العرب والعالم

تقرير :قرار السبسي بتأمين عسكري للمنشآت الإنتاجية يضع الجيش في مأزق

12 مايو 2017
12 مايو 2017

تونس-(د ب أ):تحظى المؤسسة العسكرية في تونس بتقدير واسع من الشعب منذ أحداث الثورة، 2011 لكن قرار الرئيس الباجي قايد السبسي بدفعها إلى حماية المنشآت الإنتاجية في مواجهة الاحتجاجات الاجتماعية المتصاعدة قد يضعها اليوم في مأزق صعب. طالما كان الجيش التونسي متواريا عن الأنظار منذ تأسيسه إبان الاستقلال عن فرنسا عام 1956 عدا ظهوره النادر في الشوارع أثناء «احتجاجات الخبز» في ثمانينات القرن الماضي.

لكنه ظهر للعلن خلال أحداث الثورة عام 2011 خارج الثكنات ليلعب دورا حاسما في حماية مؤسسات الدولة من الانهيار في ذروة الانفلات الأمني آنذاك.

لقي الجيش إشادة واسعة في الداخل والخارج كونه لم يوجه بنادقه إلى صدور المحتجين.وهو على النقيض من جيوش أخرى في المنطقة بقي على مسافة من الشأن السياسي.

وقال الجنرال المتقاعد رشيد عمار عندما كان رئيس أركان جيش البر، بعد فترة قليلة من سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، «السلطة كانت على قارعة الطريق.عرض على الجيش أن يتسلم الحكم لكننا رفضنا.

فضلنا احترام الدستور واجراء انتخابات ديمقراطية».وبعيدا عن السياسة اضطر الجيش للانخراط في لعب أدوار أخرى غريبة عنه خلال مرحلة الانتقال السياسي كتأمين الاختبارات الوطنية في المعاهد وحراسة المحاصيل الزراعية، قبل أن يعود إلى الثكنات ويبدأ حربا ضروسا مع الجماعات المتشددة والمتحصنة في الجبال.والآن علاوة على مهامه في الحدود و«النقاط السواء» حيث يتحصن المسلحون، سيعود الجيش للعب دور أكبر في المناطق الساخنة ما قد يهدد حبل الود مع المحتجين والناقمين على الأوضاع الاجتماعية.

وقالت «الجبهة الشعبية» المعارضة في البرلمان: إن هذه الخطوة تمثل تكليفا للجيش بدور غير دوره وتشتيتا لجهده وإنهاكا له في ظل تفاقم الإرهاب وتصاعد العنف. كما حذرت من تحميل الجيش مسؤولية «فشل سياسات الائتلاف الحكومي التي تثير التحركات الاحتجاجية ووضعه في مواجهة المواطنين».وقال العميد المتقاعد في الجيش والمتحدث السابق باسم وزارة الدفاع المختار بن نصر: «الجيش قام بحماية المنشآت النفطية من قبل، لكن الجديد أنه سيقوم من الآن فصاعدا بمنع تعطيل الإنتاج وإغلاق الطرقات».

وتابع بن نصر: «خطورة القرار تكمن في كون الجيش لا يملك سوى الرصاص ليواجه به محاولات إيقاف الإنتاج إن وجدت، ولا يملك عصيا أو قنابل مسيلة للدموع لردع المحتجين على غرار المؤسسة الأمنية». يعكس قرار الرئيس إلى أي درجة بلغت حالة الانفلات الاجتماعي في تونس بسبب اليأس والإحباط، وتعثر جهود الحكومات المتعاقبة منذ 2011 في إحداث تغييرات حقيقية على الأرض تشمل التنمية وتحسين مستوى العيش.

لكن القرار يؤشر في نفس الوقت إلى مستوى عال من المخاطر الاقتصادية في ظل ارتفاع العجز التجاري وهبوط الدينار وتراجع الإنتاج. (لم يتعد النمو على مدار السنوات الست الأخيرة 1 بالمائة).

رافق ذلك هبوط كبير في مستويات الإنتاج بنسبة 40 بالمائة في النفط والغاز مقارنة بفترة ما قبل 2010 بالتوازي مع تراجع قياسي في إنتاج الفوسفات بلغ نحو 60 بالمائة بسبب الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية. وقال اتحاد الأعراف الممثل لرجال الأعمال الذي رحب بقرار السبسي «إن تونس في حاجة إلى تطبيق القانون وإرساء مناخ اجتماعي سليم وعدم تعطيل مواقع الإنتاج وغلق الطرقات».لكن قرار الرئيس قابله أيضا سياسيون وحقوقيون بتحفظ بسبب مخاوف من حدوث انتهاكات ضد الحريات. وصف «حزب العمال» المعارض قرار السبسي بمثابة «إعلان حرب ضد الشعب».وطالبت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها بسحب قرار «عسكرة الجنوب بدعوى تأمين الثورة».وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل إن الجيش لن يمنع المنظمة من الإعلان عن إضرابات، كما لن يدفعها إلى التراجع عن الاتفاقيات غير المطبقة باسم الجيش.