1000914
1000914
إشراقات

توقير النبي (صلى الله عليه وسلم) من خلال القرآن «1»

04 مايو 2017
04 مايو 2017

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

في محاضرة للداعية داود بوسنان حول توقير النبي -صلى الله عليه وسلم- من خلال القرآن الكريم أوضح بوسنان أن في سورة الفتح الله سبحانه وتعالى يأمرنا بنصرة رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتأييده، كما يأمرنا باحترامه وتوقيره وتبجيله «إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا»، كما يأمرنا سبحانه في سورة الأحزاب بالصلاة عليه «إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» وفي سورة النساء يعلمنا الله سبحانه يبين لنا أن طاعته صلى الله عليه وسلم إنما هي طاعة لله «من يطع الرسول فقد أطاع الله» وفي سورة الفتح يبين الله سبحانه وتعالى لنا أن مبايعته صلى الله عليه وسلم إنما هي مبايعة لله يقول الله تعالى مخاطبا النبي «إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا».

وفي سورة آل عمران إن حب المؤمن لربه لا يمكن أن يتحقق إلا باتباع رسوله صلى الله عليه وسلم يقول سبحانه وتعالى: «قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ» ويبين الله سبحانه وتعالى لنا في سورة الأعراف أن رحمته التي وسعت كل شيء لا يمكن الفوز بها إلا باتباع الرسول، صلى الله عليه وسلم؟ « وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ..» وفي سورة الحجرات الله سبحانه وتعالى ينهى المؤمنين عن أي تقدم على رسوله -صلى الله عليه وسلم- في أي شأن من شؤون رسالته -صلى الله عليه وسلم-: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» وفي سورة الأحزاب الله سبحانه وتعالى يبين أن معصية رسوله -صلى الله عليه وسلم- ضلال مبين «وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا».

وفي سورة النساء الله سبحانه وتعالى ينفي الإيمان عن المعرضين عن الاحتكام فيما وقع بينهم من نزاع يقول سبحانه «فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» وفي سورة الأحزاب الله سبحانه وتعالى يبين لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو القدوة لكل مؤمن «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا» وفي سورة النحل الله سبحانه وتعالى يبين أن رسوله صلى الله عليه وسلم هو الحجة يوم القيامة على كل من أعرض عن رسالته ولم يستجب لدعوته يقول سبحانه وتعالى: «وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ» وفي سورة الجن الله سبحانه وتعالى يشهد لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بتحقيق العبودية «وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا» وفي سورة الدخان يشهد الله سبحانه وتعالى لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- «أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ» وفي سورة الحاقة الله سبحانه وتعالى يشهد له بالكرم بالتعامل مع الخلق «فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ» وفي سورة الأحزاب الله سبحانه وتعالى يصفه بالسراج المنير أي انه كالشمس في سطوع ضيائها يقول الله سبحانه وهو يخاطبه «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا» ويخاطبه في مطلع سورة إبراهيم بقوله: «الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ»

وفي سورة البقرة يبين الله سبحانه وتعالى أن بعثته -صلى الله عليه وسلم- هي استجابة لدعاء إبراهيم خليل الرحمن وابنه إسماعيل -عليه السلام- يقول الحق سبحانه وتعالى عنهما «رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» وفي سورة آل عمران يبين الله سبحانه وتعالى أن بعثته عليه الصلاة والسلام هي الرحمة المهداة للمؤمنين والنعمة المزجاة لهم «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ».

في هذه الحلقة نتناول جانبا مهما من جوانب أخلاقه صلى الله عليه وسلم وهو جانب الرحمة هذا الجانب ركز عليه القرآن الكريم كثيرا فعندما نتأمل في سورة الأنبياء وبعد أن قص الله علينا في هذه السورة قصصا من أنبيائه إبراهيم ولوط ونوح وداود وسليمان وأيوب وإسماعيل وإدريس وذا الكفل وذا النون وزكريا ويحيى وعيسى توجه بالخطاب مع خاتمة السورة إلى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو يخاطبه بقوله: «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ» فرسالته صلى الله عليه وسلم للناس كافة ولجميع الأزمنة والأمكنة الى يوم القيامة يقول سبحانه «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» ويقول: «قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا» كيف لا وقد اغلق الله سبحانه وتعالى ببعثته باب النبوة فلا نبي بعده إلى قيام الساعة يقول سبحانه في سورة الأحزاب «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا».

وقد عمت رحمته -صلى الله عليه وسلم- الخلق كلهم فمن رحمته بالكفرة حرصه الشديد على هدايتهم والأخذ بأيديهم يقول الله سبحانه في سورة النحل: «إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ» وبلغ من حرصه صلى الله عليه وسلم على هداية الكفرة لدرجة كاد فيها أن يهلك نفسه من شدة التحسر والهم والغم على عدم إيمانهم بالقرآن الكريم فحذره الله سبحانه وتعالى من ذلك بقوله: «فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا»، ويحذره سبحانه وتعالى كذلك في سورة فاطر «فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بكفرة مكة تحديدا أن جعل الله سبحانه وتعالى وجوده بينهم رحمة تمنع عنهم عذاب الاستئصال مع انهم الحوا في طلب هذا النوع من العذاب واستعجلوه يقول سبحانه وتعالى في سورة الأنفال: «قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ».

ومن رحمته -صلى الله عليه وسلم- لأهل الكتاب أن رفع عنهم الحرج وما هو شاق وقد بشرهم الله سبحانه وتعالى ببعثته على لسان موسى وعيسى عليهما السلام في التوراة والإنجيل يقول سبحانه وتعالى: «الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ»

ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالمنافقين أنه كان يقبل الأعذار منهم حينما كانوا يأتون إليه يستأذنونه في القعود عن نصرته صلى الله عليه وسلم ومن هؤلاء المنافقين الذين يؤذونه ويصفونه انه أذن أي انه يصدق بما يسمع عنهم دون تحقق ودون تثبت فبين الله تعالى لهؤلاء انه أذن خير لهم لأنه لا يؤاخذ أحد منهم إلا بالبينة «وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».

ومن رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالذين اعرضوا عن طاعته ثم أتوا إليه وهم يستغفروا الله أن يستغفر لهم بنفسه يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء: «وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا»، ومن رحمته صلى الله عليه وسلم بالتائبين من تخلفهم عن نصرته صلواته عليهم أي دعاؤه لهم دعاء يجدون على اثره سكينة في قلوبهم «وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».

ومن رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالمؤمنين انه كانت تشق عليه معاناتهم فيسعى دوما بالتخفيف عنهم كذلك حرصه الشديد على دعوتهم لنصرته كي يثبتوا دوما على الهدى والإيمان يقول سبحانه: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ».

من أمثلة هذا الحرص كان النبي يدعوهم بالثبات في معركة أحد وهم يفرون وقد بقي صلى الله عليه وسلم ثابتا في مكانه في ذلك اليوم لعظم شجاعته صلى الله عليه وسلم يقول الله سبحانه وتعالى: «إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ».

ومن رحمته -صلى الله عليه وسلم- بالمؤمنين تعامله مع الجميع بالرفق واللين والشفقة والرحمة حتى مع المخطئين منهم يقول سبحانه: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ».

ومن أمثلة تخفيفه -صلى الله عليه وسلم- على المؤمنين ما ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب من إنعامه صلى الله عليه وسلم على الصحابي الكريم زيد بن حارثة بالعتق ليصبح حرًا يقول الحق سبحانه وتعالى: «وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ».

هذه بعض الأمثلة والنماذج التي تدلنا دلالة واضحة على رحمته -صلى الله عليه وسلم- ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى نبه المؤمنين إلى قاعدة جليلة في التعامل مع الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- هذه القاعدة نجدها في سورة الأحزاب «النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» ويتجلى معنى هذه الآية الكريمة في حديث للنبي -صلى الله عليه وسلم- حيث يقول «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين» فطاعة أمره -صلى الله عليه وسلم- أولى من الاستجابة لرغبتهم ولو انه -صلى الله عليه وسلم- استجاب لرغبتهم في كثير من القضايا والأمور لأصيبوا بالضرر والمشقة يقول سبحانه وتعالى في سورة الحجرات: «وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ» كذلك حرص المؤمنين على سلامة نفس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الشدائد أولى من حرصهم على سلامة أنفسهم ولذلك ليس لهم التخلف أبدًا عن نصرته يقول سبحانه وتعالى: «مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ» كذلك ليس لهم التردد في الاستجابة لدعوته -صلى الله عليه وسلم- إذا دعاهم للحضور عنده فدعوته -صلى الله عليه وسلم- للحضور عنده ليست كدعوة بعضهم لبعض «لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا» كذلك ليس لهم الانصراف عن اجتماع دعاهم إليه إلا بعد أن يأذن لهم يقول سبحانه: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ».