1007871
1007871
الرئيسية

د. مهاتير محمد: التقدم الاقتصادي يتطلب تطورا كبيرا في البنية الأساسية

10 مايو 2017
10 مايو 2017

الأولويات الوطنية التي اعتمدت عليها ماليزيا هي النمو والتحديث والتصنيع -

كتب - محمد الصبحي -

استعرض معالي الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أمس تجربة ماليزيا في التخطيط الاستراتيجي، في المركز الثقافي بجامعة السلطان قابوس، بحضور عدد من المهتمين والمختصين في التخطيط الاستراتيجي.

وقال معالي الدكتور مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق: ماليزيا بدأت أولًا في التخطيط لمدّة خمس سنوات كمرحلة أولى، وبعد ذلك خططوا لأن يصبحوا دولة متقدمة في غضون 30 عامًا وكان ذلك في عام 1990

وعرّف مهاتير مصطلح الدول النامية، وقال إنه هنالك الكثير من الدول النامية حول العالم وهنالك دول أقلّ نموًّا من الأخرى، لكنّ جميعها لديها إنجازات مشتركة، كما أنه يوجد بها مجموعة من الأشخاص المتعلّمين جدًا ولديهم مجموعة من المعايير المعيشيّة، كما أنّ الدول النامية تمتلك مراكز أبحاث جيّدة ولديها مجموعة من البرامج المعنيّة بزيادة نموّ الاقتصاد، وعلاوة على ذلك فإن الدول النامية تسعى للحفاظ على الاستقرار السياسي، وإذا لم تكن الدولة مستقرة لن يكون هنالك أي إنجاز وأي تطوّر.

وأكد مهاتير: لكي نحقّق الاستقرار يجب أن نفهم التحدّيات التي تواجه دولة متعدّدة الأعراق، في ماليزيا لدينا اختلاف كبير في الأعراق ولكي نتجاوز هذه العقبة يجب علينا أن نفهم كيف نعيش مع بعضنا البعض وكيف نعمل مع بعضنا البعض، وبالتالي فإن هذا سوف يساعدنا على تشارك مفاهيم القِوى السياسيّة، والحكومة الماليزية هي دائمًا حكومة متعددة الأعراق ونحن نتبادل النمو الاقتصادي ونحاول تصحيح الفروقات الموجودة في الاختلافات العرقية، وهذا يتطلب تحديد أولا الأهداف لكي نعرف ماذا يجب علينا القيام به، ويجب أن نكون حذرين لكي نحافظ على الاستقرار والسلام ولكي يتحقق ذلك يجب أن نبحث عن الوسائل التي من شأنها أن تحقّق لنا اقتصادًا مستدامًا.

وأضاف: ماليزيا لديها مجموعة من الأصول والمسؤوليات، فنحن دولة لديها الكثير من الأمطار والغابات وتربة قابلة للزراعة، وحينها كنا نفكر بتطوير الزراعة وما هو نوع الزراعة التي بإمكاننا تطويرها، لكن هنالك الكثير من الحشرات التي تؤثّر على الزراعة، لم يكن لدينا فهم واضح حول جودة التخطيط وطبيعة التربة لكن أدركنا بعد ذلك أنّ هنالك مجموعة من الأشجار التي تنمو بطريقة ممتازة جدًا في ماليزيا أي تلك التي تأتي من البرازيل وشرق أفريقيا، وحتّى نستفيد بشكل كبير من هذه الزراعة كان يجب علينا أن ندرك حجم الاستفادة من الأبحاث، وكان لدينا مؤسسة بحثية وأبحاث كنا نقوم بها لأشجار النخيل، كما قمنا بعمل استنساخ لهذه الأشجار وكانت النتيجة ممتازة جدًا مقارنة مع الأشجار التي جلبناها، نحن ننتج حوالي 10% من المطاطّ العالمي وقد جاء هذا كنتيجة لأبحاث الاستنساخ، وكذلك الحال بالنسبة لزيت النخيل لتصبح ماليزيا المنتج الأكبر للمطاط في العالم والمصدّر الأول لزيت النخيل .

وأضاف: خطّطنا بعد ذلك للتحول الصناعي، وهذا كان طموح كبير مع عدم وجود التكنولوجيا ورأس المال ولا فهم واضح حول كيفية القيام بالإنتاج، لذلك قرّرننا دعوة الأجانب للاستثمار وحققّ قطاع الصناعة آنذاك تطوّرًا سريعًا وساعد على القضاء على نسبة البطالة بتشغيله للأشخاص الذين هم بلا عمل، ثم كانت الصناعات المعقّدة خطة لاحقة لاحتكاك المواطنين بخبرات الصناعات الأجنبيّة، وتوصلت ماليزيا الى صناعة الشرائح الإلكترونية والتي تحتاج إلى بيئة خاصة جدا، مؤكداً أن ماليزيا لم تلجأ لسياسة الاستقراض الخارجي لكي تنهض باقتصادها بكل كانت تنفق بحدود الموارد الموجودة.

وأشار إلى أن انفتاح أي بلد اقتصاديا لابد أن يلحقه تطوير في البنية التحتيّة وأن ماليزيا عملت على ذلك من خلال العمل على تطوير محطات الكهرباء لصبح لديها اكتفاء ذاتي، وأنهم كانوا ينظرون إلى مناحٍ مختلفة وليس ناحية واحدة فقط من أجل أن يتم تطوير الاقتصاد.

وقال: جميع هذه الأمور يجب أن تفهم بطريقة جيدة من قبل المخطّطين والذين يجب أن يكون منهم السياسيون والباحثون وأشخاص ممثلون للمجتمع وخبراء من دول أخرى حتّى يساعدونا في فهم أفضل لإمكانية الاستفادة من مواردنا.

وأوضح مهاتير أن المناخ السياسي لدولة ماليزيا يمثل حالة خاصة بين جيرانها، بل بين الكثير من الدول النامية، حيث يتميز بتهيئة الظروف الملائمة للإسراع بالتنمية الاقتصادية. وذلك لأن ماليزيا لم تتعرض لاستيلاء العسكريين على السلطة، ويتم اتخاذ القرارات دائماً من خلال المفاوضات المستمرة بين الأحزاب السياسية القائمة على أسس عرقية، ما جعل سياسة ماليزيا توصف بأنها تتميز بأنها ديمقراطية في جميع الأحوال، وتنتهج ماليزيا سياسة واضحة ضد الأسلحة النووية، وقد أظهرت ذلك في معارضتها الشديدة للتجارب النووية، وحملتها التي أثمرت عن توقيع دول جنوب شرق آسيا العشر المشتركة في تجمع الأسيان في العام 1995م على وثيقة إعلان منطقة جنوب شرق آسيا منطقة خالية من السلاح النووي وقد ساعد هذا الأمر على توجيه التمويل المتاح للتنمية بشكل أساسي بدلاً من الإنفاق على التسلح وأسلحة الدمار الشامل.

وأكد أن الحكومة الماليزية رفضت تخفيض النفقات المخصصة لمشروعات البنية الأساسية، والتي هي سبيل الاقتصاد إلى نمو مستقر في السنوات المقبلة. لذا قد ارتفع ترتيب ماليزيا لتصبح ضمن دول الاقتصاد الخمس الأولى في العالم في مجال قوة الاقتصاد المحلي، وانتهجت ماليزيا استراتيجية تعتمد على الذات بدرجة كبيرة من خلال الاعتماد على سكان البلاد الأصليين الذين يمثلون الأغلبية المسلمة للسكان، مشيرا إلى اهتمام ماليزيا بتحسين المؤشرات الاجتماعية لرأس المال البشري، من خلال تحسين الأحوال المعيشية والتعليمية والصحية للسكان الأصليين، سواء كانوا من أهل البلاد الأصليين أو من المهاجرين إليها من المسلمين الذين ترحب السلطات بتوطينهم، واعتماد ماليزيا بدرجة كبيرة على الموارد الداخلية في توفير رؤوس الأموال اللازمة لتمويل الاستثمارات حيث ارتفاع الادخار المحلي الإجمالي بنسبة 40 % بين سنة 1970م وسنة 1993م، كما زاد الاستثمار المحلي الإجمالي بنسبة 50 % خلال الفترة عينها.

وأضاف: إنه في الوقت الذي تعاني فيه بلدان العالم النامي من مثلث المرض والفقر والجهل، فإن ماليزيا كان لها ثالوث آخر دفع بها إلى التنمية منذ طلع الثمانينات وهو مثلث النمو والتحديث والتصنيع، باعتبار هذه القضايا الثلاث أوليات اقتصادية وطنية، كما تم التركيز على مفهوم ماليزيا كشراكة كما لو كانت شركة أعمال تجمع بين القطاع العام والخاص من ناحية وشراكة تجمع بين الأعراق والفئات الاجتماعية المختلفة التي يتشكل منها المجتمع الماليزي من ناحية أخرى. وهناك عوامل أخرى ساعدت على نجاح التجربة التنموية في ماليزيا منها أنها تعاملت مع الاستثمار الأجنبي المباشر بحذر حتى منتصف الثمانينات، ثم سمحت له بالدخول ولكن ضمن شروط تصب بشكل أساسي في صالح الاقتصاد الوطني منها أن لا تنافس السلع التي ينتجها المستثمر الأجنبي الصناعات الوطنية التي تشبع حاجات السوق المحلية، وأن تصدر الشركة نصف ما تنتجه، وأن الشركات الأجنبية التي يصل رأس مالها المدفوع نحو 2 مليون دولار ويسمح لها باستقدام خمسة أجانب فقط لشغل بعض الوظائف في الشركة، وأيضاً امتلاك ماليزيا لرؤيا مستقبلية للتنمية والنشاط الاقتصادي من خلال خطط خمسية متتابعة ومتكاملة منذ الاستقلال وحتى الآن، بل استعداد ماليزيا المبكر للدخول في القرن الحالي من خلال التخطيط لماليزيا 2020م والعمل على تحقيق ما تم التخطيط له، ووجود درجة عالية من التنوع في البنية الصناعية وتغطيتها لمعظم فروع النشاط الصناعي مثل الصناعات: الاستهلاكية - الوسيطة -الرأسمالية) وقد كان هذا الأمر كمحصلة لنجاح سياسات التنمية بماليزيا فيمكن اعتباره سببا ونتيجة في الوقت عينه.

وأضاف: إن هناك العديد من الدروس المستفادة منها وجوب الاهتمام بجوهر الإسلام وتفعيل منظومة القيم التي حض عليها الإسلام في المجال الاقتصادي وغيره ولا داعي لرفع شعارات إسلامية دون وجود مضمون حقيقي لقيم الإسلام، وتفعيل مبادئ الشورى التي حض عليها الإسلام من خلال نظم ديمقراطية تحترم حقوق الأفراد، وفي حال وجود عرقيات مختلفة يمكن التوصل إلى اتفاقات تتقاطع فيها دوائر المصالح المختلفة وبذلك يكون التنوع مصدر إنماء لا هدم، ويجب الاستفادة من الظروف العالمية السياسية لبناء الاقتصادات الوطنية، والاعتماد على الذات في بناء التجارب التنموية ولن يتحقق هذا إلا في ظل استقرار سياسي واجتماعي، والاستفادة من التكتلات الإقليمية بتقوية الاقتصاديات المشاركة بما يؤدي إلى قوة واستقلال هذه الكيانات في المحيط الدولي، والتنمية البشرية ورفع كفاءة رأس المال البشري فالإنسان هو عماد التنمية تقوم به ويجني ثمارها، وأهمية تفعيل الأدوات الاقتصادية والمالية الإسلامية في مجال التنمية مثل الزكاة والوقف من خلال وجود مؤسسات تنظم عملها والرقابة على أدائها، ويجب أن تتوزع التنمية على جميع مكونات البلاد لتفادي الكثير من المشكلات مثل التكدس السكاني والهجرة إلى المناطق المعنية بالتنمية وتكريس الشعور بالطبقية وسوء توزيع الدخل، واعتبار البعد الزمني من حيث استيعاب التقدم التكنولوجي، وأن المعرفة تراكمية، وأن المشكلات مع الوقت سوف تزول في وجود أداء منضبط بالخطط المرسومة، وبخصوص التطبيق لمبادئ وأسس الاقتصاد الإسلامي قد تكون هناك فترات انتقالية لتهيئة المجتمع للتطبيق الكامل ولكن لا يعني ذلك التوقف عن البدء في التطبيق، فمالا يدرك جله لا يترك كله، ويفضل البدء بما تتوافر له الشروط والظروف الملائمة.

جلسة حوارية حول دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بناء اقتصاد مستدام -

أقيمت امس بالمقر الرئيسي لمجموعة الغالبي العالمية جلسة حوارية بعنوان “دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في بناء اقتصاد مستدام” بحضور الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق كضيف شرف وعدد من كبار الرؤساء التنفيذيين والاقتصاديين.

وخلال الجلسة تحدث الدكتور مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق عن الجانب الابداعي في تفعيل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي من شأنها رفع مستوى هذه المؤسسات إلى مؤسسات كبرى، كما ناقش الأمثلة العالمية لمؤسسات عززت قيمتها المجتمعية والمحلية. من جهته ركز صلاح بن هلال المعولي نائب الرئيس التنفيذي لصندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عن دور المؤسسات الداعمة في مجال ريادة الأعمال التي تمكن وتسهل عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والتي من شأنها دفع عجلة التنمية حيث يوفر صندوق تنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال برنامج النقاط الأربع الدعم المالي والتسهيلات الحسابية والتقنية بالإضافة إلى توفير بيئة مواتية لهذه المؤسسات لتعمل بشكل اكثر فاعلية.

واختتمت الجلسة بتدشين كتاب الرؤساء التنفيذيين وتكريمهم على دورهم في إنشاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة حيث احتوى الكتاب على 25 سيرة ذاتية لرؤساء تنفيذيين عمانيين.