الملف السياسي

فرصة جيدة لتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية

22 مايو 2017
22 مايو 2017

الطيب الصادق -

,, يسهم إنشاء هذا الطريق في إقامة شراكة استراتيجية بين سلطنة عمان والصين التي تعد أكبر الدول الاقتصادية حاليا مما يساهم في افتتاح العديد من المشروعات التي تعود بالنفع على السلطنة ,, 

ثمة دور لوجستي لسلطنة عمان في إعادة إحياء طريق الحرير القديم وهناك فوائد اقتصادية جمة ستعود على الاقتصاد العماني فور دخول هذا الطريق حيز التنفيذ، وتبني السلطنة الدعوة العالمية التي أطلقتها منظمة التربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لدراسة طريق الحرير والتجارة القديمة التي كانت تتبادلها القوافل التجارية البرية والبحرية بين شعوب العالم يعد استكمالا للدور التاريخي والمهم للسلطنة في إحياء هذا الطريق.

ولا يمكن إغفال الدور التاريخي لسلطنة عمان في إطار طريق الحرير حيث ساهمت بشكل كبير في تسيير حركة التجارة العالمية من خلال هذا الطريق ، كما احتلت سلطنة عمان مكانة فريدة على طرق الحرير البحرية واستقطبت التجار من الشرق والغرب على مدار قرون طويلة بفضل موقعها الجغرافي بين قارتي آسيا وأفريقيا ولكونها تشكل ملاذاً آمناً عند ملتقى طرق التجارة البحرية العالمية وشكّلت المدن والموانئ العُمانية، على غرار صحار ومسقط، مراكز تجارية آمنة تتم فيها الأنشطة التجارية والتبادلات بسلام بين البحارة والتجار والرحالة من شتى مناطق العالم الذين كانوا يتاجرون بالبضائع الأجنبية وبمنتجات المناطق المجاورة على حد سواء فضلاً عن ذلك، أسهم البحارة العمانيون إسهاماً جوهرياً في نهضة التجارة البحرية بفضل خبرتهم التقليدية وتجاربهم في عرض البحر، إذ ركبوا البحر لمسافات طويلة حتى وصلوا مثلاً إلى سواحل كانتون في الصين في القرن الثامن عشر، كما كتبوا الأدلة التي استفاد منها من خلفهم من البحارة، ومنهم البحارة البرتغاليون على سبيل المثال.

وفي الفترات الماضية ساهمت السلطنة في الدعم السياسي والمالي للمبادرات المتعلقة بطريق الحرير التي انضمت لها سلطنة عمان لدعم اليونسكو وخاصة مبادرة اليونسكو «الدراسة المتكاملة لطرق الحرير: طرق الحوار 1988-1997، وبرنامج الإنترنت المعني بطريق الحرير من أجل الحوار والتنوع والتنمية» التي استهلتها المنظمة عام ٢٠11، وأعادت السلطنة التأكيد مؤخراً على التزامها بالحوار بين الثقافات على امتداد طرق الحرير من خلال تقديم مساهمة مالية لبرنامج الإنترنت المعني بطريق الحرير مما يسمح للبرنامج بفضل هذه المساهمة بالوصول إلى جمهور أوسع نطاقاً، ولا سيما في البلدان الناطقة باللغة العربية، ونشر المعارف والدراسات التي تعدها المؤسسات الأكاديمية والثقافية في هذه البلدان مما سيعود بالإيجاب على السلطنة .

وبلا شك استفادت سلطنة عمان ودول الخليج العربية قديما من هذا الطريق حينما كان يلتقي التجار العرب بالتجار القادمين من الصين والهند وشرق آسيا ويحصلون منهم على البضائع ويبيعونهم بضائع الجزيرة العربية الثمينة التي كان من أهمها البخور والعطور والنحاس واللبان واللؤلؤ، وبوصول البضائع الصينية والهندية إلى موانئ الجزيرة العربية كان التجار العرب ينقلونها على متن سفنهم وعلى ظهور قوافلهم عبر شبكة من الطرق البرية والبحرية إلى بلاد فارس وبلاد ما بين النهرين والشام ومصر وساحل الحبشة وكثر ثراء العرب من التجارة بالمواد الناتجة عن جزيرتهم وتلك المستوردة من الهند والصين،وظهرت تأكيدات عودة الطريق وأهميته في التواصل الحضاري والثقافي بين الصين وسلطنة عمان من قديم الأزل مرة أخرى عندما أبحرت السفينة (جوهرة مسقط) في عام 2010 في طريقها إلى سنغافورة عبر طريق الحرير البحري متبعة خطى البحارة العمانيين القدامى الذين قطعوا نفس الخطوات منذ القرن التاسع الميلادي في حركة تجارة نشطة محملين بالسلع من والى الصين وكهمزة وصل بين الشرق والغرب ، ولم يكن طرح الرئيس الصيني شي جين بينج فى عام 2013 مبادرتين لإقامة حزام اقتصادي على طول طريق الحرير القديم وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين على التوالي ،ضربا من الأحلام المستحيلة بل هدفا استراتيجيا يمكن تحويله بسهولة خاصة انه لاقي الموافقة الدولية من العديد من الدول العالمية التي لها علاقة بهذا الطريق وأكدت على دعمها للصين لإحيائه مرة أخرى لأنه سيساهم في زيادة حركة التجارة العالمية وموارد اضافية للعديد من الدول التي تمر عبرها هذه التجارة ،خاصة أن طريق الحرير بشكله الجديد يتمثل في طريقين بري وبحري، يربطان الصين بالهند وإيران وأوروبا بريا، والهند وشبه الجزيرة العربية وشرق وشمال أفريقيا وأوروبا بحريا ،كما تبرز أهميته من خلال جعله كيانا اقتصاديا قويا لأن إجمالي الناتج المحلي للبلدان الواقعة على خط طريق الحرير يمثل 55%من إجمالي الناتج العالمي و70% من مجموع سكان العالم و75% من موارد الطاقة.

وثمة فوائد اقتصادية عديدة تعود على السلطنة من انشاء هذا الطريق ويمكن الاستفادة منه لتحسين وتعزيز الموارد المالية وهي كالآتي:

- يعمل علي تعزيز فكرة تنويع الاقتصاد العُماني والذي خطت فيه السلطنة خطوات كبيرة في الفترة الماضية خاصة لتعوض تراجع أسعار النفط التي هبطت من 110 دولارات للبرميل الى 50 دولارا حاليا، لأن هذا الطريق سيدر دخلا إضافيا وإيرادات بطريق مباشر وغير مباشرة للسلطنة .

- تقديم خدمات لوجستية للسفن التي ستمر في الطريق البحري عبر سلطنة عمان وتستخدم الموانئ العمانية .

- الطريق فرصة جيدة لتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية والاستيراد والتصدير مع الدول الأعضاء والعمل على تصدير المنتجات العمانية للعديد من الدول التي يمر من خلالها هذا الطريق والدول المجاورة مما يفتح نافذه تصديرية جديدة أمام السلطنة يمكن استغلالها بالشكل الأمثل الأمر الذي ستستفيد منه سلطنة عمان بشكل قوي خاصة أنه من المقرر أن تستورد بكين منتجات بتريليوني دولار من الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق على مدى السنوات الخمس المقبلة.

- يساهم في إحياء التبادل الثقافي والتعريف بما تمتلكه سلطنة عمان من مقومات سياحية وثقافية ومقصد سياحي مهم يحتوي على العديد من أنواع السياحة وخاصة السياحة العلاجية التي لا توجد في أي دولة اخرى مثلما توجد في سلطنة عمان وهو بدوره يساهم في العمل على إيجاد موارد جديدة وتنشيط القطاع السياحي واستقطاب العديد إليها.

- يسهم انشاء هذا الطريق في إقامة شراكة استراتيجية بين سلطنة عمان والصين التي تعد أكبر الدول الاقتصادية حاليا مما يساهم في افتتاح العديد من المشروعات التي تعود بالنفع علي السلطنة.

- احتياجات الصين والهند المتزايدة من الطاقة يساهم في استمرار نمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي ومنها سلطنة عمان خاصة أن التوقعات تشير إلى أن الصين ستستورد بحلول 2025 كميات من النفط من منطقة الخليج تعادل ثلاثة أضعاف الكميات التي ستستوردها الولايات المتحدة.

- مبادرة الحزام والطريق ستعمل على تأسيس شراكة إقليمية اقتصادية كاملة مما يكون للسلطنة دور كبير فيها والاستفادة من التكتل الضخم الذي سيولد جراء انشاء هذا الطريق مما يعمل على تعزيز نظام التجارة متعددة الأطراف في العالم ويساهم في تغيير المشهد الجيو- اقتصادي .

وتعد السلطنة من الدول الرابحة كثيرا من إحياء طريق الحرير القديم لكن يتطلب عليها العمل سريعا لمواكبة احتياجات هذا الطريق وخاصة إقامة مشروعات لوجستية ومناطق لخدمات السفن والصناعات المتعلقة بالنقل البحري والاهتمام بشكل أكبر بالمناطق الصناعية التي أنشأتها السلطنة في الفترة الماضية وتعزيزها والاهتمام أيضا بأنشطة التعاون الاقتصادي والتجاري بمشاركة الاستثمارات الصينية لأن تلك المشروعات سيكون لها أهمية كبيرة في خلق ركائز قوية لطريق الحرير في صورته الجديدة.