1010101
1010101
عمان اليوم

مشروع «مواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل» يؤكد : ضرورة مراجعة سياسات التعليم وخطط تطويره بما يتوافق مع متطلبات السوق ونمو المجتمع

13 مايو 2017
13 مايو 2017

كتب ـ محمد الصبحي-

استعرضت جامعة السلطان قابوس المشروع الوطني «مواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل في سلطنة عمان»، وذلك بحضور المكرم الدكتور الشيخ الخطاب بن غالب الهنائي نائب رئيس مجلس الدولة، وسعادة الدكتور علي بن سعود البيماني رئيس جامعة السلطان قابوس، وذلك بمدرج الفهم، بالمركز الثقافي بالجامعة.

وأكد الأستاذ الدكتور عامر بن علي الرواس نائب رئيس جامعة السلطان قابوس للشؤون الأكاديمية وخدمة المجتمع «لا شك أن دراسة احتياجات سوق العمل والمجتمع الحالية والمستقبلية ومواءمة مخرجات التعليم مع هذه الاحتياجات يعد أمرا ضروريا في عملية التنمية. ولقد أتت التوجيهات السامية لحضرة مولانا صاحب الجلالة - حفظه الله ورعاه - مؤكدة على ضرورة مراجعة سياسات التعليم وخططه وتطويرها بما يتواءم مع متطلبات سوق العمل العماني والمجتمع.

وأضاف: ( ضمّنت الجامعة في خطتها الاستراتيجية السابقة (2009-2013م) مشروعًا لدراسة احتياجات سوق العمل المستقبلية ليساعدها على توجيه برامجها الأكاديمية وفقًا لتنبؤات الاحتياجات المستقبلية، ونظرًا للأهمية الوطنية لفكرة المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل فقد بارك مجلس التعليم ذلك ليكون مشروعا وطنيا يشمل جميع مؤسسات التعليم العالي ومختلف قطاعات العمل بالسلطنة، وقد كُلّفت الجامعة للقيام بهذا الدور بالتعاون مع الجهات الحكومية المختصة. )

وأوضح أنه تم تشكيل لجنة رئيسية وطنية برئاسة سعادة الدكتور رئيس الجامعة، تشمل في عضويتها أهم المجالس والوزارات والهيئات المعنية بهذا الجانب، كذلك شُكّلت لجنة تنفيذية ولجان فرعية أخرى من أجل تنفيذ هذا المشروع.

وقال الرواس: « تمحورت أبرز أهداف المشروع حول دراسة احتياجات سوق العمل العماني من الكوادر المؤهلة كمًّا وكيفًا من حيث التخصصات والمهارات، وبناء قاعدة بيانات متخصصة ومستمرة لربط التعليم بسوق العمل واحتياجات التنمية، ودراسة تحقيق مواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل وربطها بمتطلبات التنمية والمجتمع، وقام المشروع بتطوير دليل استرشادي لربط الوظائف والمهن بالتخصصات الأكاديمية لكلا القطاعين الحكومي والخاص، من شأنه أن يساعد جهات التوظيف والباحثين عن عمل، ومؤسسات التعليم العالي، والطلبة في مختلف المراحل التعليمية للحصول على مسميات المهن والوظائف المرتبطة بكل تخصص أكاديمي. وقد قام المشروع ببرمجة الدليل الاسترشادي إلكترونيا ليسهل عملية البحث سواء من مسمى وظيفة أو مهنة إلى التخصص الأكاديمي أو العكس.»

ووضع هذا المشروع بكل مكوناته الأساس للتقديرات المستقبلية للوظائف من خلال نموذج عمان للتوازن الاقتصادي العام ( OMAGE ) ، الذي يساعد على تقدير الاحتياجات الوظيفية وفق سيناريوهات اقتصادية مختلفة، قام به فريق مشترك يضم اقتصاديين من مركز دراسة السياسات بجامعة فيكتوريا الأسترالية وكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس.

كما أظهرت النتائج العامة لتوقعات الوظائف، حاجة سوق العمل الماسة لمخرجات بعض التخصصات الأكاديمية وأيضا توقعات لتشبعه من مخرجات تخصصات أخرى بحسب معطيات السيناريوهات المستخدمة في المشروع، وحتى يتم الاستفادة من توقعات هذه السيناريوهات ينبغي مراجعة وتحديث

نتائجها بشكل دوري ومستمر باستخدام نموذج جامعة السلطان قابوس لمواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل في السلطنة.

كما توصل المشروع إلى نتائج كمية للاحتياجات المستقبلية لسوق العمل العماني من الكوادر البشرية المؤهلة وفق سيناريوهات مختلفة، ومؤشرات عن أهم المهارات التي يحتاجها سوق العمل من وجهة نظر أصحاب الأعمال، بالإضافة إلى مؤشرات عن مدى رضا الخريجين حول البرامج التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي في إعدادهم للالتحاق بسوق العمل، وتقديرات حول مخرجات مؤسسات التعليم العالي حسب تخصصاتها الرئيسية والفرعية، ومواءمتها مع الأعداد المقدرة لاحتياج سوق العمل العماني حتى عام 2030م.

كذلك قدم المشروع بعض التوصيات التي يؤمّل منها أن تسهم في مساعدة راسمي السياسات وصانعي القرار بقطاع التعليم وقطاع التوظيف في اتخاذ بعض القرارات التي من شأنها تجسير الفجوة بين مخرجات التعليم العالي واحتياجات سوق العمل العماني، وتعمل كذلك على تهيئة البيئة العملية المناسبة لمخرجات التعليم العالي لتأخذ دورها في خدمة هذا الوطن وتحقيق التنمية المستدامة له.

قاعدة بيانات

تم تصميم وإنشاء قاعدة بيانات المشروع بتنسيق مستمر مع بقية الفرق العاملة في المشروع وذلك لضمان مواكبة محتوياتها لما يتطلب العمل في المجالات الأخرى لاسيما في مجال تحليل البيانات. وتعدّ قاعدة البيانات في صيغتها الحالية مكتملة من ناحية التصميم

والهيكلة للأغراض التي أعدت من أجلها، وأيضا قابلة للتمدد لاستيعاب المتغيرات الأخرى التي يمكن إضافتها مستقبلا سواء كانت هذه الإضافات ضمن الجداول الرئيسية الموجودة أو في جداول رئيسية جديدة تخدم أهداف أخرى. واحتوت القاعدة على العديد من الجداول التي تقوم بتخزين بعض مخرجات المشروع مثل عمليات تسكين الوظائف والمهن وعمليات الربط بين الوظائف والمهن من جهة وبين التخصصات العلمية من جهة أخرى. وقد تم اقتراح عدد من الآليات الواجب اتباعها لضمان استمرارية عمل القاعدة حسب الأهداف

المرسومة لها. وحاليا؛ تحتوي القاعدة على نسخة مبدئية من كل أنواع البيانات المقصودة؛ إلا أنها مهيأة لاستقبال أي عدد من نسخ البيانات طالما توافرت عملية التغذية من قبل المختصين بتسيير أعمالها. وأخيرا، ينصح بالبدء في عملية إعداد واجهة استخدام محكمة لمحتويات القاعدة مبينة على ضمان تدفق البيانات إليها، وتحديد المستخدمين لها وإعطاء الصلاحيات المناسبة لكل نوع من أنواع المستخدمين المفترضين.

فرضت على المشروع بناء 5 سيناريوهات مستقبلية للأوضاع الاقتصادية والنمو السكاني المصاحب لها

اعتماداً على متغيرات اقتصادية مختلفة، السيناريو 1 بني هذا السيناريو على فترة انتعاش اقتصادي مرتبطة بالسعر العالمي للنفط الخام ولإنتاج عمان واحتياطها من النفط، ويفترض السيناريو انخفاضا في أسعار النفط خلال الفترة من 2012 إلى 2030 م في حدود % 18.8 بحيث يكون متوسط سعر برميل النفط 100 - 90 دولارا أمريكيا، ومن المتوقع أن ينمو الاقتصاد العماني بمعدل سنوي قدره % 3.3، في حين يزداد إجمالي حجم التشغيل بمعدل سنوي قدره % 2.1.

أما السيناريو 2 حسب معطيات هذا السيناريو فإن انخفاض دعم النفط للدخل القومي مقارنة بالسيناريو الأول سيقلل من فرص التشغيل، ويتوقع أن يكون فيه متوسط سعر برميل النفط 70 - 60 دولارا أمريكيا خلال الفترة 2016-2030 م، كما يتوقع نموذج عمان للتوازن الاقتصادي العام، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره % 2.5، والتشغيل بنسبة.1.1%

في حين يفترض السيناريو 3 أوضاعا اقتصادية مستقبلية أقل مما تم افتراضه في السيناريوهين السابقين، ويتوقع أن يكون فيه متوسط سعر برميل النفط من 50-60 دولارا أمريكيا خلال الفترة 2016-2030 م. هذا ويتوقع نموذج عمان للتوازن الاقتصادي العام، وأن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره % 2.2، والتشغيل بنسبة. 1%

ويفترض السيناريو 4 أن سعر برميل النفط يتراوح في المتوسط من 35-50 دولارا أمريكيا خلال الفترة - 2016

2030 م، ويتوقع نموذج عمان للتوازن الاقتصادي العام، أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل سنوي قدره % 1.9، والتشغيل بنسبة %1.

ويفترض السيناريو 5 الإحلال والتقاعد يمثل هذا السيناريو حالة اقتصادية خاصة، وفيه لن تستحدث وظائف جديدة، وسيتم الاعتماد كليا على إحلال وظائف الوافدين وتاركي الخدمة المتقاعدين بالعمالة الوطنية، حيث يفترض هذا السيناريو أدنى مستويات التوظيف لعدم فتح وظائف جديدة وبالتالي فهو يختلف في طبيعته عن السيناريوهات السابقة المرتبطة بالنمو في التشغيل للفترة 2030 - 2016 م.

مقترحات الخريجين

ولتطوير البرامج والخدمات التي تقدمها مؤسسات التعليم العالي ورد من الخريجين عدد من الملاحظات والمقترحات من خلال إجابتهم على السؤال المفتوح، وأبرزها التدريب أثناء الدراسة، وتركزت ملاحظات ومقترحات الخريجين حول الاهتمام بالجوانب العملية في المقررات، وربطها بمتطلبات سوق العمل. كما ركزوا على مسألة التدريب المبكر وتكثيف الزيارات الميدانية، وأن يشمل التدريب تنمية مهارات العمل الجماعي، ومواجهة ضغوطات العمل، وزيادة فرص الدراسات العليا للخريجين، وقد أشار بعضهم للبطء الشديد في إنهاء إجراءات المعاملات في مؤسسات التعليم العالي، وزيادة الأنشطة لتحفيز الطلبة في الدراسة، واستبدال بعض المقررات من التدريس الصفي لحلقات عمل، وزيادة ساعات المعامل ورفع مستوى المعامل والمختبرات، وأهمية ربط مخرجات التعليم العالي باحتياجات سوق العمل، مع ضرورة التركيز على الإرشاد المهني قبل اختيار التخصص، وزيادة دعم الأنشطة الطلابية اللاصفية، وترقية التعليم الالكتروني، ومسايرة التطور في مجال التعليم العالي في المناهج والأدوات.

ويتسم العمل في القطاع الخاص بالمنافسة الشديدة بين الشركات مما يتطلب من العاملين فيه امتلاك قدر عالٍ من المهارات الأساسية وهي التفكير الناقد والمنطقي والتفكير التحليلي، والتواصل الشفهي والكتابي، تنفيذ المهام في الزمن المحدد. وبالنظر إلى نتائج مسح أصحاب العمل يتبين أن آراءهم أجمعت على المستوى المتدني لهذه المهارات لدى الخريجين؛ إذ لم يتجاوز مستوى الرضا في معظمها 50%، وهذا يدل على الحاجة للنظر إلى البرامج الأكاديمية لجميع المستويات التعليمية، وخاصة الأولى منها لتنمية هذه المهارات.

وأشار مسح أصحاب العمل إلى ضرورة التدريب أثناء الدراسة حتى يكتسب الخريج الخبرة المناسبة، وينخرط في العمل دون حاجة المؤسسة المعنية لتدريبه، وعلى الرغم من أن هذا المنحى لا يوجد إلا في بعض التخصصات المعروفة كالطب والتربية والهندسة، فإن المتبع عالمياً هو الإصرار على وجود تجربة عملية للطالب مهما كان نوعها وذلك للتأكيد على إلمامه بأساسيات العمل والتعامل مع بيئته.

وأبرز ما توصلت له نتائج المواءمة بين مخرجات التعليم العالي احتياجات سوق العمل العماني حسب توقعات سيناريوهات النمو الاقتصادي والسكاني للفترة 2030 - 2016 م، أخذا في الاعتبار أن المشروع افترض أن جميع الوظائف والمهن التي يشغلها وافدون من حملة درجتي البكالوريوس والدبلوم الجامعي هي متاحة للخريجين العمانيين. وبما أن كل دولة، وتهدف إلى توظيف جميع مخرجاتها متى ما توفرت الوظائف، فقد وضع المشروع افتراضا لأوضاع مثالية يقوم على توظيف جميع مخرجات التعليم العالي في عام معين متى ما توافرت الفرص الوظيفية في ذلك العام. وأظهرت نتائج مؤهل البكالوريوس احتياج سوق العمل إلى المزيد من مخرجات 79 تخصصا فرعيا حسب السيناريوهات (1-4) 33 تخصصا حسب السيناريو 5، من أصل 80 تخصصا فرعيا تقوم بتدريسها مؤسسات التعليم العالي، في المقابل ظهر تخصص فرعي وحيد في الزراعة يتوقع حصول فائض في مخرجاته حسب السيناريوهات ابتداء من عام 2016 م، وبحسب السيناريو 5 الإحلال والتقاعد سيتشبع 47 تخصصا فرعيا في أعوام مختلفة.

وفيما يتعلق بمؤهل الدبلوم الجامعي، فقد أشارت النتائج إلى توقع احتياج سوق العمل العماني إلى مخرجات 18 تخصصا حسب السيناريوهات 1-4، و4 تخصصات حسب السيناريو 5 الإحلال والتقاعد من أصل 31 تخصصا فرعيا تقوم بتدريسها مؤسسات التعليم العالي، في المقابل توقع تشبع السوق من مخرجات 13 تخصصا فرعيا ستبدأ 11 منها في التشبع خلال الفترة 2025 - 2021 م تندرج جميعها تحت العلوم الطبيعية والفيزيائية والإدارة والمعاملات التجارية حسب معطيات السيناريوهات 1-4 أما السيناريو الخامس فتوقع تشبع سوق العمل من مخرجات 27 تخصصا فرعيا في مؤهل الدبلوم الجامعي.