Ali
Ali
أعمدة

أوراق: موظف متقاعس

10 مايو 2017
10 مايو 2017

علي بن خلفان الحبسي -

[email protected] -

الوظيفة تكليف ومسؤولية قبل أن تكون سلطة، حكمة غرسها الأب القائد جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه لله ورعاه- منذ - توليه قيادة دفة هذا الوطن، إيمانا من جلالته وفكره الحكيم بدور الموارد البشرية وطاقاتها في رفد الدول وتقدم الشعوب، ليس اعتمادا على الآلة والتقنيات الحديثة فقط بل يجب أن يكون هذا الاعتماد على سواعد شبابها وفتيانها ونور عقول آبائها وخبرتهم الطويلة الممتدة عبر الزمن، فالخبرة الطويلة تمجدها الشعوب بينما نحن في عالمنا العربي وعند اقتراب أعمارنا من سنوات الخمسين من العمر تلوح في مخيلتك شبح الموت قاعدا (التقاعد).

للأسف في هذه السن - بل وحتى في أوائل سنوات تعيينهم- يتحول البعض قبل التقاعد إلى التقاعس وكأنه يمهد لسنوات طويلة لم تأت، فيتراجع الضمير وتقل أمانة وإخلاص بعض الموظفين في أعمالهم ولا جديد عنده سوى العبث في هاتفه أو حاسبه الآلي على مكتبه، وربما يصل في بعض الأحيان أن يسترسل حتى ينام حجة بأن بعض الوظائف فيها ما فيها من الملل ليصل هذا النوم والكسل الوظيفي.

كم من الندوات والمحاضرات والدورات التي خاض فيها الموظفون تدريبا حتى النخاع ولقنوا دروسا في تبسيط الإجراءات ووصلوا دراسيا حتى نيل الدكتوراه ولكنهم لم يقدموا شيئا سوى التباهي بشهادتهم والتفنن في توقيعاتهم وفخامة كراسي وطاولات مكاتبهم وعشرات من الأقلام الملونة وأفضل ماركات الحواسيب في مكاتبهم ولكنها غير منتجة، سوى أن كل ذلك استهلك من ميزانيات الدولة الكثير مقابل إنتاجهم الضئيل.

الأمانة والإخلاص والثقة في العمل مطلوبة، فكم من الدول اليوم لا تتغنى بعظمة وفخامة مكاتبها ولا بسياراتهم، وإنما يتغنون بما تقدمه البشرية لهم من منجزات كل حسب خبراته وشهاداته، بهم تغنى الوطن وارتفع شأنه ونما اقتصاده ومكانته، يعملون في صمت رهيب، لا أبواق إعلامية ولا بهرجة حفلات وندوات ولا اجتماعات صارخة تكاليفها أكثر من ما كتب في محاضر اجتماعاتها.

لنكن أكثر واقعية بأن نقدم لوطننا ما حملنا من أمانة من أجله، وأن نقدم بقدر ما نستلم ونعطي للوطن ردا لجميل ما قدمه لنا، وأن نكون أفضل أمة من جيل أمة قادمة، وأن نعلم الأجيال القادمة بأننا غرسنا لهم قواعد متينة يجب أن تصان ويحافظون عليها، لأن هذه الأجيال إن لم تجد قواعد متينة حتما ستنهار.