المنوعات

السُّميسَر.. شاعر الهجاء والثورة والزهد الأندلسي

30 أبريل 2017
30 أبريل 2017

كتب: ماجد الندابي -

صدر عن دار الكتاب المصري كتاب جديد يتحدث عن أحد أبرز الشعراء الذين ظهروا في عهد ملوك الطوائف في الأندلس، وهو الشاعر خلف بن فرج الألبيري، الذي اشتهر بكتابة المقطوعات الشعرية.

هذا الكتاب الذي أعده وقدم له الباحث العماني إسماعيل بن بن حمد بن عبدالله السالمي جاء بعنوان «شعر السميسر» والسميسر هو لقب الشاعر الألبيري وقسم الباحث هذا الكتاب إلى مقدمة وفصلين، الفصل الأول قدم فيه قراءة في شعر السميسر من حيث بنية أشعاره، ودلالة اللفظ والمعنى، وتأثره بالقرآن الكريم، ودلالاته المعجمية، والغزل، والثورة، والتصوير في شعره.

وكذلك دراسة اللفظة المفردة، كالنداء، وصيغة الجمع، والاستفهام، والتضاد، والاقتباس والتضمين، وصيغة الأفعال. وكذلك استعراض وسائل التجسيد في شعر الألبيري كالتشبيه والاستعارة والكناية وتناص الألفاظ والمعاني.

كما تناول السالمي في هذا الفصل الموسيقى الداخلية في شعر السميسر، كرد العجز على الصدر، والألفاظ التي تتكرر فيها بعض الحروف، والترصيع. أما في الفصل الثاني فهو جمع لما توفر من شعر السميسر.

هذا الكتاب الذي جاء في 144 صفحة من المقاس المتوسط، وذكر السالمي في مقدمته تعريفا بهذا الشاعر ذاكرا أنه كان يكنى أبا القاسم وقد ولد في غرناطة وتكونت شخصيته فيها فهجا ملكها باديس بن حبوس وحفيده عبدالله بن بلقين، ثم هرب من غرناطة، وطارده المعتصم بن صمادح حتى وقع في يده، فعفا عنه وأكرمه وعاش في كنفه، وتوفي سنة 484هـ إثر مرض عضال ألم به.

أما بالنسبة لمصادر شعره فقد أورد له ابن بسام 41 قطعة من الشعر كانت هي المصدر الرئيسي للباحثين ولمن كتب عنه. وكان السميسر كثير الهجاء وله كتاب سماه بـ«شفاء الأمراض في أخذ الأعراض»، أما أشعاره الزهدية فيرى كثير من الدارسين أن شعر السميسر في الزهد ليس من باب الزهد، «فهو انتحى الزهد لإحساسه بالغبن في الدنيا، واتخاذه وسيلة للثورة على مجتمعه، فهو لم يكن من الزاهدين، وكان زهده باللسان دون الاعتقاد به والاعتماد له مذهبا، لقد زهد شعره حين قصرت أحواله عن مطالبه».

وبين السالمي أن السميسر لم يكن مادحا فهو يذكر أنه لم يصل إلينا من شعره في المديح إلا أبيات في ابن شرف وبيتان في المعتصم، ولئن كان السميسر ليس فيلسوفا ولا زاهدا، فلا شك أن ما وصلنا من شعره يصور حالته النفسية سواء أكانت بما قاله من وصف حاله في المجتمع أو ما قاله في الهجاء أو الثورة أو الزهد، فإنه شاعر بشهاد الجميع وانه نقل إلينا وصور حالة الأندلس في زمنه خير تصوير، ونرى ذلك أيضا في شعره التناص مع آيات القرآن الكريم، فهو حافظ للقرآن شارب لمبادئه متأثر بمفرداته ومعانيه.

وما وصل في الشعر الأندلسي في الهجاء أقذع، وفي السياسة والثورة كان شعره بأبياته المقطعة أسرع وأعمق في الرؤيا والتعبير.

ويقول السميسر في إحدى مقطوعاته الزهدية:

جملة الدنيا ذهابُ مثل ما قالوا سرابُ

والذي منها مشيدٌ فخراب ويبــابُ

وأرى الدهر بخيلا أبدا فيه اضطرابُ

سالب ما هو معط فالذي يعطي عذابُ

وليوم الحشر إنعا مٌ سؤال وجوابُ

وصراط مستقيم يوم لا يطوى كتابُ

فاتق الله وجنِّب كل ما فيه حسابُ

ومن هجائياته:

جاد على بخل علي تلك في العالم ندرة

فهي كالنار اعترتها عصر إبراهيم قرة

جاد نزرا فقبلنا درهم الساقط بدرة

عجب الناس وقالوا كيف نيلت منه درة

عملت فيه رقانا فلذا خالف أمره

هل رأيتم بعد موسى أحدا فجر صخره

وفي أحد حكمه يقول:

لا توقدن عدوا وأطفه بالتوددْ

فالنار بالفم تطفأ والنار بالفم توقدْ