mohammed
mohammed
أعمدة

ضريبة الدخل وتأثيرها عــلى القطــاع الصنـــاعي

16 مايو 2017
16 مايو 2017

محمد بن أحمد الشيزاوي -

[email protected] -

يبدو أن هناك مبالغة كبيرة في توقعات المحللين تجاه تأثر الشركات الصناعية المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية بالتعديلات التي طرأت على قانون ضريبة الدخل على الشركات، وتأتي هذه المبالغة في الوقت الذي يشهد فيه القطاع الصناعي العديد من التحديات التي أشرنا إليها الأسبوع الماضي والتي عكسها مؤشر قطاع الصناعة عندما فقد في شهر ابريل الماضي 348 نقطة.

عندما نعيد قراءة التقارير المالية التي أصدرتها الشركات الصناعية خلال الأسابيع الماضية نجد تباينا في آرائها تجاه تأثرها بالتعديلات التي أُجريت على قانون ضريبة الدخل على الشركات، ولكن قبل ذلك نود أن نشير إلى تصريحات الأمانة العامة للضرائب التي أوضحت - بعد صدور المرسوم السلطاني رقم 9/‏‏‏2017م بإصدار تعديلات على بعض أحكام قانون ضريبة الدخل والصادر في 19 فبراير الماضي - أن هذه التعديلات جاءت بهدف «معالجة المعوقات والتحديات التي شابت عملية تطبيق النظام الضريبي المطبق سابقا والتعامل مع المستجدات التي طرأت خلال السنوات الماضية على قطاع الأعمال بالسلطنة وتعزيز كفاءة وفعالية النظام الضريبي بما يتواكب والممارسات الضريبية العالمية».

ولعل أبرز التعديلات التي أُجْرِيت ما يتعلق بزيادة ضريبة الدخل المطبقة على المؤسسات والشركات العمانية وفروع الشركات الأجنبية لتكون 15% بدلا من 12%، ورغم أن هذه الضريبة تعتبر دون المعدلات العالمية البالغة حوالي 25% إلا أنها قد تؤثر على الشركات الصناعية إذا ظلت تعتمد بشكل كبير على سوق السلطنة ولم تتجه إلى استكشاف فرص نجاحها في الأسواق الإقليمية والعالمية، كما تضمنت التعديلات إلغاء حد الإعفاء القانوني البالغ 30 ألف ريال عماني بهدف الحد من ظاهرة تجنب الضريبة التي تلجأ إليها بعض الشركات من خلال تجزئة أعمالها للاستفادة من الإعفاء وعدم سداد الضريبة.

وعندما نراجع أداء الشركات الصناعية المدرجة بسوق مسقط للأوراق المالية في الربع الأول من العام الجاري ونتائجها المالية نجد أن قطاع الاسمنت هو أكثر القطاعات تأثرا ليس بسبب زيادة معدل الضريبة وإنما بسبب الضريبة المؤجلة وهو ما أوضحته شركة اسمنت عمان عندما أشارت إلى أن التعديلات الجديدة أحدثت زيادة كبيرة في المطلوبات الضريبية المؤجلة، وبالتالي تطلب ذلك اعتمادا إضافيا كبيرا لمخصص ضريبة الدخل وأثر سلباً على الأرباح الضريبية السابقة.

وخصصت شركة اسمنت عمان في الربع الأول من العام الجاري 1.9 مليون ريال عماني لضريبة الدخل على الشركات مقابل 446 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، والملاحظ أن مخصص الضريبة بلغ في عام 2016 بأكمله 1.6 مليون ريال عماني، وتشير النتائج المالية للشركة إلى أن أرباحها الصافية تراجعت في الربع الأول من العام الجاري إلى 2.2 مليون ريال عماني مقابل 3.8 مليون ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي مع الإشارة إلى أن الربح قبل الضريبة بلغ في الربع الأول من العام الجاري 4.1 مليون ريال عماني مقابل 4.2 مليون ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي.

كذلك فإن شركة ريسوت للاسمنت خصصت في الربع الأول من العام الجاري مليوناً و467 ألف ريال عماني لضريبة الدخل على الشركات مقابل حوالي 784 ألف ريال عماني في الربع الأول من العام الماضي، وعزت الشركة (المجموعة) تراجع أرباحها الصافية من 8 ملايين ريال عماني إلى 3 ملايين ريال عماني إلى انخفاض حجم المبيعات والارتفاع الكبير في تكلفة الكهرباء التي بدأ تطبيقها اعتبارا من يناير 2017 بالإضافة إلى تطبيق التعديلات الجديدة على قانون ضريبة الدخل التي تنص على زيادة معدل الضريبة من 12% إلى 15% وقد أدى ذلك أيضا لتسوية الضرائب المؤجلة وبالتالي ارتفع معدل الضرائب خلال الربع الأول من العام الجاري مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.

أما الشركات الصناعية الأخرى فإن تأثيرات زيادة ضريبة الدخل عليها كانت محدودة ، وعلى سبيل المثال فإن شركة صناعة الكابلات العمانية خصصت في الربع الأول من العام الجاري 790 ألف ريال عماني لضريبة الدخل على الشركات مقابل مخصص بلغ 575 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، وخصصت شركة الأنوار لبلاط السيراميك 114 ألف ريال عماني مقابل 156 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، وقد تراجعت الأرباح الصافية للشركة من 1.1 مليون ريال عماني إلى 549 ألف ريال عماني نتيجة للمنافسة وضعف الطلب في الأسواق التي تعمل فيها وزيادة تكلفة المبيعات.

ومع التأكيد على الأهمية الاقتصادية للتعديلات التي طرأت على قانون ضريبة الدخل على الشركات فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الشركات الصناعية مزيدا من الاهتمام بتسويق منتجاتها داخل السلطنة وخارجها، ولعله من الملاحظ أن عددا من الشركات الصناعية استطاعت استيعاب الزيادة التي طرأت على مخصص الضريبة من خلال زيادة مبيعاتها، وهو ما أشارت إليه شركة المطاحن العمانية التي تنتهي سنتها المالية في يونيو المقبل فقد استطاعت استيعاب الزيادة في ضريبة الدخل بعد أن تمكنت من زيادة إيراداتها من جهة وتقليص تكلفة المبيعات من جهة أخرى لتتمكن في الأشهر التسعة الأولى من سنتها المالية الحالية من تحقيق أرباح صافية بلغت 12 مليون ريال عماني مقابل 8.8 مليون ريال عماني في الفترة المماثلة من سنتها المالية السابقة مع الإشارة إلى أن الشركة خصصت في الأشهر التسعة الأولى من سنتها المالية الحالية 1.5 مليون ريال عماني لضريبة الدخل على الشركات بزيادة حوالي 400 ألف ريال عماني عن الفترة المماثلة من العام الماضي.

كذلك فإن شركة الجزيرة للمنتجات الحديدية استطاعت في الربع الأول من العام الجاري زيادة مبيعاتها لتتمكن من تحقيق أرباح صافية بلغت 1.3 مليون ريال عماني مقابل 818 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي، وقد خصصت الشركة 279 ألف ريال عماني لضريبة الدخل على الشركات مقابل 170 ألف ريال عماني في الفترة المماثلة من العام الماضي.

وختاما فإننا نتطلع من المحللين الماليين في الشركات العاملة في قطاع سوق رأس المال إلى عدم المبالغة في توقعاتهم تجاه التأثيرات التي ستحدثها التعديلات الجديدة على قانون ضريبة الدخل على الشركات، إذ إننا نتوقع أن تتمكن الشركات الصناعية ومختلف الشركات الأخرى من استيعاب الزيادة الجديدة، إلا أنها مطالبة في الوقت نفسه بالتركيز على تسويق منتجاتها والبحث عن أسواق جديدة مع تقليص التكلفة قدر الإمكان، كذلك فإن المرحلة المقبلة تتطلب من الحكومة اتخاذ الإجراءات التي تساهم في زيادة الطلب المحلي وذلك باستقطاب الاستثمارات والمستثمرين والسياح واتخاذ الخطوات التي تشجع القوى العاملة الأجنبية على تدوير عائداتها في الاقتصاد الوطني بدلا من تحويلها إلى الخارج.