مرايا

ساحة الفنا.. القلب النابض لمراكش

17 مايو 2017
17 مايو 2017

ساحة جامع الفنا هو فضاء شعبي للفرجة والترفيه في مدينة مراكش بالمغرب، وتعتبر هذه الساحة القلب النابض لمدينة مراكش حيث كانت وما زالت نقطة التقاء بين المدينة والقصبة المخزنية والملاح، ومحجا للزوار من كل أنحاء العالم للاستمتاع بمشاهدة عروض مشوقة لمروضي الأفاعي ورواة الأحاجي والقصص والموسيقيين، إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية التي تختزل تراثا غنيا وفريدا كان من وراء إدراج هذه الساحة في قائمة التراث اللامادي الإنساني التي أعلنتها منظمة اليونيسكو عام 2001.

يرجع تاريخ ساحة الفنا إلى عهد تأسيس مدينة مراكش سنة (1070-1071)م، وقد بنيت ساحة “الفنا” في عهد الدولة المرابطية خلال القرن الخامس الهجري كنواة للتسوق، لكن أهميتها تزايدت بعد تشييد مسجد الكتبية بعد قرابة قرن كامل. واستغل الملوك والسلاطين في ذلك الوقت الساحة كفناء كبير لاستعراض جيوشهم والوقوف على استعدادات قواتهم قبيل الانطلاق لمعارك توحيد المدن والبلاد المجاورة وحروب الاستقلال.

أصل التسمية

يعزي البعض أصل تسمية المكان بجامع الفنا لقربه من ساحة قصر الحجر المرابطي الذي اكتشفت أنقاضه تحت جامع الكتبية. وكلمة “الفنا” يمكن أيضا أن تفيد الفناء بمعنى الدمار والتخريب، وتؤكد هذا الطرح مجموعة من الشهادات التاريخية تجمع كلها على وجود جامع مهجور وسط هذه الساحة التي أصبحت ذات شهرة عالمية.

تعد ساحة الفنا القلب النابض لمراكش حيث وجدت وسط المدينة ويتوافد إليها السكان والزوار ويستعملونها مكانا للقاءات، ويتواجد بها رواة الحكايات الشعبية، والبهلوانيون، والموسيقيون والراقصون وعارضو الحيوانات وواشمات الحناء، وتستقطب سنويا ملايين الزوار، ويعتبر من روادها مشاهير الفن العالمي من السينمائيين والمغنيين والرسامين والمصورين، كما ولع بها سياسيون ومثقفون ومفكرون ورؤساء دول.

وتنطلق الفرجة في الساحة في الساعات الأولى من صباح كل يوم بحلقات الحكواتيين والقصاصة الذين يغتنمون أجواء الهدوء قبل أن تعج الساحة بالصخب والحركة وارتفاع أصوات الموسيقى والطبول، وتحيط بالساحة أسواق شعبية تاريخية حافلة بمختلف البضائع من الصناعات التقليدية المغربية .

جامع الكتبية

جامع الكتبية هو من المعالم الإسلامية الراسخة في تاريخ المغرب، ويقع بالقرب من ساحة جامع الفنا بمراكش، وتسمية المسجد مشتقة من “الكتبيين”، وهو اسم سوق لبيع الكتب يعتقد أنه كان بمقربة من المساجد. بني الجامع الأول من طرف الخليفة عبد المومن بن علي الكومي سنة 1147م على أنقاض قصر الحجر المرابطي الذي كشفت التنقيبات الأثرية على بناياته ومكوناته المعمارية.

أما المسجد الثاني فقد تم بنائه في سنة 1158م، وهو يشبه من حيث الحجم البناية الأولى، وينتظم في قاعة للصلاة مستطيلة الشكل تضم سبعة عشر رواقا موجهة بشكل عمودي نحو القبلة، تحملها أعمدة وأقواس متناسقة وتيجان فريدة تذكر بتلك التي نجدها بجامع القرويين بفاس. ويشكل التقاء رواق القبلة بقببه الخمسة والرواق المحوري تصميما وفيا لخاصيات العمارة الدينية الموحدية التي كان لها بالغ التأثير في مختلف أرجاء الغرب الإسلامي.

والجامع ذو أبعاد استثنائية، فهو يشغل مساحة 5300 متر مربع ويتكون من 17 جناحًا و11 قبة مزدانة بالنقوش. والجامع ومئذنته المزخرفة في أجزائها العليا بإفريز خزفي مطلي بلون الفيروز أصبحا رمزًا للمدينة. أما منبر الكتبية الجليل فهو مزوّد بنظام آلي للحركة يعتبر من روائع فن النجارة الإسلامية، وقد صنع هذا المنبر في قرطبة في بداية القرن الثاني عشر بطلب من الأمير المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين من أجل الجامع الذي انتهى من بنائه في مراكش، ثم نقل المنبر إلى الكتبية نحو سنة 1150م.