كلمة عمان

اليونسكو والقدس الشرقية والهلع الإسرائيلي الكبير

06 مايو 2017
06 مايو 2017

ليس من المبالغة في شيء القول بأن رد الفعل الإسرائيلي ، الذي حمل شحنة كبيرة من الغضب ، تم توجيهها الى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة - اليونسكو - بمجرد إصدار قرارها الاخير ، الذي اتخذه المجلس التنفيذي لليونسكو ، والذي اكد ان القدس واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي ، يشير بوضوح الى حجم الهلع ، الذي تشعر به حكومة نتانياهو ، بل و كل المتطرفين في إسرائيل ، على اختلاف انتماءاتهم ، وهو هلع له أسبابه ، و إلا لما اهتمت إسرائيل ، ولا اتخذ نتانياهو قرارا بتخفيض مساهمة إسرائيل في ميزانية اليونسكو بمقدار مليون دولار أخرى كعقاب لها على موقفها .

ومع الوضع في الاعتبار ان قرار المجلس التنفيذي لليونسكو ، قد صدر برغم امتناع العدد الاكبر من الأعضاء عن التصويت ، واعتراض بضع دول أخرى عليه ، وهو ما حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي ان يفسره على نحو يخدم الهوى الإسرائيلي ، إلا ان نتانياهو يدرك تماما ان قرار اليونسكو ، لا يمكن اعتباره كأن لم يكن ، ولا يمكن التقليل من اهميته ، خاصة في هذه الظروف التي تستعد فيها الإدارة الأمريكية للتحرك في محاولة لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل مرة أخرى ، خاصة بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى الولايات المتحدة ومحادثاته مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامي ، الذي سيزور المنطقة خلال الشهر الجاري ، وستكون التسوية السلمية ضمن محادثاته خلال الزيارة وعلى هامشها وفي اتصالاته مع القوى الإقليمية والدولية الأخرى بالطبع . ومن هنا فإن نتانياهو وكبار وزرائه يخشون عودة التركيز الدولي على احتلال إسرائيل للقدس ، و إنعاش الرفض الدولي لهذا الاحتلال .

وبالرغم من ان الحقيقة القانونية الدولية - وفق قرارات مجلس الأمن واليونسكو والجمعية العامة للأمم المتحدة - والحقيقة السياسية والعملية أيضا ، التي شهدها العالم صبيحة الخامس من يونيو عام 1967 ، تقول بأن إسرائيل هي قوة احتلال للأراضي الفلسطينية والعربية التي لا تزال تحتفظ بها منذ عدوانها ، وان ما تتخذه من إجراءات ، واستيطان متوحش ، سواء في القدس الشرقية او في الضفة الغربية المحتلة ، لا يغير من هذه الحقيقة ، ولا ينتقص من الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، الا ان اسرائيل تريد طمس ذاكرة العالم ، وتحاول تغيير ادراك المجتمع الدولي لما قامت وتقوم به في الاراضي الفلسطينية المحتلة .

ولذا فإنها تصاب بالهلع عندما يذكرها العالم ، في اليونسكو وخارجها ، بأنها قوة احتلال ، للقدس الشرقية وللضفة الغربية وللأراضي السورية واللبنانية ، التي لا تزال تحتفظ بها منذ عام 1967 ، وأن مرور السنوات لن يغير هذه الحقيقة ، ولن يسقط أبدا الحقوق الفلسطينية والعربية في تلك الأراضي ، وان الطريق الى السلام والاستقرار هو في جلاء اسرائيل عن تلك الأراضي ، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 ، في إطار حل الدولتين وعاصمتها القدس الشرقية، والاقتراب من ذلك يثير دوما الهلع الإسرائيلي ، ولكن العالم كله سأم ذلك وبات يدرك جيدا أنه من غير الممكن ان يكافأ المعتدي على اعتدائه .