أفكار وآراء

التعديلات الضريبية وتأثيرها على سياسات توزيع الأرباح في الشركات

02 مايو 2017
02 مايو 2017

لؤي بطاينة -

[email protected] -

كانت آخر مقالة لي بتاريخ 25 يناير من هذا العام وكانت تحت عنوان عوائق الاستثمار في الدول العربية وعلى الرغم من سعي وقيام غالبية الدول العربية بشكل عام والخليجية بشكل خاص مؤخرا بالعديد من الإجراءات والتسهيلات والقوانين والتشريعات من أجل تحسين مناخ الاستثمار لديها من خلال تقديم العديد من الحوافز والضمانات للمستثمرين على اختلاف جنسياتهم ومنابتهم من العرب والأجانب، إلا أن تدفقات الاستثمارات العربية والأجنبية سواء كانت مُباشرة أو غير مباشرة فلا زالت تعاني مثلها مثل العديد من الاستثمارات المحلية العديد من المعوقات القانونية والتشريعية والإدارية والمالية ومؤخرا الضريبية.

لقد قامت عدد من الدول بإجراء بعض التعديلات على بعض من القوانين والتشريعات ومنها قوانين ضريبة الدخل والدخل الخاصة بالضريبة وماهية الأرباح والعوائد المالية التي تخضع لاحتساب الضريبة ومن تلك الدول سلطنة عُمان.

إن ضريبة الدخل في أي دولة تشكل أهم مصادر الدخل للحكومة ويكون أحد أهم العوامل الداعمة والجاذبة للمستثمرين في البدء بأية عملية استثمارية. وعلى الرغم من عدم تزايد أهمية ضريبة الدخل إلا في السنوات الأخيرة خصوصا فيما بعد الانخفاض الشديد لأسعار النفط وبالتالي للإيرادات الحكومية التي كانت تُشكل الإيرادات النفطية فيها أكثر من 85% وبالتالي زادت أهمية ضريبة الدخل كمصدر هام ومتنام للإيرادات المالية للدولة وبالتالي مصدرا من مصادر الدخل غير النفطية للحكومات الخليجية بشكل عام والسلطنة بشكل خاص . إن تعزيز الإيرادات الحكومية وتنويعها كان وما يزال أحد أهم المطالب المالية والاقتصادية والتشريعية خلال السنوات العشر الماضية للوصول إلى تعزيز التنوع المالي والاقتصادي للدولة وتقليل الاعتماد اللامتناهي على العوائد النفطية.

إن التعديلات الأخيرة والواسعة التي أجريت على قانون ضريبة الدخل العُماني ، وهي التي كانت من أهم بنودها رفع ضريبة الدخل على المؤسسات والشركات العمانية وفروع الشركات الأجنبية من 10% إلى 15% وإلغاء الحد الأدنى للإعفاء الضريبي البالغ 30 ألف ريال عماني وفرض ضريبة بسيطة بنسبة 3% على بعض المنشآت الصغيرة مراعاة لأوضاعها إضافة إلى إلغاء الإعفاء من ضريبة الدخل لأنشطة التعدين وعدد من الصناعات الأخرى مع الإبقاء على الإعفاء الوجوبي لقطاع الصناعة لمدة خمس سنوات (غير قابلة للتجديد)، وذلك وفقا لضوابط وشروط يقرها مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة.

إن التعديلات الأخيرة على قانون الضريبة على الدخل عدلت الضريبة على توزيعات الأرباح للشركات للشخص أو المستثمر الأجنبي من ناحية إن كان مقيما أو غير مقيم، أي بمعنى آخر الفئة المستهدفة مما يعني وجوب دفع ضريبة على الأرباح النقدية الموزعة للشركات المساهمة والمُستفيد منها الأجنبي (المقيم وغير المقيم).

وتتضمن كذلك التعديلات الضريبية الجديدة توسيع الوعاء الضريبي وفرض ضريبة بواقع 10% من إجمالي المبلغ المدفوع للشخص الأجنبي (الذي لا يُمارس النشاط في السلطنة عن طريق منشأة مستقرة فيها) ، وذلك على بعض أنواع الدخول التي تتحقق في عمان وتشمل الأتاوى ، أتعاب الإدارة، إجراء البحوث والتطوير واستخدام برامج الحاسب الآلي.

إن هذه التعديلات الضريبية بالإضافة إلى زيادة معدل الضريبة على الأرباح الصافية للشركات من 12% إلى 15% مع إلغاء الحد الأدنى من الإعفاء الضريبي لمبلغ 30 ألف ريال عُماني، وعلى الرغم من ضرورة وجود بعضها ولكن بشكل أكثر تنافسية وجاذبية لبعض القطاعات الاقتصادية أن تكون ضرائب تصاعدية للقطاعات الحيوية التي وصلت لمرحلة النضوج وضرورة تخفيضها للقطاعات الواعدة والمطلوب الاستثمار بها خصوصا من قبل المُستثمرين الأجانب الذين في العادة لا يجلبون معهم فقط الاستثمار المالي بل المعرفة الفنية والتقنية والإدارية والتسويقية والتفاوضية لتسويق تلك المنتجات والخدمات الناتجة عن تلك الاستثمارات.

برأيي ستؤدي تلك التعديلات إلى قيام غالبية الشركات من خلال مجالس الإدارة وخصوصا في حال وجود تمثيل كبير للمُستثمرين في تلك المجالس بإجراء العديد من التعديلات على سياسات توزيع الأرباح ومنها إيجابي ومنها سيكون سلبيا طبقا لنوعية وجنسية وأهداف المُستثمرين ومنها:

1. إن استبدال الشركات التوزيعات النقدية بتوزيعات سهمية (غير خاضعة لضريبة الدخل) مما سيؤدي إلى زيادة أعداد الأسهم المعروضة وزيادة سيولتها وبالتالي ستحدث ضغوطا على أسعارها.

2. في حال قيام الشركات بموافقة الجمعيات العامة لتلك الشركات باستبدال التوزيعات النقدية بتوزيعات سهمية سيؤدي إلى الضغط بشكل كبير على معدل الربح للسهم الواحد أو بما يُسمى EPS.

3. قيام المُستثمرين الأجانب بمحاولة إما استبدال استثماراتهم بالشركات ذات التوزيعات النقدية لشركات ذات توزيعات سهمية في حال استمرار رغبتهم بالاستثمار في الدولة.

4. قيام المُستثمرين بتسييل استثماراتهم وبيعها ما قبل إجراء التوزيعات النقدية من أجل التخلي عن أية أرباح نقدية مما يشكل المزيد من الضغوط على الأسعار.

5. انتقال المُستثمرين لأسواق ومناطق أكثر جاذبية للاستثمار من حيث النمو والربحية ومعدلات الضرائب.

وتكون نصيحتنا للمُستثمرين الأخذ بعين الاعتبار تأثير الضرائب على أرباح الشركات لعام 2017 وبالتالي الأثر المحتمل على قُدرة تلك الشركات على التوزيعات النقدية والسهمية (إن وجدت) لعام 2017م بنفس مستويات الأعوام السابقة وهو الأمر الذي يجذب عادة اهتمام مديري الاستثمار أثناء أخذ قراراتهم الاستثمارية.