلاد منها كهف ناطف في حاسك»، كما يوجد في محافظة مسقط موقع الوطية الذي يُعدّ أحد الأدلة على وجود المستوطنات الساحلية في فترة بداية العصر الحجري الحديث «عشرة آلاف سنة قبل الميلاد» ويتميز بوجود كهوف ورسومات صخرية مختلفة وبقايا سد مائي.

وتدل طبقة الأرض السطحية في إنقيطات من نوع تيرا روزا على التاريخ الطويل لتغير المناخ؛ وهو نتيجة لزيادة وفرة المياه في الماضي والغطاء النباتي الكثيف.

واليوم تعتبر إنقيطات أرضًا حجرية قاحلة، تحتفظ ببقايا أثرية كثيرة وبشكل غير متوقع.

كما تم أكتشاف بقايا قرية كبيرة تم استيطانها في العصر الكلاسيكي «منذ ألفين سنة» كما أن هناك دلائل على أن القرية كانت حاضرة في العصر البرونزي (منذ أربعة آلاف سنة) وأيضاً في العصر الحديدي المبكر «منذ ثلاثة آلاف سنة» وإن الاتصالات البرية والبحرية مع شمال عُمان معروفةٌ في فترة الألفية الثالثة قبل الميلاد حيث تثبت تجارة اللبان الثمينة الأهمية البالغة لهذه المنطقة.

وقالت البروفيسورة: إن أعمال التنقيبات الأثرية للبعثة الإيطالية أثبتت بأن تاريخ تأسيس الميناء يرجع إلى القرن الثالث قبل الميلاد، والتي أثبتت ازدهار ميناء سمهرم ضمن شبكة التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد الهند.

وقد ساد الاتفاق منذ سنوات بأنه في فترة الإمبراطورية الرومانية فقط (القرن الأول-الثالث الميلادي) قامت السفن بالإبحار في المنطقة المقابلة لشبه الجزيرة العربية والهند تدفعها الرياح الموسمية.

إلا أنه اليوم بات واضحا أن تلك الشبكة من الاتصالات وجدت قبل ذلك بقرون منطلقة من برنيس في مصر إلى سمهرم في عُمان وبتنام وأريكاميدو في الهند.

وقد ظل ميناء سمهرم قلب هذه الشبكة التجارية وجسر ربط بين الشرق والغرب في أوج نشاط التجارة ومسارا للثقافة بين الأراضي البعيدة.

وبينت البروفيسورة الإيطالية أن المجموعة الكبيرة من الجرار المصنوعة في إيطاليا والتي تم اكتشافها في سمهرم تدل على طول مدة التواصل الثقافي مع بلدان البحر الأبيض المتوسط، كما أن من أقوى العلاقات التي جمعت سمهرم منذ تأسيسها كانت مع الهند حيث تشير المعثورات الفخارية والأدوات الهندية ومنها نقش البراهما-التاميلي وجود جالية مؤقتة من الهنود في سمهرم.

وقالت: إن سكان سمهرم عملوا في الصيد بجانب التجارة، كما يشهد على ذلك الكمية الكبيرة من الأصداف وعظام الأسماك الصغيرة الموجودة في منازلهم، حيث كان غذاؤهم أساسًا المأكولات البحرية.

ويدل وجود عظام الحيتان التي استخدمت كأساس لأعمدة أو لطاولات صغيرة على قدرة سكان سمهرم لاصطياد الكائنات البحرية الكبيرة.

وهذا النشاط لم يكن من السهل القيام به على الإطلاق في العالم القديم.

وقد تم العثور على بعض مناطق الإنتاج في المدينة: فرن فخاري (أول فرن موجود في شبه الجزيرة العربية)، وأفران لإنتاج الجبس، وأفران الخبز.

وعلى مقربة من منطقة السوق، حيث كان هناك أيضًا دار صك العملات في المدينة، كما تم العثور على مساحة كبيرة لإنتاج المعادن.

وعلى مدى هذا العام تم اكتشاف اثنين من الأفران، إذ لم تكن تستخدم فقط لصنع الأدوات المعدنية الصغيرة ولكن بالأحرى لصنع المعادن.

واختتمت البروفيسورة أليساندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية من جامعة بيزا الإيطالية بالقول إن علماء آثار بقايا الحيوانات قاموا بجمع نتائج مثيرة للاهتمام خلال الموسم الأخير، فعلى مقربة من المعبد المخصص لإله القمر (سين)، كان هناك بناء قديم محصّن ومعزول. ولم يكن الهدف من إنشائه واضحًا حتى اليوم.

ففي الداخل، تم العثور على كمية كبيرة من العظام، وقد أظهر التحليل وجود بقايا لحيوانات لم يتم العثور عليها في أي مكان آخر في المدينة مثل الجمال والماشية والأغنام والأسماك الكبيرة.

وأشادت البروفيسورة اليسندرا أفنزيني رئيسة البعثة الأثرية العاملة في السلطنة من جامعة بيزا الإيطالية بالجهود التي توليها حكومة السلطنة ممثلة في مكتب مستشار جلالة السلطان للشؤون الثقافية بالجهود المبذولة في التنقيب وحفظ الآثار المكتشفة في موقع حصن سلوت الأثري بولاية بهلا بمحافظة الداخلية ومتنزه سمهرم الأثري في محافظة ظفار.

جاء ذلك في حوار خاص مع وكالة الأنباء العمانية حيث بينت البروفيسورة أن الموقعين الأثريين يعتبران كنزين للتراث الثقافي والأهمية البيئية لسلطنة عمان.

وذكرت أن الأهمية التاريخية والأثرية لموقع حصن سلوت الذي يمتد على مساحة مائة ألف متر مربع تكمن في ارتباطها المباشر مع بدايات التاريخ العماني والذي بدأ بوصول القبائل العربية إلى عُمان من مختلف مناطق الجزيرة العربية، ويرتبط الموقع بظهور نظام الأفلاج في شبه الجزيرة العُمانية.

وقد أدى هذا العمل في موقع حصن سلّوت الأثري إلى ظهور معلم بارز في المنطقة والذي يمكن للسائح زيارته وفهم طبيعته، مضيفةً: إن أهمية القطع الأثرية المكتشفة فيه كالأختام والأبراج لها دلالات على عظمة الحضارة التي كانت قائمة هناك في حقبة العصر البرونزي (بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد).

كما ذكرت أن المعثورات الأخرى تدل على اتصال حضارة سلّوت بالحضارات الأخرى عن طريق الشبكات التجارية الكبيرة كحضارة وادي الإندوس وإيران وبلاد الرافدين وأسيا الوسطى.

وأوضحت البروفيسورة أفنزيني أنه لا يمكن الاستهانة بالاكتشافات الأثرية في سلّوت فهي واحدة من أكثر المستوطنات دهشة في شبه الجزيرة العربية وغناها التاريخي، مبينة أن إنشاء متنزه أثري في الموقع سيشكل أهمية محورية لإعطاء الزوار والسياح فكرة عن أهمية تاريخ عمان العريق.

وأوضحت البروفيسورة أنه تم ترميم جدار سمهرم وفقاً لمعايير منظمة اليونسكو، بالإضافة إلى اكتشاف قرية أثرية في منطقة سمهرم تسمى (إنقيطات) وأن النتائج كانت مذهلة بحد تعبيرها، حيث إن الوجود الإنساني في هذه القرية يعود إلى فترة قديمة جداً وهي العصر الحجري القديم (ستين ألف سنة قبل الميلاد)، بالإضافة إلى أدلة أخرى تعود إلى أواخر العصر الحجري الحديث (ستة آلاف سنة قبل الميلاد)، موضحةً أن تجارة اللبان الثمينة كان لها بالغ الأهمية في ازدهار هذا الموقع في تلك الحقبة لا سيما أن الاتصالات البرية والبحرية مع شمال عمان ومع بلدان البحر الأبيض المتوسط كانت معروفة في فترة الألفية الثالثة قبل الميلاد.