sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: ماكرون ونجاحه الأول

17 مايو 2017
17 مايو 2017

شريفة بنت علي التوبية -

فاز ماكرون في حملته الانتخابية برئاسة فرنسا، وفرنسا هي بلد الحريات، ونموذج رائع من نماذج الديمقراطية في العالم، ولكني لست معنية في هذه الزاوية الاجتماعية بأي حديث سياسي عن ماكرون وأسباب فوزه في حملته الانتخابية وأفكاره واتجاهاته، لأني سأحدثكم عن تلك الضجة الإعلامية التي أثارها شارعنا العربي الذي لا ناقة له في فرنسا ولا جمل، وليس له منها أكثر من رصيف شارع الشانزليزيه الذي يشرب على جنباته فنجان قهوته السوداء، أو العطور الفرنسية التي يستحم بها كل صباح ومساء، لقد دخلوا جدلاً طويلاً في طبيعة العلاقة بينه وبين زوجته بريجيت التي تكبره بأربعة وعشرين عامًا والذي أكد أنها ستظل بجانبه في قصر الإليزيه واعترف بفضلها فيما وصل إليه، اندهش بعضهم لفرط محبة ماكرون لزوجته الكبيرة أمام وسامته وصغر سنه، إنه العربي نفسه الذي استنكر ما فعله الأمير تشالرز حينما ترك الجميلة ديانا من أجل كاميلا باركر التي لا تملك من جمال الشكل شيئًا أمام جمال ديانا وحضورها وأنوثتها الطاغية.

فيا لضيق الزاوية التي ننظر منها للحياة والبشر، معتقدين أن العاطفة والسعادة تبنى على وجه جميل وجسد ممشوق، وبكل أسف هذه هي نظرة مجتمعاتنا للمرأة متجاهلين الجانب الإنساني بما فيه من عقل وروح، وما أكثر من يقعون في فخ الشكل الخارجي المتمثل في الوجه فيفتنون به أو يكرهونه، ولكن مع الأيام يكتشفون أن الوجه ليس سوى قناع مضلل عن رؤية ما بداخل الإنسان من قبح أو جمال، ويكتشفون أن ما يحتاجه أحدنا من الآخر أكثر من ذلك الكيان الجسدي المجرد، لأن العلاقة الإنسانية العاطفية بين الرجل والمرأة أكبر وأكثر عمقا وتعقيدا مما تبدو عليه، والحقيقة أن المحبة ليس لها علاقة بالجمال، فنحن نحب من نحبهم لأسباب نحن أنفسنا لا نعرفها، وللقلب أسراره وأقداره. الحب عاطفة قدرية، ونحن لا نملك حق اختيار من نحبهم ولا نستطيع أن نراهم بعين المجتمع، فعين المحب ليست عمياء كما يقال، لكنها هي عين القلب التي ترى ما لا تراه أي عين أخرى، فتسقط مقاييس الجمال التي يتحدثون عنها وتسقط شروط المجتمع وحسابات الفلك والرياضيات والفيزياء أمام الحب، لذلك أعتقد أن النجاح الأول في حياة ماكرون هو ثقته بقلبه وإيمانه بمن أحب، لتأتي النجاحات الأخرى محصّلة لما هو عليه من نجاح الخطوة الأولى، فتحية لمن أخلص لقلبه وتحية لتلك الحياة الحقيقية التي ينتصر فيها الحب على زيف الأقنعة.