أعمدة

رماد: وزن الحقيبة المدرسية

17 مايو 2017
17 مايو 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

[email protected] -

عند الوقوف ربع ساعة أمام إحدى مدارس الحلقة الأولى، ستشاهد تفاوتا كبيرا في أحجام الحقائب المدرسية التي يحملها الطلاب، لذلك فإن الحديث عن موضوع الحقيبة المدرسية، خصوصًا في المرحلة الدراسية الأولى، أصبح من القضايا المهمة التي تؤرق كثيرا من المختصين في المجال التربوي والإرشادي وكذلك الصحي، وقد ظهرت كثير من الدعوات تطالب بوضع حلول مناسبة لتفادي المشاكل الصحية التي وجدت عند بعض الأطفال نتيجة الوزن الثقيل للمواد التي يحملوها في حقيبتهم، ولربما سنجد أن بعض الحقائب المدرسية وزنها يفوق وزن الطالب نفسه، وعليه نحن نناقش هذه القضية بكل شفافية، ومن دون تقليل للجهود التي يبذلها المختصون، ولذلك هناك تساؤلات طرحها العديد من أولياء الأمور حول اهتمام الوزارة في حل هذه المشكلة، والتي لا تدع مجالا للشك حول حرص الوزارة على تشجيع المدارس لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية من خلال مجموعة من الآليات مثل: تنظيم الواجبات وكذلك تنظيم الجدول المدرسي، وأيضًا مقترح وضع أرفف في الفصول الدراسية لحفظ بعض الكتب والأدوات المدرسية، وغيرها من الآليات الأخرى التي وضعت لحل هذه الظاهرة، فهل ساعدت هذه المبادرات، وهذه البرامج في القضاء أو التقليل من مشكلة أعباء الحقيبة المدرسية؟.

في الحقيقة سوف تتفاوت نسب النجاح لهذه المبادرات بين مدرسة وأخرى وكذلك بين طالب وآخر، نتيجة مدى وعي الطالب نفسه بأهمية الالتزام بهذه البرامج، ففضول الطفل يذهب به لحمل كل المتعلقات الشخصية الخاصة به، كتبه وفطوره وأي غرض خاص به، وأيضًا مدى التزام كل المدارس بتحقيق هذه الأفكار، ناهيك عن الاتكالية الموجودة لدى بعض أولياء أمور الطلاب الذين لا يرهقون أنفسهم في متابعة التزام أطفالهم بحمل الكتب حسب الجدول اليومي، فلا زال البعض يعيش مرحلة الاتكال المطلق على المدرسة في التربية والرعاية دون أن يكون له مساهمة في العملية التعليمية.

في الحقيقة، معالي الوزيرة وأصحاب السعادة والدوائر المعنية بتطوير المناهج، وكذلك المعنية بتقديم التوعية، وبتوفير بيئة آمنة للطالب في المدرسة، يحملون قلوبا جميلة، وآذان مصغية لأي مقترح أو فكرة تخدم المسيرة التعليمية، ولذلك نتمنى أن يتم الإسراع في تقليص حجم المنهج المدرسي للحلقة الأولى، وكذلك تصغير حجم الكتاب عند الطباعة، ومقترح آخر بطرح مواصفات خاصة لحقيبة الحلقة الأولى من حيث الحجم، وتشجيع القطاع الخاص على توريدها، كذلك نتمنى أن نترك تجربة تخفيف وزن الحقيبة المدرسية إلى مرحلة أخرى أكثر تقدمًا، وقد سبقتنا إليها كثير من الدول الأخرى، والمشهود لها بالتقدم في المجال المعرفي والعلمي والثقافي، إننا نطمح أن يلغى ما يسمى بالحقيبة المدرسية لمرحلة الحلقة الأولى (1-4)، على أن تؤدى الواجبات المدرسية، وما شابهها والمعروفة بمسمى (المنزلية) في المدرسة، وهذا هو المعمول به في الدول الأوروبية، وبريطانيا على وجه الخصوص، على أن يحمل الطفل إلى مدرسته حقيبة الطعام، مع تكليف الطلاب بين فترة وأخرى ببعض المشاريع البسيطة التي تتناسب مع مستوى عمرهم السني ونموهم الذهني، أو أن نصل إلى تجربة الاستغناء عن الحقيبة المدرسية نهائيًا، والتوجه إلى تقنية أجهزة الحاسب اللوحي (الآيباد) والتي ستعمل بديلًا للكتب المدرسية، ونرى أن تطبق هذه التجربة على أحد الصفوف الدراسية في بداية المشروع، مع التدرج في تطبيقها على الصفوف الدراسية الأخرى مستقبلًا، كما يمكن إيجاد شركات داعمة لهذا المشروع.

إنَّ الاهتمام بصحة الطالب لا يقل أهميةً عن اهتمامنا بتعليمه، فصحة الطالب تعتبر من الأولويات المهمة التي يجب أن نركز عليها قبل أن نهتم بتوفير التعليم الجيد، ولذلك نتمنى أن تكون المرحلة القادمة بإذن الله، مرحلة تتناسب مع الطفرة التكنولوجية والمعرفية والثقافية التي تشهدها المجتمعات العالمية المتقدمة، فهل سنشاهد الطالب بإذن الله يذهب إلى الصف الأول بدون أن يحمل حقيبة مدرسية!.