khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: قيمنا.. سر تقدمنا

10 مايو 2017
10 مايو 2017

خصيب عبدالله القريني -

مما لا شك فيه أن للمدرسة الدور الكبير بعد الأسرة في تشكيل شخصية الفرد بما تمده من معارف ومهارات وقيم واتجاهات إيجابية، فالتكامل بين هذه الأركان هو السمة التي يجب أن توليها المدرسة جل اهتمامها، فلا ينحصر الأمر في مجرد تقديم معلومات معرفية وحشو أذهان الطلبة بالمعارف النظرية، بل يجب أن يتعداه إلى بقية الجوانب، سواء ذات العلاقة بالمهارات التطبيقية التي تساعد الطالب على تنمية قدراته الحياتية وتصنع منه طالبا مبدعا وعمليا، أو تلك التي تهتم بالجانب القيمي او الوجداني والذي تختلف أساليب غرسه في نفوس الطلبة وتتنوع طرق تقديمه لهم، فالجانب الوجداني مجال متشعب ومتعدد ويصعب تحقيقه وقياس نتائجه في فترة زمنية قصيرة، وبالتالي نجد نتائجه في الواقع الأقل تحقيقا لدى الطلبة، وهذا ناتج من عوامل كثيرة ومتداخلة تجعله صعب التحقق بالمقارنة مع الجانب المعرفي او المهاري.

إن طبيعة المناهج الدراسية وأساليب التعلم المقدمة للطالب وشخصية المعلم هي الأركان الثلاثة التي يمكن التعويل عليها لغرس هذا المجال وتثبيته في نفوس الطلبة، ولا شك أن لبقية العوامل دورا في ذلك ولكن بنسبة اقل، كما أن القدرة على التوازن بين كل هذه المجالات الثلاث عند تقديم المنهج المدرسي هو السبيل لبناء شخصية متكاملة ومتوازنة دون غلبة مجال على آخر.

أسوق كل هذه المقدمة لتشجيع إدارات المدارس وكل من له علاقة بالموضوع على الاهتمام بالجانب القيمي والوجداني والديني، والعمل على إيجاد الأساليب المحفزة والمشجعة للقيام به وتنميته، ذلك أن الاهتمام بهذا المجال يتطلب تكاتف الكل، كما أن تحقيق نتائجه لا يتم من خلال موقف صفي مدته لا تصل لساعة واحدة، بل ان ممارسته وتحقيق نتائجه يتطلب شهورا عديدة وأعواما مديدة، كما أن توفير جو مدرسي متكامل لجميع الطلبة في المدرسة هو من يصنع الفارق في كل ما نصبو إليه.

إن تكوين جماعات العمل التطوعي بعيدا عن البهرجة الدعائية ومحاولة تنمية هذا الحس الوطني والديني في نفوس الطلبة احد المجالات التي نعول عليها في الاهتمام بالمجال الوجداني التي يجب أن تتبناها المدرسة وتعززها، ولنا أيضا في حملات التكافل الاجتماعي ودعم الأيتام في المجتمع المحلي القريب من المدرسة أسلوب اخر من أساليب تنمية الجانب القيمي.

كما ان الاهتمام بوجود فسحة قصيرة لأداء صلاة الظهر في ساحة المدرسة هي إحدى الطرق والأساليب التي يجب الاهتمام بها وتعميمها، وقد شاهدت وقرات عن تجارب العديد من مدارس محافظة شمال الباطنة فيما يتعلق بهذا الأمر وأعجبت بحسن التنظيم الذي يرافق القيام بهذا الأمر، وفي ذلك قيم أخرى تتعدى موضوع الصلاة وهي التعاون وأيضا الانضباط في تنظيم الوقت وغيرها من القيم الخفية التي لا يمكن قياسها في الوقت الحاضر ولكن اثرها الإيجابي سيضل باقيا ومشرقا، وهنا نوجه دعوة لوزارة التربية والتعليم للاهتمام بهذا الجانب القيمي وأولها وضع فسحة قصيرة لوقت الصلاة مع ما يرافق ذلك من تنظيم، ويمكن الاستفادة من تجارب المدارس المطبقة لهذه الفكرة، وتلافي أي سلبيات قد تعترض طريق التجربة.

إن المجال الوجداني جانب مهم في تكوين شخصية الفرد، وأساليب تطبيقه متنوعة ومتشعبة وصعبة أيضا، ولكن النتائج المتوخاة اذا احسن تطبيقها ستكون انعكاساتها إيجابية على الفرد والمجتمع، وكل ذلك يجب أن يتم بالتوازي مع الاهتمام بالجانب المعرفي والمهاري دون غلبة أو طغيان مجال على بقية المجالات، فالتكامل سمة يجب مراعاتها عند القيام بهذه الأدوار التربوية.