salem
salem
أعمدة

نوافـذ :تحدي الأبناء

22 مايو 2017
22 مايو 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

جيل الأبناء يتعرض لمخاطر حقيقية في هذه الفترة التي يشهد لهم بالرفاهية الحياتية، لتوفر التعليم ووسائل الاتصال والمواصلات والملابس والاحتياجات والتقنية المتطورة وكل شيء، يتطلعون إليه، فهم محظوظون أكثر من أي جيل آخر من الذين سبقوهم منذ سبعينات القرن الماضي.

وعوامل الرفاهية هذه توفرت لازدهار أسواق وسائل الترفيه أمامهم، من شاشات تليفزيونية أصبح التحكم فيها وتحويلها إلى ميادين وملاعب لرغباتهم والتنافس فيها بألعاب متعددة، وكذا هواتف ذكية متقدمة وألواح شفافه تعرض لهم البرامج والتقنيات الحديثة التي يتسارع تطورها من يوم إلى آخر.

ومن هذه العوامل الولوج إلى عوالم الخوادم الحاسوبية في العالم والاتصال بالتطبيقات المنتشرة التي تسهل جمع الفتى والفتاة على ألعاب عالمية، وتصنع تقاربا بينهما دون حواجز، عبر فيس بوك، وسناب شات، وواتس آب، وبرامج اتصالات مجانية أخرى.

كل هذه العوامل أوجدت وجهًا قبيحًا لها بين هذه الأجيال، وأوجدت مناخا غير سوي في تقريب البشر لبعضهم البعض خاصة الشباب والفتيات، وعرضت خصوصيات كل فرد منا إلى العامة، أكنت نائمًا في غرفتك أو في حديقة منزلك أو مع أصدقائك أو في رحلة أو سفر أو غيرها من الأنشطة، فقد اصبح الإنس والجن يعرفان أين انت في تلك اللحظة! وهذا أخطر ما في الأمر..

لكن الخطورة الحقيقية هي ما يتعرض له أبناؤنا اليوم من مساوئ ثورة الاتصالات والتي جردت بعضهم من المبادئ الأساسية للأخلاقيات، مالي مهاوي الردى وعرضتهم للابتزاز وسهولة التدمير والفساد الأخلاقي ومرافقة أبناء السوء.

أبناؤنا وبناتنا يواجهون تحديا حقيقيا يحتاج منا كأولياء للأمور وآباء أن نكون أكثر يقظة من أي وقت مضى، وإلا سندفع ثمنًا غاليًا قد يصل إلى أرواح هذه الأجيال.

فغياب الرقابة أو التراخي عنهم يضعف الوازع الديني والأخلاقي، ويجعلهم أسهل مما يكونون للانجراف إلى أصدقاء السوء والمهالك، والذي يهدد مستقبلهم ويلوث سمعة عائلاتهم ويبعدهم عن السير في طريق الصواب.

في الآونة الأخيرة، انتشرت لعبة (الحوت الأزرق)، ولن تكون الأخيرة في سلسلة الألعاب التي تطرح أمامهم بين الحين والآخر، والتي يدمنها بعض الشباب والفتيات، وتوصلهم إلى حالة الانتحار كما حدث في عدد من الدول للأسف منها دول عربية، وهي لعبة يدمن عليها الفرد حتى يطلب منه الانتحار، بعد أن يكون قد تم غسل دماغه تمامًا وأصبح مسيرًا.

إذاً التحديات أكبر من التوقعات للآباء وأكبر من قدرات العوائل في إعادة أبنائهم إلى جادة الصواب، لأن الفاعل مجهول يأتيك من وراء البحار إلى فلذة كبدك ثم يطيح به إلى نهايات غير سعيدة.

التجارب أمامنا كثيرة في إدمان الفتيان والفتيات للألعاب حتى يلفظوا أنفاسهم، وهذه الألعاب تتجدد تحت أشكال وبرامج مختلفة ومتنوعة وكل يوم تطل علينا بوجه، وهذا الجديد للأسف يجد الآذان الصاغية التي تنجر وراءه وصولاً إلى التهلكة.

إذاً الأمر يحتاج إلى وقفة في كيفية مراقبة هؤلاء الأبناء وتوجيههم نحو الاستفادة من تقنيات العلم وتسخيرها لما يمكن أن يضيف لهم الفائدة، ويرفع من قدرهم في التعليم ويعزز من إمكانياتهم ليكونوا ناجحين في أعمالهم وقادرين على مواصلة بناء أجيال أخرى.

اليوم التحدي الحقيقي هو أن نجعل من الفتى أو الفتاة مشروعًا علميًا وأن نجعلهما قدوة للآخرين في الاستفادة من إبداعاتهما في التعامل مع وسائل الاتصال الحديثة.

ولكن كيف يتم ذلك ! لا شك عبر الرقابة غير المزعجة أو التي تشعر الابن أو البنت أن هناك سيفًا مسلطًا على رقبتيهما، بل أن تكون بطريقة عصرية قادرة على تجاوز ما نحن فيه من فوضى وعبث في الخصوصيات.