1007906
1007906
المنوعات

ميكروبات خطيرة تصل جبال الألب على متن الرياح القادمة من الصحراء الإفريقية

10 مايو 2017
10 مايو 2017

فيينا - «د.ب.ا»: عندما تهب العواصف قادمة من الصحراء الإفريقية يمكن أن يتحول لون الأمطار المتساقطة على القارة الأوروبية إلى الأحمر البني، ثم تترسب الأتربة التي تحملها الرياح على الطرقات والسيارات والجبال المكسوة بالثلوج.

وهذه الجزيئات من الأتربة يمكن أن تشكل خطرا أكبر على الصحة مما كان يعتقد من قبل، حيث إنها تستطيع أن تحمل معها تجمعات كبيرة من الفطريات والبكتريا الفتاكة، وذلك وفقا لما اكتشفه علماء من النمسا وإيطاليا.

وقال توبياس فيل الباحث بمؤسسة إدموند ماش الكائنة في بلدة سان ميشيل ألاديجي بشمالي إيطاليا، والتي أجرت الأبحاث بالتعاون مع علماء بجامعة إنسبروك النمساوية، «إذا تم التحقق والتأكد من هذه الاكتشافات فيمكن لهذه الرياح أن تشكل خطرا».

وخلال فصل الشتاء الأخير في أوروبا أجرى العلماء حفريات داخل الجليد في منطقة جبال الألب، لإجراء بحوث حول الأتربة التي وصلت إلى أوروبا محمولة جوا أثناء عواصف الصحراء القوية التي هبت منذ ثلاثة أعوام، ابتداء من فبراير 2014.

وفي ذلك الحين غطى النمسا وحدها نحو مليوني طن من الأتربة، وفقا لتقديرات علماء الأرصاد الجوية.

ويمكن العثور على هذه الرواسب بتركيزات عالية في المناطق الجبلية التي تقع على ارتفاع ما بين 2000 إلى 3000 متر فوق سطح البحر، وهو الارتفاع الذي تمر عنده الرياح التي تحمل الأتربة.

وقال توبياس فيل لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) إنه عندما دقق الباحثون في طبقة رفيعة من الجليد ترجع لعام 2014، عثروا على «جميع الكائنات الدقيقة الموجودة في الصحراء الأفريقية تقريبا».

ومن المعروف أن الرياح التي تحمل الأتربة أو الطمي وتنقلها عبر مسافات طويلة يمكن أن يكون لها آثار مفيدة. وعلى سبيل المثال نجد أن منطقة الأمازون في أمريكا الجنوبية، وغيرها من الغابات المطيرة في منطقة الكاريبي تخصبها المواد المعدنية القادمة على متن الرياح من أفريقيا.

ومع ذلك فإن أنواع الميكروبات التي تطير مع الرياح وكأنها مثل المسافرين المتسللين تثير أيضا المخاوف.

وأوضح العلماء في تقرير وضعوه أنه من بين الأنواع السائدة من الفطريات التي عثر عليها وسط الجليد ما يعرف باسم «كابنوديالس» و«بليوسبورالس»، والتي تنقسم بدورها إلى فصائل أخرى وتتسبب جميعها في إصابة النباتات والمحاصيل بالأمراض، و«تحتوي على العديد من أنواع البكتيريا والكائنات الدقيقة بالغة الضرر لمحاصيل الحبوب والخضراوات والفاكهة والزهور والأشجار، بالإضافة إلى احتوائها على أهم الفطريات التي تسبب الحساسية». وأشار فيل إلى أنه بالإضافة إلى ذلك فإن الميكروبات التي هبطت على جبال الألب تتحمل إلى حد كبير الضغوط التي تتعرض لها، وكونت أغشية سميكة لخلاياها.

واستطاعت هذه الميكروبات أن تبقى على قيد الحياة في رحلتها الجوية التي قطعت خلالها أكثر من 2500 كيلومتر على ارتفاعات عالية، وأيضا أن تعيش على مدى فترات طويلة في مناطق تنخفض فيها درجة الحرارة إلى ما تحت الصفر، وتفتقر فيها إلى المواد التي تتغذى عليها، كما أنها استمرت في التواجد بمثابرة داخل التربة الجبلية بعد ذوبان الجليد.

وتتقلص المشكلات التي تسببها الرياح القادمة من الصحراء خلال فصل الصيف، حيث تقلل الأمطار المتتابعة من كثافة الميكروبات التي تحملها وتجرفها بعيدا. ولكن عندما تصل الفطريات والبكتيريا إلى جبال الألب في الشتاء، تتركز داخل الثلوج ثم تنطلق منها عندما ترتفع درجة الحرارة في فصل الربيع، وذلك وفقا لما جاء بالتقرير الذي وضعته مجموعة من علماء الأرصاد الجوية والأحياء الدقيقة.

وأشارت هيئة الأرصاد الجوية الألمانية إلى أنه يصل إلى الأراضي الألمانية كل عام، ما بين عشرة إلى عشرين رحلة طويلة كبيرة للرياح تحمل في طياتها الرمال من الصحراء الأفريقية. وقال فيرنر توماس الخبير بهيئة الأرصاد الألمانية «ربما كانت هناك حالات أخرى من رحلات الرياح التي لا نستطيع ببساطة أن نثبتها».

وفي هذه الحالات يتم رصد الجزيئات، ولكن لا يمكن تحديد ما إذا كانت قادمة من الصحراء أو من مصادر أخرى مثل الغابات المحترقة في أفريقيا الاستوائية. ومن المعروف أن الرياح يمكنها أن تحمل أجزاء من الميكروبات التي تعيش في الصحراء الإفريقية، وأثبت الباحثون أن قطاعات كبيرة من التجمعات الميكروبية بما فيها بعض من أكثرها شراسة وخطورة تشق طريقها عبر البحر المتوسط.

وأشار تقرير أعدته عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة العام الماضي إلى أن انبعاثات الأتربة على مستوى العالم سنويا زادت بنسبة 25% على الأقل خلال القرن الماضي، بسبب السياسات السلبية لاستخدامات الأراضي والتغيير المناخي. كما أشار التقرير إلى أن الكائنات المسببة للأمراض تتطاير مع أتربة الصحراء، وتسهم في تفشي مرض الالتهاب السحائي في منطقة الساحل الأفريقي وحمى الوادي في الأمريكيتين.

ودعت مجموعة علماء النمسا وإيطاليا إلى إقامة أنظمة للمراقبة والرصد في منطقة جبال الألب، ليس فقط لدراسة الثلوج ولكن أيضا الكتل الجليدية التي يمكن أن تحتوي على الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض، والتي تجمدت لعدة قرون ويمكن أن تنطلق من مرقدها مع ذوبان الجليد.