صحافة

الاستقلال: وثيقة حماس.. المستفاد والمتوقع

05 مايو 2017
05 مايو 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب الدكتور أحمد الشقاقي مقالا بعنوان: وثيقة حماس.. المستفاد والمتوقع، جاء فيه:

قدمت حركة المقاومة الإسلامية حماس وثيقتها السياسية الجديدة، بعد مخاضات نقاش استمرت بين أطرها التنظيمية، ومن الواضح أن هذا النقاش لم يقتصر على الدوائر التنظيمية التي تودع خالد مشعل كرئيس للمكتب السياسي.

حاجة حماس السياسية لهذه الوثيقة ترافقت مع فوزها بالانتخابات التشريعية عام 2006، نظراً لأن الحالة السياسية الجديدة بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية العاشرة تتجاوز ميثاق الحركة، مما جعلها عرضة لتصدير مواقف سياسية بناء على المتغير في الفعل السياسي في ظل تحركها من مربع المعارضة إلى مربع التشريعي والحكومة.

ولادة وثيقة حماس السياسية في ظل الظروف الدقيقة التي تعيشها القضية الفلسطينية مع جملة التغيرات في الإقليم والعالم، يعني أن واقعاً تنظيمياً جيداً تعيشه حماس مكّنها من تداول الرأي والمشورة في تفاصيل شكلها السياسي، وموقفها من مجمل التفاصيل السياسية التي أفرزها الواقع والمرحلة. وهذا ما تؤكده مجريات عملية الانتخابات التي تمت داخل أطر الحركة، وهذا يذهب بنا نحو الاطمئنان إلى أن أحد أهم قوى المقاومة بعد ثلاثين عاماً من عمرها لا تزال تحافظ على حيويتها الداخلية ووحدة صفوفها وكذلك تعزيزها لبرنامجها الذي انطلقت من أجله. لن تتمكن حماس من خلال هذه الوثيقة أن تحدث خرقاً مهماً فيما يتعلق بعلاقاتها مع العالم وقواه العظمى وبالتحديد الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي فإن قدرة بنود الوثيقة على تغيير مسارات العلاقة بين حماس ودولة الاحتلال ستبقى تراوح مكانها وفق عناوين محددة مرتبطة بالفعل المقاوم وصفقات التبادل من خلال أطراف وسيطة.

هذه الوثيقة كان يمكن أن تراهن عليها حماس فيما يخص العلاقة مع المنظومة الأوروبية في ذات اليوم الذي شكل فيه إسماعيل هنية الحكومة، أما في اليوم الذي يتولى فيه هنية رئاسة المكتب السياسي فإنه مطالب بقضايا معقدة على الصعيد المحلي سياسياً بحل قضية الانقسام الداخلي، ومجتمعياً بوضع حد لمسلسل الانهيار في الخدمات المقدمة للمواطن بما يخدم تعزيز صمود الناس.

الإعلان عن الوثيقة سيتيح لحماس مساحة أكبر لتحسين العلاقات مع الجار الأقرب لغزة، بعد أن اختفت الإشارات إلى الارتباط التنظيمي بجماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي فإنها تسعى لتقديم نفسها كحركة تحرر فلسطينية ذات خلفية إسلامية وهذه الصيغة تمكنها من التأكيد على هويتها الوطنية بعد أن حسمت بما لا يدع مجالاً للتأويل مسألة الوطن البديل أو التمدد على حساب سيناء المصرية.

أما على صعيد العلاقات الوطنية، فإن الفصائل الفلسطينية بمجملها حركات تحرر وطني وتسعى نحو فلسطين وتختلف في الأدوات وتتفق في الغايات، وعليه فإن السياق الطبيعي لإعلان حماس القبول بدولة بحدود 67 مع عودة اللاجئين إلى ديارهم، ووفق تعريفها لفلسطين من بحرها إلى نهرها، يعود بحركتي حماس وفتح نحو الواقع الاحتلالي على الأرض، لأن القبول بهذه الصيغة وكأن هذا العرض متاح هو مجرد وهم. ما قدمته حماس كوثيقة للمبادئ يعطي الحركة مساحة للمناورة بالتأسيس على قاعدة أن هذه الوثيقة إجابة لاستفسارات عربية ودولية حول قضايا مرحلة ما بعد تشكيل الحركة للحكومة الفلسطينية. هذه الإجابات جاءت في إطار وثيقة يمكن تمييزها عن كونها مبادرة تسعى حماس لتحقيقها وتتبنى كافة تفاصيلها.

قبول حماس لحكومات توافقية فلسطينية تتبنى برنامج الرئيس السياسي يجعل مما تقدم في الوثيقة غير جديد، لكن الجديد على الساحة الفلسطينية ما قدمه الأمين العام لحركة الجهاد د.رمضان شلح كمبادرة وطنية وافقت عليها حماس.

موافقة حماس على مبادرة الجهاد في أكتوبر الماضي تأتي لقناعتها بفشل برنامج التسوية وانعدام أفق حل الدولتين أمام المفاوض الفلسطيني. أما عرضها لوثيقتها السياسية فإنه يأتي في إطار أضيق بكثير من مبادرة النقاط العشر ويسعى لتجاوز ما طفا على السطح في توتر من علاقات مع بعض الأنظمة العربية على خلفية العلاقة مع حركة الإخوان المسلمين.

خلاصة القول: اطمئنوا لبرنامج حماس السياسي، لن تكرر تجارب سابقة على الساحة الداخلية؛ لأن رصيد حماس مرهون بوزنها في ساحة المقاومة والعمل النضالي، الفعل السياسي المأمول منها أن تخرج من دائرة السلطة إلى برنامج الشعب ومقاومته.